اقتصاد

نصيب كل فرد من الدين العام 94 ألف دولار.. أميركا تصل إلى حد ديونها الأقصى

واشنطن – أخطرت وزيرة الخزانة جانيت يلين الكونغرس بأن الولايات المتحدة ستصل إلى حد الدين القانوني غدا الخميس، وطلبت من رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي إما تعليق وإما زيادة حد الديون.

وذكرت يلين أن وزارة الخزانة ستبدأ “في اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية لمنع الولايات المتحدة من التخلف عن الوفاء بالتزاماتها”، وحذرت من أن “الفشل في الوفاء بالتزامات الحكومة سيتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه للاقتصاد الأميركي وسبل عيش جميع الأميركيين والاستقرار المالي العالمي”.

وتعرض الجزيرة نت كل ما يتعلق بمعضلة سقف الدين الأميركي، الذي إن أصبح أزمة فلن تبقى أثارها داخل أميركا، بل تمتد لكل أنحاء العالم.

يبلغ إجمالي الدين الوطني للولايات المتحدة حوالي 31.4 تريليون دولار، وهو الحد الأقصى الذي يمكن للحكومة الأميركية استدانته، وهذه هي الأموال التي تدين بها الحكومة الأميركية للأشخاص الذين اشتروا سنداتها وأدوات الدين الأخرى، وتحتفظ شركات أميركية أو مواطنون أميركيون بالكثير من هذه الديون، على الرغم من أن الحكومات والمواطنين الأجانب احتفظوا بالمزيد في السنوات الأخيرة، وبلغت قيمتها 7.5 تريليونات دولار، وللصين واليابان وبريطانيا حصة الأسد من هذه الديون.

وهناك نحو 8.5 تريليونات دولار من هذا الدين هو ما يسمى “الحيازات الحكومية الداخلية”، وهذا يشمل الصناديق الحكومية مثل الضمان الاجتماعي وصناديق التقاعد الحكومية المختلفة، وهذه الصناديق تشتري الديون الأميركية مما يعني أنها تقرض الأموال لبقية الحكومة.

  • لماذا تستدين الحكومة الأميركية؟ ومتى بدأت بذلك؟

تستدين الحكومة الأميركية لتغطية فجوة حجم نفقاتها الذي يزيد عن حجم إيراداتها السنوية، وبدأت الحكومة الأميركية في الاستدانة المنتظمة قبل أكثر من 100 عام، وتحديدا عام 1917 إثر دخولها الحرب العالمية الأولى بهدف تهدئة الصقور الماليين والانعزاليين الذين إما عارضوا دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى، وإما لم يرغبوا في اقتراض الكثير لدفع ثمنها.

ولم يكن الأمر يبدو تماما كما هو عليه اليوم، إذ كان هناك في الواقع حدود متعددة لأنواع مختلفة من الديون الحكومية تمت مراجعتها عام 1939 عشية الحرب العالمية الثانية، لدمج حدود الديون المنفصلة هذه في حد واحد، وأصبح الكونغرس يصوّت لرفع الحد مع كل مرة يقترب فيها الدين العام من حدوده القصوى.

  • ماذا يعني أن تصل الحكومة لسقف الدين الذي حدده الكونغرس؟

لا يمكن للحكومة تخطي مستوى سقف الدين الذي حدده الكونغرس، ورفع السقف آخر مرة بمقدار 2.5 تريليون دولار في ديسمبر/كانون الأول 2021 ليصل إلى ما 31.4 تريليون دولار.

ومن الناحية القانونية، يحق للحكومة الفدرالية اقتراض الأموال عند هذا المستوى، طالما أنها لا تتجاوز سقف الديون الذي حدده الكونغرس، ولكن إذا وصلت إلى هذا الحد، فإن وزارة الخزانة ستعاني من نقص في المال، وهذا يعني أنها لا تستطيع تلبية التزاماتها وعلى رأسها المرتبات الفدرالية، أو دفع ثمن المشتريات الحكومية، أو اقتراض المزيد من الأموال.

  • ما موقف الكونغرس من احتمال رفع حد سقف الدين؟

على مدى العقود الماضية، تجنب الكونغرس خرق حدود الدين العام، لكن الجمهوريين أصحاب الأغلبية في مجلس النواب حاليا قالوا إنهم لن يدعموا زيادة سقف الديون هذه المرة ما لم يتم تخفيض في الإنفاق الحكومي أو يتم الحصول على تنازلات أخرى.

  • ماذا سيحدث إذا فشل الكونغرس في رفع سقف الدين؟

إذا وصلت الولايات المتحدة إلى سقف ديونها ولم يرفعها الكونغرس، فسيتعين على وزارة الخزانة اتخاذ “تدابير استثنائية” لتجنب كارثة مالية لن تبقى داخل الحدود الأميركية، وستبدأ وزارة الخزانة في نقل الأموال لتغطية النقص في التدفق النقدي، ويمكن أن تستمر هذه الإجراءات لبضعة أسابيع أو أشهر فقط. بمجرد نفاد هذه التدابير، ستواجه الحكومة الفدرالية صعوبة في سداد التزاماتها، مثل شيكات الضمان الاجتماعي وتكاليف الرعاية الطبية.

  • كيف يمكن فهم حجم الدين العام الأميركي بصورة مبسطة؟

بلغ الرقم الرسمي لوزارة الخزانة الأميركية لديون الحكومة الفدرالية 31.4 تريليون دولار، وهذا يعني أن:

  • نصيب كل مواطن أميركي من الدين العام يقترب من 94 ألف دولار.
  • نصيب كل عائلة أميركية من الدين العام يقترب من 239 ألف دولار.
  • الدين العام يبلغ أكثر من 6 أضعاف الإيرادات الفدرالية السنوية.
  • يبلغ الدين العام 125% من الناتج الاقتصادي الأميركي السنوي “جي دي بي” (GDP).
اقرأ ايضاً
"ديزل"الاقتصاد في خطر
shutterstock 551268823 copy
الحكومة الأميركية تستدين لتغطية فجوة حجم نفقاتها الذي يزيد عن حجم إيراداتها السنوية (شترستوك)
  • هل سبق أن تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها؟

حتى الآن، لم تتخلف الولايات المتحدة قط عن سداد ديونها، لكن يلين تحذر من أنه إذا فشل الكونغرس في التحرك، فقد يحدث ذلك بحلول شهر يونيو/حزيران القادم.

وكانت آخر مرة وصلت فيها الولايات المتحدة إلى سقف ديونها عام 2011، وحدثت هزة في الأسواق، وانخفضت أسعار الأسهم، وأثرت سلبا على مدخرات التقاعد للناس، كما كانت هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها الحكومة الفدرالية تخفيض تصنيفها الائتماني. وعلى الرغم من أن البلاد تجنبت التخلف عن السداد، فإن وزارة الخزانة وجدت أن التأخير في رفع الحد أدى إلى كدمات في الاقتصاد، الأمر الذي استغرق شهورا للتعافي.

  • ما موقف البيت الأبيض من هذه الأزمة؟

قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير للصحفيين يوم الجمعة الماضي إن “الكونغرس يحتاج إلى رفع حد الدين دون شروط”.

  • ماذا يحدث إذا لم تستطع الحكومة الأميركية الاستمرار في الاقتراض؟

لا أحد يعرف، فلم يسبق أن وصلت الحكومة الأميركية إلى عدم امتلاك القدرة على دفع فواتيرها، وإذا لم تعد الولايات المتحدة قادرة على الاقتراض، فقد تضطر الحكومة إلى التوقف عن دفع الكثير من المال.

وستظل بعض الأموال تأتي، لكنها ليست كافية لتغطية جميع نفقات الحكومة، وهذا يعني أنه سيتعين على وزارة الخزانة أن تقرر أيها ستدفع في الوقت المحدد وأيها تؤخر، كما أن تقليص الأموال الحكومية التي تتدفق من خلال شيكات الرواتب الفدرالية والمقاولين ومدفوعات المزايا يمكن أن يؤدي بسهولة إلى إبطاء الاقتصاد. والخوف الرئيسي الآخر هو أنه سيقلل الثقة في الديون الأميركية، وقد تذوقت الولايات المتحدة طعم ذلك عندما اقتربت البلاد من حد الاقتراض في عام 2011، وعانت من أول تخفيض ائتماني لها على الإطلاق نتيجة لذلك، عندما خفضت “ستاندرد آند بورز” تصنيف “إيه إيه إيه” (AAA) للبلاد -وهو أعلى مستوى ممكن- إلى “إيه إيه +” (AA +).

  • ماذا ستكون تبعات تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها أو عدم قدرتها على استدانة المزيد؟

سيؤدي ذلك بالأساس لفزع المستثمرين، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف اقتراض الحكومة بمقدار 1.3 مليار دولار عام 2011، وإذا فقد الناس الثقة في الديون الأميركية، ينسحبون من أسواق الأوراق المالية، مما يدفع العائدات إلى الارتفاع، وهذا يمكن أن يدفع أسعار الفائدة إلى الارتفاع على الاستثمارات الأخرى مثل الرهون العقارية، ويمكن أن يبطئ الاقتصاد إلى حد كبير، ورغم أن التخلف عن السداد قد يكون كارثة اقتصادية أميركية، فإن تبعاته ستكون عالمية بامتياز.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى