الاخبار العاجلةسياسة

مخيم المُناصرة.. نموذج يطالب الغزيون بتطبيقه في مراكز النزوح

غزة – على خلاف المعتاد، يُبدي النازحون المقيمون في مركز إيواء “مخيم المُناصرة الأردنية” في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة ارتياحهم لظروف الحياة التي يوفّرها لهم، فالمركز لا يحتوي على خيام، بل على غرف معدنية تقي النازحين المطر وتقلبات الطقس، وتم تزويده بشبكة صرف صحي ومراحيض لائقة، ولا يعاني المقيمون فيه من الاكتظاظ.

بالمقابل، يعاني النازحون في مراكز الإيواء الأخرى من قسوة الحياة فيها، حيث توفّر لهم خياما مصنوعة من القماش أو النايلون، وتكتظ بأعداد كبيرة من الأشخاص، ولا تحتوي على مراحيض أو شبكات للصرف الصحي.

ويستضيف المخيم، الذي أُقيم بالقرب من مستشفى شهداء الأقصى، فئات من المرضى، وخاصة المصابين بالفشل الكلوي، لتسهيل عملية غسيل الكلى عليهم، ويأمل بعض النازحين أن يمثّل هذا المركز نموذجا تحتذي به الجهات المانحة خلال إقامتها مراكز الإيواء، بحيث توفر للمقيمين فيها ظروف حياة مناسبة قدر الإمكان.

مخيم المناصرة يقدم نموذجا أفضل من بقية مراكز الإيواء لاحتوائه على مراحيض وصرف صحي وغرف معدنية
وجود المخيم قرب مستشفى شهداء الأقصى ساعد في التخفيف على المرضى الذين يترددون عليه (الجزيرة)

أولوية مرضى الكلى

يقول المشرف محمد خليل إن المخيم يضم 128 غرفة معدنية، تقيم بها نحو 170 عائلة، وقال للجزيرة نت إن “المخيم أنشئ بتمويل من محسنين من الأردن ومن مؤسسات نرويجية وجزائرية، وأشرف على إنشائه جمعية دار اليتيم الفلسطيني، وتديره حاليا لجنة الطوارئ العامة الحكومية”.

ويوضح خليل أن الغرض من المشروع إيواء النازحين الذين شردوا من كافة مناطق قطاع غزة، إلا أن القائمين عليه قرروا استثمار قرب المخيم من مستشفى شهداء الأقصى لإسكان النازحين المرضى، وخاصة المصابين بالفشل الكلوي أو الجرحى الذين يتلقون العلاج بقدر المستطاع، “لأن الحاجة أكبر بكثير من الموجود”، حسب وصفه.

ويعاني النازحون المصابون بالفشل الكلوي من صعوبات جمّة في عملية غسيل الكلى نظرا لعدم توفر المواصلات وصعوبة تنقلهم بين المناطق في ظل كثافة اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي، واضطرت المستشفيات في وسط وجنوب القطاع إلى تقديم خدمة غسيل كلى جزئية للمرضى نظرا لارتفاع أعداد المستفيدين بعد نزوح الكثير منهم من شمالي غزة، وقلة الإمكانيات والأجهزة الطبية، مما تسبب بتدهور أحوال الكثير منهم ووفاة بعضهم.

وذكر خليل أن “من مميزات المخيم توفير ظروف حياة آدمية قدر المستطاع للنزلاء، إذ إن غرفه من المعدن وتقي من تقلبات الطقس، ومربوطة بشبكة الصرف الصحي، حيث تم تخصيص مرحاض لكل 4 غرف، كما يتوفر الماء بشكل دائم في المخيم”.

عائشة مطر تقيم مع زوجها في مخيم المناصرة وتقول إنها تشعر بالرضا تجاه الخدمات التي يقدمها
عائشة مطر تقيم مع زوجها في مخيم المناصرة وتقول إنها تشعر بالرضا تجاه الخدمات التي يقدمها (الجزيرة)

ميزات نادرة

بعدما علمت أنه قريب من المستشفى، لم تتردد عائشة مطر (68 عاما) التي تعاني من الفشل الكلوي وسرطان الثدي، في الانتقال للعيش في مخيم المناصرة، وتقول للجزيرة نت “غسل الكلى في الحرب معاناة كاملة، كنا نعاني من المواصلات وتكلفتها، كنت أدفع 60 شيكلا في اليوم، وأحيانا كنا نتأخر في غسيل الكلى لمنتصف الليل ونضطر أن ننام في المستشفى”.

وتضيف “أما في المخيم فالأمور مختلفة، حيث إن المكان قريب من المستشفى، وغرفه أفضل بكثير من الخيام وتقي من الأمطار”، وتبدي سعادتها بوجود مرحاض خاص يتم تنظيفه بشكل دائم، ويحتوي على مغسلة وإمكانية للاستحمام.

اقرأ ايضاً
إعلام إسرائيلي: تحرير الأسرى الفلسطينيين وارد ولا نريد وساطة مصرية
محمد صالح: "الكرفان (الغرفة المعدنية) أفضل بكثير من الخيمة وهنا حمام لأربع كرفانات فقط وهذا شيء ممتاز
محمد صالح اعتبر أن الكرفان أفضل بكثير من الخيمة التي تفتقر للمرحاض (الجزيرة)

ونظرا للتجربة المريرة التي مر بها المريض النازح محمد صالح (70 عاما) في عملية غسيل الكلى في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، كانت الإقامة في مخيم المناصرة بالنسبة له بمثابة نجدة، فقد كان يقيم في خيمة في منطقة “مواصي رفح”، وكان يضطر لدفع مبلغ يبلغ 120 شيكلا (33 دولارا) مقابل المواصلات التي تقله إلى المستشفى، رغم أنه لا يملك مصدر دخل بعد تدمير البقّالة التي كان يمتلكها في منطقة “مشروع بيت لاهيا” شمالي القطاع.

يقول صالح إن الإقامة في الخيمة كانت قاسية جدا عليه نظرا لافتقادها للمرحاض، ولأن المنطقة صحراوية وباردة في الليل وحارة في النهار، ويضيف “الحياة هناك تعب، حتى أولادي لا يملكون المال كي يساعدوني، فوضعنا المالي صفر، وكل أموالنا تدمرت، والحمد لله على كل شيء”.

وحينما انتقل صالح إلى مخيم المناصرة لمس فارقا كبيرا، ويقول “الكرفان (الغرفة المعدنية) أفضل بكثير من الخيمة، وهنا حمام لأربعة كرفانات فقط، وهذا شيء ممتاز”، وأشار إلى أن وجود مراحيض خاصة لأعداد قليلة من المساكن أمر مهم للغاية بالنسبة للمرضى ويقيهم الكثير من الأمراض، وهو أمر مفتقد في المخيمات الأخرى.

ويضيف صالح “أنا بجانب المستشفى، أذهب على كرسي متحرك وأعود، وإدارة المخيم توفر لنا الكثير من الأمور مثل المياه وتعبئة أنبوبة غاز، المخيمات هذه أفضل بكثير من رمي الناس في صحراء وخيام مع وجود كلاب وقطط وثعابين”.

تشعر الشابة الفلسطينية تسنيم حِجّي بالراحة في إقامتها في مخيم المناصرة
تشعر الشابة الفلسطينية تسنيم حِجّي بالراحة في إقامتها في مخيم المناصرة (الجزيرة)

مخاطر أقل

لا تزال الشابة الفلسطينية تسنيم حِجّي، المريضة بالفشل الكلوي، تذكر ذلك اليوم الذي طارت فيه خيمتها من شدة الريح، وسقط عليها حجر تسبب في إصابتها بجرح عميق في رأسها، لذلك تشعر تسنيم اليوم بالراحة في إقامتها في مخيم المناصرة.

تقول حجي التي نزحت من شمال قطاع غزة إلى وسطه، للجزيرة نت “خصصوا لنا مرحاضا لكل 4 غرف، وهذا شيء جيد ويجنبنا التلوث، في المدرسة كان هناك مرحاض واحد لكل النازحين، نحن المرضى نحتاج إلى النظافة”.

وتضيف “نشكر الدول التي أنشأت المخيم، الكرفان أحسن من الخيمة بكثير، ووفّر لنا أجرة الطريق”، وناشدت تسنيم الدول المانحة بتحويل كافة مراكز الإيواء الأخرى إلى مخيمات على نمط “المناصرة” لحماية النازحين من التلوث والأمراض وتقلبات الطقس.

مهرة: نحن بشر، ومن حقنا أن نعيش في مأوى مناسب لإقامة البشر
رائد مهرة: من حقنا أن نعيش في مأوى مناسب لإقامة البشر (الجزيرة)

ولا يقتصر المخيم على فئة المرضى، بل يستضيف نازحين أجبرتهم إسرائيل على ترك منازلهم شمالي قطاع غزة، ويبدي هؤلاء أيضا رضاهم عن جودة الحياة في المخيم قياسا بالأوضاع الكارثية في المخيمات الأخرى.

وفي هذا الصدد، يقول رائد مُهرة (30 عاما) “المكان أفضل من الخيام بكثير، هنا يتوفر حمام وماء وصرف صحي، ويقي من المطر، وأنظف وأفضل بكثير”، ودعا مهرة العاملين في مجال الإغاثة إلى إقامة مخيمات مماثلة، خاتما حديثه بالقول “نحن بشر ومن حقنا أن نعيش في مأوى مناسب لإقامة البشر”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى