الاخبار العاجلةسياسة

مليون شخص قضوا في حوادث قتل جماعية منذ 1990.. هل عجزت أميركا عن وقف دورة العنف المميتة؟

واشنطن- قُتل 7 أميركيين على الأقل في إطلاق نار بموقعين في بلدة “هاف موون” على يد رجل ستيني الاثنين الماضي، وذلك بعد يومين فقط من قيام رجل في الـ72 من عمره بقتل 11 شخصا في منطقة “مونتيري بارك”. وقبل ذلك بيوم واحد في مدينة أوكلاند، قُتل شخص بالرصاص وأصيب 7 أشخاص آخرين.

وبينما يعمل المحققون على تحديد دوافع هذه الحوادث، يعيش المجتمع الأميركي حالة صدمة وسط تكرار الدعوات لوقف جرائم العنف المسلح والقتل الجماعي.

وكالعادة عقب وقوع هذه الجرائم تشهد الولايات المتحدة الجدل ذاته وتتخذ الإجراءات التقليدية نفسها؛ حيث أمر الرئيس جو بايدن بتنكيس الأعلام فوق المباني الحكومية 3 أيام حدادا على الضحايا، ثم بدأت حرب كلامية بين الجمهوريين والديمقراطيين حول المسؤولية عن هذه الحوادث، وسط تذكير المواطنين الأميركيين بقوة ونفوذ “لوبيات شركات الأسلحة النارية”.

House Judiciary Committee meets to markup the "Protecting Our Kids Act" legislation on Capitol Hill
النائبة شيلا جاكسون لي من تكساس تحمل نسخة من دستور الولايات المتحدة أمام صور القتلى في إطلاق نار جماعي ببلدة أوفالدي (رويترز)

قتل جماعي مستمر

تُعرّف منظمة “أرشيف العنف المسلح” (GVA) جرائم القتل الجماعي، بأنها إطلاق نار يؤدي إلى إصابة أو قتل 4 أشخاص أو أكثر، ليس بينهم مُطلق النار ذاته. ومنذ بداية 2023 حتى 25 يناير/كانون الثاني الجاري، شهدت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 39 حادثة قتل جماعي، أي بمعدل أكثر من حادثة كل يوم.

وتشير بيانات مكتب التحقيقات الفدرالي إلى أن أعداد البنادق التي يملكها الأميركيون تزيد على أعداد المواطنين وبنسبة 120 بندقية لكل 100 أميركي. بينما أشار استطلاع حديث لمؤسسة “غالوب” أُجري في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى أن حوالي 45% من الأميركيين يعيشون في منزل به مسدس واحد على الأقل.

وقُتل العام الماضي حوالي 40 ألف شخص بأسلحة نارية وفقا لمركز أبحاث العنف المسلح في جامعة روتجرز بولاية نيوجيرسي. في حين كشفت دراسة -نشرتها أواخر العام الماضي دورية “جاما نت وورك أوبن” (JAMA Network Open) وتضمنت تحليلا لعدد وفيات حوادث الأسلحة النارية في العقود الثلاثة الماضية- عن مقتل ما مجموعه أكثر من مليون أميركي منذ عام 1990.

جهود لا تثمر

ومع كل حادث إطلاق نار جماعي في الولايات المتحدة تتجدد الدعوات لتبني سياسات أقوى لمنع المزيد من الحوادث. ومع ذلك، فإن جميع التشريعات التي يتم عرضها تقلل من الحوادث لكنها لا تمنعها ولا تعرقل عمليات شراء الأسلحة النارية.

وفي يونيو/حزيران الماضي، وعقب مجزرة في مدرسة ابتدائية بولاية تكساس راح ضحيتها 21 شخصا من بينهم 19 طفلا، وقبلها مقتل 10 أشخاص في حادثة بمتجر بقالة في مدينة بافلو بولاية نيويورك، وقّع الرئيس بايدن على ما وصف بأنه أهم قانون فدرالي لتنظيم حمل السلاح في الولايات المتحدة خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

ودعم أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي القانون الذي شمل حزمة إجراءات تفرض قيودا جديدة على شراء الأسلحة، ويخصص مليارات الدولارات لتمويل قطاع الصحة العقلية والسلامة المدرسية.

إلا أن حالة الاستقطاب الحادة بين الحزبين، إضافة لدعم الدستور لحق حمل وامتلاك السلاح، تصعّبان من إمكانية التوصل لقوانين رادعة يمكنها القضاء على ظاهرة القتل الجماعي بالأسلحة النارية أو التقليل منها.

اقرأ ايضاً
استياء وإحباط.. ما صحة وجود خلافات بين معسكري بايدن وأوباما؟
U.S. President Biden speaks about the U.S.-Mexico border during remarks at the White House in Washington
الرئيس بايدن دعا الكونغرس إلى تسريع تشريع قانونين يقيدان حمل الأسلحة في الولايات المتحدة (رويترز)

قيود يقترحها الديمقراطيون ويرفضها الجمهوريون

وأصدر البيت الأبيض بيانا الاثنين الماضي حول حادثة إطلاق النار التي وقعت في منطقة “هاف موون” جنوبي مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، ووصفها بأنها “عمل لا معنى له من أعمال العنف المسلح”.

ودعا الرئيس جو بايدن في البيان الكونغرس لتمرير مشروعين لقانونين يسعيان إلى حظر الأسلحة الهجومية ذات السعة التخزينية الضخمة للطلقات النارية، ورفع سن حق شراء السلاح إلى 21 عاما.

وبالفعل، قدم الديمقراطيون السيناتورة ديان فاينشتاين من كاليفورنيا، والسيناتوران كريس ميرفي وريتشارد بلومنتال، من كونيتيكت، تشريعا جديدا في مجلس الشيوخ مرتبطا بهذا الشأن.

وقال بايدن “حتى ونحن ننتظر المزيد من التفاصيل حول عمليات إطلاق النار هذه، فإننا نعلم أن آفة العنف المسلح في جميع أنحاء أميركا تتطلب اتخاذ إجراءات أقوى”. وأضاف “أحث مرة أخرى مجلسي الكونغرس على التصرف بسرعة وتقديم قانون حظر الأسلحة الهجومية إلى مكتبي للتوقيع عليه، واتخاذ إجراءات للحفاظ على سلامة المجتمعات والمدارس وأماكن العمل والمنازل الأميركية”.

من جانبها، تطالب قيادات أجهزة الشرطة في العديد من الولايات بضرورة إخضاع الأسلحة النارية لعملية تسجيل وتجديد كتلك التي يلتزم بها مالكو السيارات.

وتعتقد تلك القيادات أن مرور مشتري الأسلحة بعملية ترخيص سيخفّض من عمليات البيع غير القانونية، ويحدّث بيانات أجهزة الشرطة عن مالكي هذه الأسلحة، كما سيفرض الحرص على تأمين هذه الأسلحة المرخصة والمسجلة في دوائر الشرطة.

إلا أن الكثير من الفقهاء الدستوريين، وخاصة المحافظين منهم، يعتقدون أن هذا الإجراء يعتبر تخطيا وتعديا على الحق الدستوري في حرية اقتناء وحمل الأسلحة النارية.

حق دستوري مقدس

وثقافة امتلاك السلاح في أميركا لا مثيل لها حول العالم. وفي الوقت الراهن، يبدو أن دورة العنف المميتة مقدّر لها أن تستمر بلا توقف؛ فقد أقر الدستور الأميركي قانون حيازة السلاح باعتباره حقا للمواطنين، وبذلك تصبح الولايات المتحدة الدولة المتقدمة الوحيدة في العالم التي تسمح لمواطنيها بحمل السلاح في الشوارع، وهو أمر متجذّر في الثقافة الأميركية.

وفي يونيو/حزيران الماضي، أقرّت المحكمة الأميركية العليا السماح للمواطنين بحمل مسدسات مخفية ومحشوّة في الأماكن العامة، وألغت المحكمة ذات الأغلبية اليمينية قانونا في ولاية نيويورك يقيّد حمل الأسلحة النارية خارج المنازل، ويلزمهم بإثبات حاجتهم لترخيص حمله في الأماكن العامة.

من ناحية أخرى، يُعد الصيد باستخدام الأسلحة النارية في ولايات الغرب الأميركي جزءا من التراث الثقافي وأداة مهمة لإدارة الحياة البرية والاقتصاد الزراعي والحيواني.

ويمارس ما لا يقل عن 15 مليون أميركي هواية الصيد، ويعد هؤلاء من بين أبرز المؤيدين للرابطة الوطنية للسلاح، وهي أقوى مؤسسة داعمة لحق حمل السلاح.

ويشتري الأميركيون ما يقرب من 40 مليون قطعة سلاح بشكل قانوني سنويا، وفقا لسجلات مكتب التحقيقات الفدرالي، وهو ما يصعب عمليا من أي عملية لتحجيم استخدام أو امتلاك الأسلحة النارية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى