لماذا أعلن الأسرى الاستنفار في سجون الاحتلال الإسرائيلي؟
رام الله – على غرار كل أمهات الأسرى وأمهات الأسيرات خاصة، يعتصر القلق قلب والدة الأسيرة ميسون الجبالي إثر التصعيد الذي تشهده السجون الإسرائيلية بعد عملية إطلاق النار في القدس الأسبوع الماضي، ومحاولة الاحتلال مواجهة ما يصفه بمظاهر الفرح داخل السجون.
تقول الأم المكلومة منذ سنوات بسجن ابنتها إن آخر اتصال بينهما كان قبل 3 أيام، حين أبلغتها الأسيرة في سجن الدامون الإسرائيلي أن الاحتلال أغلق القسم الموجودة فيه ليومين، وفرض عقوبات عليها وباقي الأسيرات بسبب “إظهارهن الفرح” بعد إعلان نبأ عملية القدس، وعُزلت ممثلة السجن الأسيرة ياسمين شعبان وصودرت كل الأدوات الكهربائية من الغرف ومنعت الأسيرات من الخروج إلى الساحة، إلى جانب الحرمان من الاتصال بالعائلات.
وفي منزل عائلة ميسون ببيت لحم، تنتظر الأم آمنة عودة الاطمئنان على ابنتها المحكومة بالسجن 15 عاما على خلفية عملية طعن مجندة إسرائيلية عام 2015، لكن آمنة اليوم كغيرها من أهالي الأسيرات لا تجد وسيلة للتواصل مع ابنتها، خاصة وهي تتابع الأنباء التي تصل من سجن الدامون وتفيد بمحاولة الأسيرات حرق 3 غرف في القسم احتجاجا على استمرار الإجراءات العقابية بحقهن، والاعتداء عليهن بالضرب وسحب كل مستلزماتهن.
وفي حديتها للجزيرة نت، تقول آمنة والحزن يسيطر عليها “نعيش بقلق كبير، لا نعرف مصير بناتنا المعزولات عن كل العالم، وكل ما يجري معهن لا يصلنا إلا بعد أيام”.
الاستنفار العام
ما يحدث مع الأسيرات، وعددهن 29 أسيرة، من قمع وفرض عقوبات إثر عملية القدس، شمل أيضا مجموعة من الأسرى في سجن النقب الصحراوي، حيث عاقبت إدارة مصلحة السجون نحو 230 أسيرا من 3 أقسام، وحولتهم إلى العزل الجماعي، إلى جانب اقتحام القسم 20 في السجن ودهم عدد من الغرف داخله، والاعتداء بالضرب على بعض الأسرى. وفي ردهم على هذه الخطوات، أعلن 120 أسيرا من قسمي 26 و27 بالسجن الإضراب المفتوح عن الطعام.
أما في سجن مجدو فقد تعرض أسرى في قسمين لعمليات قمع واسعة ونقل بعضهم إلى العزل الانفرادي، بينما أغلق بالكامل سجن عوفر المقام على أراضي المواطنين غرب رام الله.
وصباح أمس الثلاثاء ومع توارد الأنباء عن قمع الأسيرات وضربهن، أعلن الأسرى الاستنفار العام في كل السجون، وهددوا بإجراءات تصعيدية في حال استمرار الإجراءات العقابية، معلنين أن الأسيرات “خطر أحمر”.
وتعتقل إسرائيل أكثر من 4700 أسير فلسطيني، موزعين على 23 سجنا ومركز توقيف، بينهم 29 أسيرة يحتجزن في قسم بسجن الدامون، و150 طفلا في أقسام بسجون عوفر ومجدو والدامون.
وفي هذا السياق، تقول الناطقة الإعلامية باسم نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة إن ما جرى في السجون هو تحويل الأقسام العادية إلى عزل جماعي، من خلال سحب مستلزمات الأسرى اليومية والأدوات الكهربائية.
وحسب سراحنة، فإن الاحتلال يدّعي أن هذه الإجراءات تأتي في أعقاب العملية، ولكن بالحقيقة إن المواجهة في السجون حالة مستمرة، سواء على المستوى الجماعي أو على مستوى الأفراد، وكل ذلك مرتبط بالإجراءات القمعية التي تفرضها في الأيام الأخيرة مصلحة السجون على الأسرى.
وفي حديثها للجزيرة نت، أوضحت المتحدثة أن المواجهة داخل السجون حاليا مختلفة، حيث الأسرى في مواجهة قرارات إسرائيلية عليا باستهدافهم، وليس الأمر مجرد إجراءات مرتبطة بمنظومة السجن من اقتحامات وعزل، وهذه القرارات منسجمة مع توجهات الحكومة الإسرائيلية بتشديد الخناق عليهم، وفق وصفها.
الحاجة لمساندة رسمية وشعبية
وإن كانت الإجراءات القمعية ليست بالجديدة، وتكررت أكثر من مرة سابقا، غير أن هناك ما يشير إلى أنها ستذهب إلى ما هو أبعد من عقاب، وهو ما يوافق عليه حسن عبد ربه الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى.
ويقول عبد ربه -للجزيرة نت- إن الإجراءات هذه المرة مختلفة في هدفها، فسلطات الاحتلال تحاول خلق توتر متعمد بقرار سياسي لاستهداف قضية الأسرى والهياكل التنظيمية لهم، وسحب الوضع القانوني لهم بصفتهم “أسرى حرب”، وتكريس التعامل معهم كإرهابيين بلا حقوق، وفق اعتقاده.
ولمواجهة كل ذلك، توقع عبد ربه إجراءات أخرى إلى جانب ما أعلنه الأسرى، مثل إغلاق السجون وإعلان العصيان والتمرد على منظومة السجون، مضيفا “يمكن أن تشهد السجون إضرابات متفرقة لمجموعات من الأسرى، أو بدء تنفيذ تهديداتهم بمهاجمة السجانين، وخطوات أخرى قد تصل إلى الإضراب الشامل عن الطعام في كل السجون”.
وحسب عبد ربه، فإن خطوات الأسرى الاحتجاجية تحتاج إلى دعم رسمي وشعبي، وأن لا تترك كأنها “مواجهة خاصة بين الأسير والسجان”.