171 مليون دولار حجم التبادل التجاري بين البلدين.. ما أهمية إعادة افتتاح معبر طورخم بين أفغانستان وباكستان؟
إسلام آباد– بعد أيام من إغلاقه إثر خلافات بين باكستان والحكومة الأفغانية وعمليات إطلاق نار بين الجانبين، أعيد افتتاح معبر “طورخم” بين البلدين -الأحد الماضي- الذي يعد شريان حياة رئيسيا في تبادل البضائع وسفر الأفراد، وذلك بعد إغلاق استمر أسبوعا كاملا.
وتسبب إغلاق المعبر في تلف بعض البضائع المتكدسة على جانبيه، ولم تكن هذه المرة الأولى فقد شهد المعبر إغلاقات متكررة سواء من الجانب الباكستاني أو الأفغاني، فضلا عن إطلاق نار في بعض الأحيان، الأمر الذي يتسبب -كل مرة- بخسارة للتجار الباكستانيين والأفغان، فضلا عن معاناة المسافرين على جانبي الحدود.
ويربط معبر طورخم بين إقليم خيبر بختونخوا في الجانب الباكستاني وإقليم ننغرهار في الجانب الأفغاني، ويستخدم لعبور الأشخاص والبضائع، ويكتسب أهمية على المستوى الدولي، حيث يعتبر أحد المعابر المخطط لاستخدامها ضمن مشروع الحزام والطريق الصيني.
وتأتي عملية افتتاح المعبر بعد 3 أيام على لقاء وفد باكستاني رفيع -يضم وزير الدفاع ورئيس الاستخبارات- بقيادة حركة طالبان في العاصمة كابل.
أهمية معبر طورخم
يشكل المعبر أهمية كبيرة لكلا البلدين، لا سيما لأفغانستان التي لا تمتلك حدودا بحرية، حيث يعد من أكبر المعابر المشتركة بين البلدين، ويربط بين كابل وجلال آباد على الجانب الأفغاني بمدينة بيشاور على الجانب الباكستاني عبر قرية طورخم الحدودية.
ولا يقتصر دور المعبر على التجارة المشتركة بين البلدين الجارين، إذ يمثل أهمية كبيرة للتبادل التجاري لهما مع دول آسيا الوسطى ومنفذا لهما للخارج.
وعام 2010 وقع البلدان اتفاقية التجارة العابرة “أبتا” (APTTA) لتسهيل التجارة بين البلدين، والتي مُنحت أفغانستان بموجبها حق الوصول إلى الموانئ الباكستانية للتجارة مع بقية العالم، مقابل منح باكستان إمكانية الوصول إلى أسواق آسيا الوسطى عبر أفغانستان.
ووفقا لتصريحات ضياء الحق سرهادي مدير غرف التجارة والصناعة الباكستانية الأفغانية المشتركة ورئيس جمعية وكلاء الجمارك الحدودية، فإن حجم التجارة بين البلدين ارتفع خلال يوليو/تموز وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، إلى 161 مليون دولار بزيادة قدرها 2.6 مليون عن الفترة السابقة.
وفي حديثه لصحيفة “بزنس ريكوردر” (Business Recorder) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تابع سرهادي أن المعبر من شأنه أن يصبح مركزا للأنشطة التجارية مما يعزز التجارة مع أفغانستان ودول آسيا الوسطى.
من جانبه، يقول شفيع الله قريشي أستاذ الاقتصاد بالجامعة الوطنية للغات الحديثة (NUML) -في إسلام آباد- إن التجارة بين البلدين ارتفعت على أساس سنوي بنسبة 25% بين ديسمبر/كانون الأول 2021 وذات الشهر عام 2022، حيث وصلت إلى 149 مليون دولار، ارتفاعا من 119 مليونا.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال قريشي إن التبادل التجاري وصل إلى 171 مليون دولار في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، لافتا إلى أن باكستان صدرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي ما قيمته 149.47 مليونا إلى أفغانستان، بينما استوردت بضائع بقيمة 57 مليونا من أفغانستان.
الخلافات وإغلاق المعابر
تتأثر المعابر الحدودية بين باكستان وأفغانستان بالخلافات بين البلدين، حيث تزداد الخلافات حول الحدود والإجراءات الأمنية المتخذة من كلا الجانبين، بالإضافة للتهديدات الأمنية التي تهدد كلتيهما نتيجة نشاطات بعض الجماعات المسلحة مثل حركة طالبان الباكستانية.
ويرجع إغلاق معبر طورخم الأخير وفقا للسلطات الأفغانية إلى فرض السلطات الباكستانية قواعد جديدة على مرافقي المرضى المنتقلين من أفغانستان إلى باكستان للعلاج، وهو ما أدى لإطلاق نار بين الجانبين لأسباب غير معروفة حيث حمّل كل منهما الآخر المسؤولية عن ذلك.
ولا يقف الأمر عند ذلك، إذ إن توتر العلاقات بين الطرفين الفترة الأخيرة كان عاملا رئيسيا آخر لإغلاق المعبر مرات سابقة، حيث تتهم باكستان حكومة طالبان بعدم اتخاذ إجراءات أمنية حازمة ضد حركة طالبان الباكستانية التي نفذت خلال الأشهر الماضية عددا من الهجمات والتفجيرات، كان آخرها هجوم على مركز شرطة في كراتشي عاصمة إقليم السند جنوبي البلاد.
ويقول طاهر خان المحلل السياسي وخبير العلاقات الباكستانية الأفغانية إن حجة طالبان لإغلاق الحدود تمثلت بأن باكستان لم تف بالتزاماتها، ويرى آخرون أن الخلافات بين الجانبين ليست جديدة، كما يعلق فضل القاهر قاضي الصحفي والباحث الأفغاني المقيم بكابل بأن النزاعات المرتبطة بالحدود بين البلدين، والبالغ طولها 2600 كيلومتر، ظلت موضع خلاف منذ عقود، وأن أهمها خط “دورند” المتنازع عليه والذي لا تعترف به أفغانستان.
ويتابع قاضي -للجزيرة نت- قائلا إن الاشتباكات تكررت بين الجانبين السنوات الـ 20 الأخيرة التي تولت إدارة حكم أفغانستان خلالها حكومة مدعومة من الولايات المتحدة، ثم تجددت بعد سيطرة طالبان على الحكم عام 2021، مضيفا أن من أهم أسباب ذلك عدم التنسيق حول إدارة المعبر بين الجانبين، حيث لا تمتلك إدارة طالبان خبرة في إدارة المعابر وكيفية التعامل مع المسافرين أو مع الجانب الباكستاني، وفق تعبيره.
طالبان والمعابر
ورغم وجود علاقات جيدة بين باكستان، وبين أفغانستان التي تديرها حكومة طالبان، بخلاف علاقات إسلام آباد مع الحكومة الأفغانية السابقة، فإن مشاكل الحدود والمعابر ظلت عامل توتر في العلاقات بين الطرفين حتى بعد سيطرة طالبان.
في السياق، يقول طاهر خان “لم يطرأ أي تغيير كبير على عمل المعبر بعد سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان، وأن إغلاقها للحدود كان نادرا، وهو ما جعل قرار طالبان الأخير بالإغلاق مفاجئا للكثيرين” لافتا إلى أن باكستان تتوخى الحذر بشأن حركة الركاب وسط مخاوف من دخول المسلحين إلى باكستان دون تأشيرات.
من جهته يقول قاضي إن المعبر شهد تغييرا على مستوى التشغيل والإدارة بين الحكومة الأفغانية الحالية والسابقة، مشيرا إلى أن السابقة كان لديها خبرة في إدارة المعابر، نظرا لتخرج العديد من أفرادها من كليات الشرطة وإدارة المعابر والجمارك، وأن معظم هؤلاء تركوا وظائفهم، الأمر الذي أحدث فرقا في العمليات التشغيلية وإدارة المعبر.
أهم المعابر المشتركة
ووفقا لتقرير نشر بصحيفة “إكسبرس تريبيون” في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن 5 معابر رئيسية تعمل الوقت الحالي بين باكستان وأفغانستان ويمر عبرها 13 ألف شخص يوميا ما بين تجار وزوار ومرضى، وإضافة لمعبر طورخم الرئيسي بين البلدين توجد 4 معابر أخرى هي:
- معبر تشمن: هو المعبر الرئيسي الآخر بين البلدين ويربط بين إقليم بلوشستان الباكستاني وإقليم قندهار الأفغاني من قرية سبين بولدك الأفغانية، ويكتسب أيضا مكانة دولية.
- خارلاتشي: طريق تجارة ومشاة يربط بين البلدين في منطقة كورام القبلية الواقعة في إقليم خيبر بختونخوا، وقد شهد عمليات إغلاق بين الفينة والأخرى لعدة أسباب.
- معبر غلام خان: وهو ثالث أكبر معبر بعد طورخم وتشمن ويستعمل للتجارة ومرور الأفراد، ويقع على الحدود في منطقة وزيرستان الشمالية بإقليم خيبر بختونخوا.
- معبر أنغور آدا: معبر حدودي بين جنوب وزيرستانس في خيبر باختونخوا الباكستانية وإقليم بكتيكا الأفغاني، ويستخدم للتجارة وعبور الأفراد.
وبالإضافة لهذه المعابر، توجد معابر أخرى فرعية أقل أهمية واستخداما، مثل نوا باس، أراندو، غورسال، ويسعى كلا البلدين لزيادة عدد المعابر لتنظيم الحركة والتجارة عبر الحدود.