الاخبار العاجلةسياسة

منتدى التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا.. تحديات دولية جديدة وإشكاليات التنمية ما بعد الوباء

موسكو- فعاليات مهمة تشكل أحداثا دولية كبرى تستضيفها أستانا عاصمة كازاخستان هذا الأسبوع، ابتداء من مؤتمر منتدى التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، مرورا باجتماعات مجلس وزراء خارجية رابطة الدول المستقلة، ومجلس رؤساء دول رابطة الدول المستقلة، وانتهاء بقمة “آسيا الوسطى-روسيا”.

لكن الحدث الأبرز يبقى مؤتمر منتدى التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا (سيكا)، فهو الأول من حيث الحجم والأهمية في فترة ما بعد الوباء. كما يتمتع بأهميته استثنائية نظرا لطبيعة وعدد الدول الأعضاء، وما يمكن أن يخرج به من جديد على مستوى التعاون بينها في الظروف الدولية المضطربة حاليا، وبالدرجة الأولى الحرب الروسية الأوكرانية، والأزمة غير المسبوقة بين موسكو والغرب.

وتضم منظمة “سيكا” 27 دولة أعضاء دائمين، و8 دول أخرى بصفة دول مراقبة و5 منظمات دولية. وتحوّلت المنظمة على مدى العقود الثلاثة الماضية، إلى منتدى فعال للدبلوماسية متعددة الأطراف، وقد وصل عدد من قادة دول المنظمة إلى العاصمة الكازاخية، منهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ومؤتمر التفاعل وبناء الثقة في آسيا هو منتدى دولي لتعزيز التعاون الهادف إلى ضمان السلام والأمن والاستقرار في القارة الآسيوية. ويقوم على فهم العلاقة المباشرة بين السلام والأمن والاستقرار في آسيا والعالم. ومن هنا يأتي تأكيد الدول الأعضاء التزامها بميثاق الأمم المتحدة، وأن السلام والأمن في آسيا يمكن تحقيقهما من خلال الحوار والتعاون اللذين يؤديان إلى الأمن المشترك غير القابل للتجزئة في آسيا.

وتعقد قمم منتدى التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا كل 4 سنوات، أما اجتماعات وزراء خارجية الدول المشاركة فتعقد كل سنتين، وتقع الأمانة العامة في عاصمة كازاخستان. كما أن توقيت الحدث في 12-13 أكتوبر/تشرين الأول ليس عرضيا، إذ يتزامن مع الذكرى الثلاثين لانطلاق مبادرة عقد المنتدى.

والأهداف الأساسية للمنتدى هي:

  • توسيع التعاون من خلال تطوير مناهج متعددة الأطراف لضمان السلام والأمن والاستقرار في آسيا.
  • مكافحة إنتاج المخدرات والاتجار بها على نحو غير مشروع.
  • توسيع التعاون التجاري والاقتصادي.
  • محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره.
Turkey's President Tayyip Erdogan visits Kazakhstan
الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف مستقبلا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد وصوله إلى أستانا (رويترز)

التأسيس

وطرحت فكرة عقد هذه المنتدى لأول مرة في جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 1992 من قبل أول رئيس لكازاخستان، نور سلطان نزارباييف. وكان الهدف منها إنشاء هيكل فعال ومقبول للجميع لضمان السلام والأمن في آسيا. ويمكن أن يكون أعضاؤه دولا يقع جزء من أراضيها في المنطقة الآسيوية. في البداية وقعت 15 دولة على إعلان مبادئ المنظمة في عام 1999 وأصبحت أعضاء مؤسسين لها.

لعبت الظروف الدولية المعقدة في فترة التسعينيات من القرن الماضي، دورا أساسيا في الدعوة لتأسيس هذا المنتدى. فقد شهدت هذه الحقبة اضطراب المجتمع العالمي بأسره، حيث انهارت إحدى القوى العظمى (الاتحاد السوفياتي)، وظهرت أكثر من 12 دولة جديدة على خريطة العالم، وترافق مع ذلك زيادة في عدد النزاعات العسكرية والسياسية في جميع هذه المناطق تقريبا، بما في ذلك أوروبا، فضلا عن تطور المواجهة المتزايدة والتناقضات ليس فقط بين الغرب والشرق، ولكن أيضا بين الشمال والجنوب.

اقرأ ايضاً
وزير الخارجية السعودي يبحث العلاقات مع نظرائه الجزائريين والقبارصة

كما جاءت الفكرة في الوقت الذي بدأت فيه وتيرة العولمة تكتسب زخما أكبر من أي وقت مضى، أدت مع مرور الوقت إلى تزايد الترابط الاقتصادي والسياسي بين عدد كبير من الدول.

سلاح ذو حدين

لكن هذه العولمة، بحسب الخبير الاقتصادي فيكنور لاشون، ليست مصحوبة فقط بالعوامل الإيجابية، كـ”المحو” التدريجي للحدود بين الدول، وحرية حركة رأس المال والعمالة والموارد الفكرية، والمعلومات، والتطور السريع للتجارة والعلاقات الاقتصادية بين البلدان. فمن جهة أخرى، كما يقول للجزيرة نت، تسببت في تدويل التحديات والتهديدات الجديدة، بما في ذلك الإرهاب، وظهور التطرف الديني، والاتجار بالمخدرات والأسلحة وغيرها.

ويتابع أن المبادئ والآليات التي تشكلت خلال العقود القليلة الماضية، والتي حددت إطار عمل وسلوك الدول في النظام العالمي وضمنت الاستقرار الإستراتيجي النسبي بدأت تفقد أهميتها نتيجة للتردي الحالي في الأوضاع الدولية، وانعدام الثقة بين اللاعبين الكبار على الساحة الدولة، مما أدى-من بين نتائج أخرى- إلى اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

على هذا الأساس، يشير لاشون إلى أنه ليس من باب المصادفة بروز تعريفات كـ”الحرب الباردة الجديدة” و”الحرب التجارية” و”الحرب التكنولوجية” وغيرها في قاموس الخبراء والسياسيين لوصف العلاقات الحالية بين الولايات المتحدة وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والصين من جهة أخرى.

CICA CONFERENCE
قمة سيكا تنعقد في ظروف دولية مضطربة ووسط أجواء الحرب الروسية على أوكرانيا (الجزيرة)

تحديات

ويشار إلى أنها المرة الثانية التي يجرى فيها هذا المنتدى في وضع دولي مضطرب. فالمنتدى السابق عقد في أجواء تفكيك نظام الحد من الأسلحة وعدم الانتشار، بعد انسحاب واشنطن من خطة العمل الشاملة المشتركة وخطط الانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، وكذلك الغموض الذي يحيط بمعاهدة ستارت 3. إضافة لذلك، تدمير النظام العالمي والنظام الاقتصادي الدولي، من خلال التركيز على تحقيق أهداف التنمية الخاصة بواشنطن ووضع المصالح الأميركية فقط في المقدمة، وبالتالي خلق حالة دولية غير مستقرة وغير صحية.

أما لانا ليكسيوتينا، فتقول إنه في ظل هذه الخلفية، تواجه الدول الأعضاء في المنتدى مهمة عاجلة تتمثل في إيجاد استجابات مشتركة للتحديات، فضلا عن توضيح الخطط والإستراتيجيات لتطوير المنتدى، مع الأخذ بعين الاعتبار بسبب التغيرات الخطيرة الراهنة على الساحة العالمية.

نحو عالم متعدد الأقطاب

وتتابع حديثها أن الدول الأعضاء قادرة في حال توفرت لديها الإرادة السياسية على أن تؤسس لمرحلة جديدة ونوعية من العلاقات الدولية، تواجه الأحادية القطبية. إذ تحتل هذه الدول أكثر من 90% من أراضي القارة الآسيوية، وتمتلك موارد هائلة وإمكانات فكرية إلى جانب ممرات النقل والأسواق سريعة النمو التي تنتج مجتمعة أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وثلثي النمو الاقتصادي العالمي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى