مذكرة قانونية تطالب الخارجية البريطانية بفرض عقوبات على قيس سعيد ووزراء بحكومته
لندن- أعلن المحامي البريطاني رودني ديكسون إطلاق خطوات قانونية من أجل مطالبة وزارة الخارجية البريطانية بفرض عقوبات على الرئيس التونسي و4 وزراء في حكومته، وذلك خلال ندوة في العاصمة البريطانية لندن حول الأزمة السياسية التونسية.
ورافق المحامي البريطاني في الندوة، كوثر الفرجاني، وهي ابنة النائب البرلماني التونسي السابق سيد الفرجاني المعتقل حاليا والذي أضرب عن الطعام منذ اعتقاله يوم 23 فبراير/شباط الماضي وحتى 11 مارس/آذار.
واستعانت كوثر الفرجاني بمكتب محاماة شهير في بريطانيا من أجل المضي في قضية فرض عقوبات على المتورطين في انتهاك حقوق والدها سيد الفرجاني والعشرات من المعتقلين في تونس.
فرض العقوبات
وكشف المحامي البريطاني رودني ديسكون أن هناك فصولا في القانون البريطاني تسمح للحكومة بفرض عقوبات على أشخاص متورطين في انتهاك حقوق الإنسان في أي مكان في العالم، وهناك العديد من الأسماء التي تقع تحت هذا القانون.
وأكد المحامي أنه يتعين على وزارة الخارجية البريطانية أن تفرض عقوبات على الرئيس التونسي قيس سعيد وعدد من المحيطين به، وهم اثنان من وزراء الداخلية التونسية ووزير الدفاع ووزير العدل، مؤكدا: “هؤلاء الأشخاص الخمسة لدينا أدلة على أنهم متورطون في انتهاكات حقوقية خطيرة من أجل إسكات أي صوت معارض أو شخص ينتقد قيس سعيد”.
وشدد المتحدث على أنهم قدموا لوزارة الخارجية ملفا كاملا “يظهر بالملموس وبكل الأدلة القانونية حدوث انتهاكات حقوقية وخروقات للقوانين الدولية”، مطالبا وزير الخارجية البريطانية بالتعامل مع الملف بالسرعة الممكنة.
أما عن العقوبات التي يتيح القانون البريطاني فرضها على الشخصيات المتورطة في انتهاك حقوق الإنسان فهي المنع من السفر إلى بريطانيا، وكذلك المنع من ممارسة أي نشاط تجاري داخل بريطانيا، وحجز كل الممتلكات ورؤوس الأموال الموجودة هناك.
وعن إمكانية توفر هذه الشخصيات الخمس على أي ممتلكات أو رؤوس أموال في بريطانيا، قال الخبير القانوني إن “الحكومة البريطانية لديها القدرة على تتبع الممتلكات التي لدى هؤلاء في بريطانيا إن وجدت، وظهر ذلك في قدرتها على تجميد رؤوس أموال عدد من رجال الأعمال الروس”، قبل أن يشير إلى أن هناك عددا من المعطيات السرية التي تم تقديمها إلى وزارة الخارجية البريطانية، ولا يمكن الإفصاح عنها في الوقت الحالي.
الانتقال نحو أوروبا
وأشار المحامي ديكسون أيضا -خلال الندوة- إلى أن مكتبه سيعمل على تطبيق إجراءات العقوبات في حال إقرارها من طرف وزارة الخارجية البريطانية، داخل بقية الدول الأوروبية “لأن هذه الدول لديها نفس نظام العقوبات المطبق في بريطانيا، وكذلك لديها بنية قانونية متشابهة”.
وبعد تعبيره عن ثقته بقوة الملف الذي تم تقديمه إلى وزارة الخارجية البريطانية، شدد المحامي البريطاني على أن “كل الأدلة تقول إن ما يحدث هو حملة قمع وانتهاك لحقوق الإنسان مستمرة وممنهجة ولا يتعلق الأمر بحالات منفردة”، مواصلا أن في الملف حالات لشخصيات من القضاء وبرلمانيين تعرضوا للاعتقال والضرب دون أي دليل ملموس ضدهم.
وخاطب المحامي البريطاني، وزير الخارجية البريطاني مذكرا إياه بأول خطاب ألقاه خلال توليه منصبه، بأن الدبلوماسية البريطانية لن تقف متفرجة أمام انتهاكات حقوق الإنسان في العالم، “ولهذا نطالب منه أن يتحرك بسرعة لإيقاف هذه الانتهاكات وحماية الأشخاص المعتقلين الذين أصبحت حياة بعضهم معرضة للخطر”.
ولفت المتحدث إلى أن الطرق القانونية لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان في تونس كثيرة، ومنها اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية، والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، إضافة لكون تونس موقعة على اتفاقية مناهضة التعذيب والإخفاء القسري.
أنقذوا والدي
بصعوبة غالبت كوثر فرجاني دموعها وهي تلقي كلمتها للحديث عن وضعية والدها الصحية وظروف اعتقاله، مستهلة الحديث بالتذكير بأن والدها يتعرض للاعتقال للمرة الثانية في حياته، “الأولى كنت ما زلت طفلة وأتذكر كيف تم اقتياده من البيت في عهد بن علي وكيف تعرض للتعذيب حتى أنه لم يعد قادرا على المشي”.
وأكدت كوثر أن والدها يدفع -للمرة الثانية- ثمن دفاعه عن الديمقراطية وحقوق الإنسان “ليتم اعتقاله وهو في عمر الـ68، وتوجه له تهم خطيرة دون وجود أي دليل”، مواصلة أن والدها طلب من القاضي الذي ترأس محاكمته أن ينظر إلى عينيه “لكن القاضي لم يستطع ذلك لأنه يعلم أنها قضية ملفقة ولا وجود فيها لأي دليل مادي”.
وبكثير من التأثر تحدثت كوثر عن وضع والدها الصحي الذي قضى حوالي أسبوعين مضربا عن الطعام، “لدرجة أنه في مرة فقد الوعي وتم إنقاذه في آخر لحظة كما أنه يفقد الوعي في الكثير من الأحيان ويعاني من الكثير من المشاكل الصحية”، مضيفة أنها وطيلة 24 يوما كان من الصعب عليها التواصل مع والدها.
وعبّرت كوثر عن إصرارها على إسماع أصوات كل المعتقلين “والتونسيين الذين في الداخل، لإطلاق سراح المعتقلين وضمان ألا يفلت المتورطون في انتهاك حقوق الإنسان من العقال”.