رياضة

أم 3 بنات وماتت والدتها وهي تشجعها بالمدرجات.. رحلة معاناة وانكسارات وتتويجات بحياة الملاكِمة المغربية خديجة المرضي

الرباط – لم يكن طريق الملاكِمة المغربية خديجة المرضي مفروشا بالورود، أول عربية وأفريقية حققت لقب بطلة العالم، بل عاشت إخفاقات وانكسارات وخيبات قبل أن تنجح في تحقيق إنجاز تاريخي للملاكمة النسوية المغربية والعربية والأفريقية.

وتوجت المرضي (32 عاما) بهذا اللقب بعد فوزها في النهائي على منافستها الكازاخية كونغيباييفا لازات، لتحصل على ذهبية بطولة العالم لوزن فوق الثقيل (أكثر من 81 كيلوغراما) في العاصمة الهندية.

وبعث ملك البلاد محمد السادس برقية تهنئة إلى هذه البطلة العالمية أشاد فيها بما بذلته من جهود حثيثة لتحقيق هذا الإنجاز العالمي بكل جدارة واستحقاق، مجسدة بذلك الحضور المتألق للرياضة النسوية المغربية قاريا ودوليا.

وتقول المرضي للجزيرة نت “عندما كنت في الحلبة كان مشهدان يحفزانني على عدم الاستسلام والقتال لآخر ثانية: صورة أمي رحمها الله وفرحة المغاربة”.

وكانت والدة المرضي الغائبة الحاضرة بقوة في كل نزالاتها منذ فارقت الحياة، في أكتوبر/تشرين الأول 2014، حين كانت تتابعها من المدرجات في إحدى مباريات كأس محمد السادس الدولية للملاكمة بمراكش.

لم يتحمل قلب الأم فرحة فوز ابنتها فسقطت مغشيا عليها بالمدرجات ونقلت إلى المستشفى حيث فارقت الحياة، وسط صدمة الجمهور الذي حضر المباراة.

وتستعيد المرضي تلك اللحظات الصعبة وتقول “قبل انطلاق المباراة، شجعتني أمي بكلماتها كما العادة وقالت لي: أريد أن أفرح بفوزك، حلمت مرتين بأن الملك وشحك بوسام بعد حصولك على الذهب”.

كانت هذه الكلمات الأخيرة حافزا ودافعا قويا للمرضي لتكمل البطولة مما أثار استغراب الجماهير حينها، حيث مسحت الشابة دموعها ودفنت حزنها لفترة ولعبت اليوم الموالي مباراة النصف نهائي ثم النهائي، وتوجت بالذهبية وفاء تحقيقا لحلم والدتها، تتوقف لوهلة وتضيف “توفيت والدتي بسبب الفرحة، تركتني وهي سعيدة وفخورة بي لذلك لعبت بكامل قوتي لتحقيق حلمها”.

غير أن المرضي عانت بعد انتهاء البطولة من اكتئاب حاد لمدة 6 أشهر، ولم تخرج منه إلا بعد متابعة مع طبيب نفسي ودعم ومساندة عائلتها، ونهضت من رمادها أقوى مثل طائر الفينيق لتستأنف المشاركة في البطولات.

الأمومة ليست عائقا

لم تكن الأمومة ومسؤوليات الأسرة عائقا أمام المرضي لاستمرار شغفها وعشقها لرياضة الملاكمة الذي ورثته عن والدها، بل إنها عملت بكامل جهدها وبدعم كامل من زوجها وعائلتها على الالتزام بالتدريبات ورعاية بناتها.

والمرضي أم 3 بنات هن إلهام وفاطمة الزهراء وسلطانة (12، 7، 1.5 سنة).

اقرأ ايضاً
كيف تبدو أبرز المنتخبات قبل 50 يوما من كأس العالم 2022؟

وتابعت “من الصعب جدا أن تكون المرأة ملاكمة في البطولات العالمية وأمّا في نفس الوقت، لكن الحمد لله على وجود عائلتي بجانبي، ومساندة زوجي ووالدي وأخواتي وزوجة أبي أيضا” وتوضح أنها كانت بعد كل ولادة تستأنف التدريبات وتشارك في البطولات وتحقق نتائج إيجابية.

وظفرت المرضي ببطولة المغرب عدة مرات، وخاضت دورة الألعاب الأفريقية مع المنتخب بالرباط سنة 2019 ونجحت في انتزاع الذهبية، وفي نفس السنة توجت بالبرونزية في وزن أقل من 75 كيلوغراما في بطولة العالم في روسيا في إنجاز تاريخي لأول مرة للملاكمة النسوية المغربية، ثم الفضية في وزن أكثر من 81 في بطولة العالم دورة إسطنبول سنة 2022، وذهبية بطولة أفريقيا دورة “مابوتو” (عاصمة موزمبيق) 2022.

الذهب الأولمبي

وعلى منصة التتويج، استرجعت المرضي مسارا طويلا من العمل الشاق والخيبات والنجاحات ولحظات الابتعاد الاضطراري عن الملاكمة.

وتروي للجزيرة نت “أن تكون بطلا للعالم ليس سهلا، لذلك كانت فرحتي كبيرة جدا، تذكرت كل مساري، فهذه سادس بطولة للعالم أشارك فيها، وبعدما كنت أحل في المرتبة الخامسة، وبعد حصولي على البرونزية والفضية، أتوج اليوم بالذهب” وأضافت “فرحت كثيرا لأنني حققت حلم أمي وأسعدت كل المغاربة”.

وتختم “الإنجاز الذي حققه المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم في مونديال قطر منحنا في منتخب الملاكمة حافزا للعمل أكثر، لنسعى من أجل حلمنا أيضا، ونواجه أقوى مدارس الملاكمة مثل روسيا وكازاخستان وأذربيجان ونتفوق عليها ونتوج بالذهب ونحقق الحلم”.

وكانت تبعات العملية القيصرية التي أجرتها لولادة ابنتها الثالثة حرمتها من المشاركة بالألعاب الأولمبية دورة طوكيو 2020 بعد أن قرر الطاقم الطبي عدم الموافقة على مشاركتها في تلك الدورة خشية تعرضها لمشاكل خطيرة إذا تلقت ضربة فوق الحزام من طرف الخصم، غير أن هدفها الآن -بعد الفوز بذهبية بطولة العالم- هو تحقيق ذهبية بالألعاب الأولمبية المزمع تنظيمها العام المقبل في باريس.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى