الاخبار العاجلةسياسة

عملية الأغوار.. اختراق نوعي رغم احتياطات الاحتلال الأمنية

نابلس – كلمح البصر نُفذت “عملية الأغوار” كما اصطلح على تسميتها فلسطينيا صباح اليوم الجمعة، وبآلية فاجأت الجميع من حيث الزمان والمكان، ولا سيما أنها وقعت بمنطقة توصف بأنها “أمنية” بامتياز لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وقال جهاز الإسعاف الإسرائيلي إن مستوطنتيْن قتلتا وأصيبت ثالثة بجروح خطرة اليوم الجمعة في إطلاق نار في منطقة الحمرا بغور الأردن شمال شرق الضفة الغربية. وذكر متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن المستوطنات الثلاث تعرضن لهجوم مسلح قبل أن ينسحب المهاجمون، وأنه اشتبه أول الأمر في تعرض السيارة لحادث سير، لكن تبيّن وجود آثار رصاص داخلها.

وعلى الرغم من عدم تحديد الجهة التي انسحب إليها منفذو العملية، فإن جيش الاحتلال انتشر بكثافة في مكان العملية والمناطق المحيطة، ولا سيما في محافظة طوباس شمال الضفة الغربية، وداهم الجنود القرى هناك، وصادروا تسجيلات كاميرات المراقبة، في حين أحرق المستوطنون منازل لمواطنين قرب مكان العملية.

ويحيط بموقع العملية مستوطنتا “الحمرا” و”مخورا” الجاثمتان على أراضي المواطنين في منطقة “فروش بيت دجن”، إضافة لمعسكر الفروش، كما يصنف جيش الاحتلال المكان ضمن المواقع الخاصة بالتدريبات العسكرية.

خطورة الموقع

ما حدث ليس فشلا أمنيا للاحتلال فقط، كما يقول الناشط في توثيق اعتداءات الاحتلال بمنطقة “فروش بيت دجن” محمد أبو ثابت، الذي أوضح أن العملية وقعت في مثلث يعدّ من أخطر المربعات الأمنية لجيش الاحتلال، والمعروف بمثلث جسر الحمرا، وهي منطقة غاية في الخطورة الأمنية بالنسبة للاحتلال.

ويضيف أبو ثابت للجزيرة نت أن المنطقة مراقبة بالأبراج العسكرية وبالكاميرات التي حدَّثها جيش الاحتلال مؤخرا وضاعف أعمدة الإنارة فيها، وهي قريبة أيضا من مستوطنة الحمرا ومعسكر آخر تابع لجيش الاحتلال في الجهة المقابلة للمستوطنة، والأعقد من كل ذلك أن العملية نفذت على بعد مئات الأمتار من حاجز الحمرا العسكري، المعروف بقبضته الأمنية على المنطقة وإجراءاته العسكرية المعقدة.

وأكد أن الشارع يصنف بأنه حيوي جدا ورابط بين 3 محافظات هي نابلس وطوباس وأريحا، وهو أيضا يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها عبر شارع 90، ويعد ثكنة عسكرية وحصنا لجيش الاحتلال، ولا تخلو منه دوريات عسكرية أو مركبات مستوطنيه على مدار الساعة.

وفضلا عن كونه ثكنة عسكرية، أصبح الموقع -وفقا لعضو مجلس قروي منطقة “فروش بيت دجن” توفيق الحاج محمد- بمثابة نقطة تفتيش دائمة للمركبات الفلسطينية عبر حواجز متحركة ينصبها جيش الاحتلال لتأمين مرور المستوطنين، إضافة للاقتحامات المتتالية للقرية وتفتيش المنازل واحتجاز المواطنين وتنغيص حياتهم.

ويقول الحاج محمد للجزيرة نت إن العملية خلل ذريع في أمن الاحتلال، مشيدا بإرادة وشجاعة المقاوم الفلسطيني الذي اقتحم المكان ونفَّذ عمليته وانسحب بهدوء، ومؤكدا أن إجراءات الاحتلال واعتداءاته هو والمستوطنين ضد الفلسطينيين تولّد المقاومة بكل أشكالها.

معسكر الفروش الخاص بجيش الاحتلال وترديباته والقريب من موقع العملية - الضفة الغربية- فروش بيت دجن- الأغوار الوسطى-الجزيرة نت6
معسكر الفروش الخاص بجيش الاحتلال الإسرائيلي وترديباته والقريب من موقع العملية (الجزيرة)

فشل أمني

في السياق ذاته، يقول المختص بالشأن الإسرائيلي سعيد بشارات إن الأغوار وأي منطقة بالضفة الغربية، ورغم تحصينات الاحتلال العسكرية والأمنية، تبقى ذات تضاريس جغرافية تسهل من تنفيذ مثل هذه العمليات، وتضعف من قدرة جيش الاحتلال على منعها.

ويوضح بشارات -الذي ينحدر من منطقة الأغوار الوسطى- أنه على الرغم من أن مكان العملية يوصف بأنه منطقة عسكرية مغلقة لجيش الاحتلال ومنطقة إستراتيجية للمستوطنين، فإن عمليات للمقاومة فيه تكون ناجحة كون أن من نفَّذ يعرف المنطقة وجغرافيتها جيدا.

على الصعيد الإسرائيلي، يقول بشارات إن العملية تعكس “تفككا حقيقيا وارتخاء” لدى جيش الاحتلال وقدراته العسكرية في ظل الوضع السياسي الإسرائيلي الحالي، خاصة بعد إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت على خلفية الاحتجاجات الداخلية على ما تعرف بتعديلات القضاء.

ويضيف بشارات أن الخلافات السياسية الموجودة في إسرائيل أوجدت جيشا غير قادر على الحراسة والمراقبة في الشوارع العامة، فضلا عن الحالة المتشابكة والمعقدة عند إسرائيل أمام جبهات المقاومة في الضفة والقدس وغزة ولبنان، مضيفا “وهذا كله خلق حالة عامة تستطيع المقاومة من خلالها استغلال الثغرات وتنفيذ عمليات ناجحة بامتياز”.

وقد اعترف قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي يهودا فوكس بفشل الجيش في منع العملية، على الرغم من تعزيزه بقوات من أجل حماية الطرق، في حين هاجمه رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية يوسي داغان قائلا “محاسبة المنفذين ليست المطلوب، نأمل حربا فعلية”.

عمليات وسط ثكنات عسكرية

وفي سبتمبر/أيلول الماضي شهدت المنطقة عملية مشابهة نفذها المطارد الفلسطيني ماهر تركمان من مخيم جنين وأحد أبنائه وابن شقيقه، حيث أصابوا جنودا إسرائيليين داخل حافلة كانت تقلهم بالقرب من حاجز الحمرا، وسبقتها أيضا عملية نفذتها “كتيبة مخيم عقبة جبر” في فبراير/شباط الماضي.

وتشكل الأغوار الفلسطينية 28% من الضفة الغربية، وتسيطر إسرائيل على 88% منها عبر تصنفيها “أراضي دولة ومناطق تدريب عسكري ومحميات طبيعية”، وتسعى باستمرار لتهجير سكانها، كما يقيم الاحتلال فيها 7 معسكرات للجيش وأكثر من 33 مستوطنة.

حاجز الحمرة لا يبعد سوى مئات الامتار عن موقع العملية- الضفة الغربية- فروش بيت دجن- الأغوار الوسطى-الجزيرة نت2
حاجز الحمرا لا يبعد سوى مئات الأمتار عن موقع العملية (الجزيرة)
المكان مراقب بالكاميرات والابراج العسكرية - هذه الشاخصات بالقرب من موقع العملية - الضفة الغربية- فروش بيت دجن- الأغوار الوسطى-الجزيرة نت4
موقع العملية مراقب بالكاميرات والأبراج العسكرية (الجزيرة)

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى