الاخبار العاجلةسياسة

يتقدمهم 7 وزراء و20 برلمانيا.. ماذا وراء تجييش 30 ألف مستوطن إلى بؤرة “أفيتار” الاستيطانية؟

نابلس – أوقع جيش الاحتلال الإسرائيلي عشرات الإصابات في صفوف الفلسطينيين من أهالي بلدة بيتا والمتضامنين الذين انتفضوا منذ ساعات صباح اليوم الاثنين قبالة جبل صبيح جنوب البلدة، رفضا لمسيرة نظمها مستوطنون إسرائيليون لشرعنة بؤرة “جفعات أفيتار” الاستيطانية فوق أراضي المواطنين هناك.

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن نحو 200 فلسطيني أصيبوا (معظمهم بالاختناق) بعد أن أطلق الجنود الإسرائيليون قنابل الغاز المدمع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط صوب المواطنين، ولاحقوا الصحفيين وطردوهم من المكان، وأصابوا بعضهم بجراح مختلفة.

ومنذ ساعات الفجر الأولى، اقتحم الجنود منطقة “المسبح” المقابلة لجبل صبيح في بلدة بيتا، واحتلوا مواقع إستراتيجية هناك منعٌا لوصول المتظاهرين الفلسطينيين إلى تجمع المستوطنين، كما شددت قوات أخرى من جيش الاحتلال من إجراءاتها العسكرية عند مداخل بلدة بيتا المغلقة أصلا منذ عدة أسابيع بالسواتر الحجرية والترابية.

ومنع الاحتلال مرور المواطنين المتنقلين بين شمال الضفة الغربية ووسطها وجنوبها عبر شارع “حوارة- زعترة” جنوب نابلس، وانتشر بكثافة عبر حواجز متحركة، وأوقف العديد من المركبات وفتّشها وفتّش المواطنين بعد إنزالهم منها واحتجازهم.

المسيرة الأخطر

وفي خطوة بدت هي الكبرى منذ إعادة الاستيطان في “جفعات أفيتار” فوق جبل صبيح والقرى المجاورة جنوب نابلس مطلع مايو/أيار 2021، نظم مئات المستوطنين، بمشاركة 20 من نواب الكنيست الإسرائيليين و7 وزراء في حكومة الاحتلال اليمينية، مسيرة ضخمة نحو البؤرة الاستيطانية، في رسالة واضحة لترسيخ الاستيطان فيها وشرعنته مجددا.

وكانت حركات استيطانية كـ”نحلاه” قد دعت في بيانات سابقة لها لتنظيم مسيرة للعودة إلى جعفات أفيتار، وهو ما استجاب له جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفقا للقناة 12 الإسرائيلية الخاصة، وسمح لنحو 30 ألف مستوطن بالمشاركة في المسيرة يتزعمهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ورئيس مجلس المستوطنات بشمال الضفة الغربية يوسي داغان ووزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش.

وتحت عنوان “أرض إسرائيل جميعها لنا.. عائدون”، انطلقت المسيرة الساعة 12 ظهرا من حاجز زعترة نحو بؤرة “جعفات أفيتار” وسط حراسة أمنية مشددة وخطابات لقادة المستوطنين وهتافات تشدد على عودة المستوطنين إليها.

وبموجب اتفاق تسوية بين وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس وقادة المستوطنين وعبر مفاوضات سرية، أخلى المستوطنون (أفراد دون البناء) في يونيو/حزيران 2021 جعفات أفيتار على أمل العودة لها بعد “التحقق من ملكية الأرض”، وهو ما رفضه أهالي بيتا والفلسطينيون أصحاب الأرض آنذاك، وأكدوا ملكيتهم الخاصة لها.

ورغم أن البؤرة تحوّلت لمدرسة دينية للمستوطنين الذين لم يتمكنوا من السكن فيها، فإن جيش الاحتلال اتخذها نقطة عسكرية له، ولم يسمح لأصحاب الأرض الفلسطينيين بالعودة والاقتراب منها.

وأكثر خطورة من الهدف المعلن لمسيرة المستوطنين وهو شرعنة “جعفات أفيتار”، وجاءت رسائل بن غفير واضحة بهذا الشأن في تصريحات لوسائل الإعلام العبرية، حيث قال “لن نرضخ للإرهاب، لا هنا ولا في تل أبيب، نحن هنا لنقول شعب إسرائيل قوي”.

في حين حمل تصريح رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية يوسي داغان رسالة تحذيرية للحكومة، وقال “نحن من جعلناكم في الحكم، وننتظر منكم أن تحكموا كحكومة يمين، وردنا على الإرهاب إقامة مستوطنة أفيتار بشكل دائم”.

اقرأ ايضاً
أكثر من 20 مليار دولار.. اتهامات بالفساد في وزارة المالية تثير الشارع الإندونيسي
عاطف دغلس-جنود إسرائيليون يسيرون بالقرب من بؤرة افيتار الاستيطانية- الضفة الغربية- نابلس- جنوب نابلس- الجزيرة نت4
جنود إسرائيليون يسيرون بالقرب من بؤرة أفيتار الاستيطانية جنوب نابلس (الجزيرة)

التصعيد وأهداف أخرى للمسيرة

وهذه المسيرة بحجمها ومكانها كما يقرؤها مسؤول ملف الاستيطان بشمال الضفة الغربية (جهة رسمية) غسان دغلس هي شرعنة “لنهب وسرقة” أراضي الفلسطينيين من ناحية، وإرضاء للناخب الإسرائيلي ونسف لأي جهود دبلوماسية عبر قمتي العقبة وشرم الشيخ الأخيرتين من ناحية أخرى.

ويصف دغلس، في تصريح للجزيرة نت، بن غفير والشخصيات المشاركة بأنهم “إرهابيون بربطات عنق”، محذرا من أن الأخطر من دعوات المستوطنين لشرعنة “أفيتار” هو فتح الباب لعودة المستوطنات الأربع المخلاة عام 2005 (حومش، وجانيم، وكاديم، وترسله) بشمال الضفة الغربية.

وبالتالي تأكيد ما دعت له حكومة نتنياهو وصادق عليه الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بتشريع 9 بؤر استيطانية وإلغاء “خط فك الارتباط” يوم 20 مارس/آذار الماضي.

وبيّن دغلس أن كل ذلك سيخلق مزيدا من التصعيد بفعل مضايقات الاحتلال والمستوطنين، وسيحوّل المناطق الفلسطينية إلى “ثكنات عسكرية مغلقة”، وتواصل الاحتكاك مع المستوطنين، وبالتالي توسيع وتصعيد دائرة العنف التي يتزعمها المستوطنون مباشرة ضد الفلسطينيين.

وسياسيا تحمل “أفيتار”، وفق دغلس، مخططا تقسيميا لفصل شمال الضفة الغربية عن وسطها وجنوبها، وربط مدن إسرائيل كتل أبيب غربا مع مستوطناتها في الأغوار الفلسطينية شرقا عبر مستوطنات أرائيل وتفوح وحاجز زعترة العسكري.

ذريعة العودة للشمال

ومن جهته، يرى المحلل السياسي الفلسطيني والخبير بالشأن الإسرائيلي عادل شديد أن مظاهرة المستوطنين تعني أن برنامج الحكومة الإسرائيلية الحالية هو فقط الضفة الغربية ترجمةً لفهم توراتي عقائدي أيديولوجي مفاده أنه لابد من زرع كل أرض إسرائيل وخاصة يهودا والسامرة (شمال الضفة) بالمستوطنين اليهود مقدمةً لإعادة بناء الهيكل.

واتفق شديد مع غسان دغلس على أن مسيرة المستوطنين رسالة واضحة لإلغاء ما يسمى قانون الانسحاب (فك الارتباط) من مستوطنات شمال الضفة، والعودة إليها على قاعدة أن الأصل هو الوجود الاستيطاني اليهودي والطارئ هو الوجود الفلسطيني، الذي عبر عنه سموتريتش قبل أسابيع حين نفى أن يكون هنالك شعب اسمه الشعب الفلسطيني.

وحول مآلات المرحلة القادمة وتصعيد المواجهة بفعل الاستيطان، أقرّ عادل شديد بأن المواجهة الفلسطينية مع الاستيطان تراجعت كثيرا، وبأنها غير منظمة، ورغم العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية المهتمة بالموضوع، فإن خلافات وتناقضات تلك المؤسسات تضعف أي احتمال للفعل الميداني الكفاحي والقانوني أيضا.

وبشكل أوسع للمواجهة القادمة، رجح شديد -في تصريح للجزيرة نت- أن الحالة النضالية الحالية سترافقنا لمدة طويلة وإن كانت ستمر بفترات مد وجزر لأسباب كثيرة.

إدانة فلسطينية وشكوى

ورسميا، دانت وزارة الخارجية الفلسطينية هذه المسيرة بأشد العبارات، وقالت إنها تدرس تقديم شكوى دولية بشأن مشاركة وزراء ونواب كنيست إسرائيليين في “مسيرة تعميق الاستيطان”.

ولغرض أمني شيَّد جيش الاحتلال عام 1988 نقطة عسكرية في جبل صبيح، لكنه سرعان ما أزالها تحت مقاومة الأهالي واستشهاد 3 منهم، ليخوض المستوطنون بعد ذلك منذ عام 2000 خمس محاولات للاستيطان فوق الجبل، نجحت آخرها منتصف العام 2021.

ومنذ تلك اللحظة، تخوض البلدة اشتباكات دائمة مع الاحتلال ومستوطنيه، حيث استشهد 10 من البلدة بالإضافة إلى إصابة أكثر 3 آلاف من أبنائها، ضمنهم 250 مصابا بالرصاص الحي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى