وجهة الفقراء والمحتاجين.. مبادرة خيرية بحي بيتل الإثيوبي خلال شهر رمضان
أديس أباباـ “منذ نحو 15 عاما ونحن نعد وجبة الإفطار المجهزة للفقراء والمساكين بهذه المنطقة، من أجل الثواب والأجر في هذا الشهر الفضيل”، بهذه الكلمات لخص الشيخ إبراهيم عبد الله عضو لجنة مسجد التقوى بحي بيتل جنوب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا المبادرة الإنسانية التي يشارك فيها أهل الحي سنويا.
ويضيف عضو لجنة مسجد التقوى أن مبادرة إفطار الصائمين من الفقراء والمساكين هي مشاركة إنسانية دأب عليها المحسنون من رواد مسجد التقوى منذ سنوات قبل أن تتحول لعمل جماعي يشارك فيه كل أهل الحي، كل بما يستطيع، في خيمة إفطار الصائم التي تنصب أمام المسجد في الشارع الرئيسي ويضع عليها المتبرع كيس الصائم بعد أن يتم إعداده في المنزل.
ومع قدوم شهر رمضان المبارك، يتحول حي بيتل، إلى وجهة لعشرات المحتاجين والفقراء لتناول الإفطار، منذ سنوات مضت ولا يزال سكانه على ذات النهج الإنساني المميز، الذي جعل من “بيتل” وجهة للفقراء وقبلة للباحثين عن تقديم البر والإحسان.
ولعل ما يميز هذا الحي ذا الأغلبية المسلمة، أن شهر رمضان يحظى فيه بخصوصية لافتة مقارنة بالأحياء الأخرى في العاصمة أديس أبابا، بذات الطقوس التي يحظى بها رمضان في دول عربية وإسلامية.
وروتين الحياة اليومية للإثيوبيين هنا، لا يشعر كثيرا بأجواء رمضان بالشوارع ولا في أنشطة المجتمع، إذ يعيش السكان إيقاع حياتهم بشكل اعتيادي، إلا في بعض الأحياء التي يقطنها المسلمون وعلى رأسها حي بيتل، تبرز مظاهر رمضان، في شوارعه ومحاله وبين أفراد المجتمع، ويعود السبب إلى أن غالبية ساكني الحي هم من المسلمين والإثيوبيين القادمين من الدول العربية، حيث نقلوا معهم مختلف جوانب الثقافة والعادات العربية المتعلقة بشهر رمضان.
خيمة الصائم
ويتميز حي بيتل في رمضان بأجواء وطقوس عن باقي أحياء العاصمة، بفضل برامجه الخاصة بإفطار المساكين والفقراء، حيث دأبت لجنة شباب مسجد التقوى، على تقديم خدمة إفطار الصائم في مشهد تتجلى فيه الإنسانية وقيم الشهر الفضيل، ويتبارى سكانه في تقديم وجبات إفطار للمحتاجين الذين يتوافدون خصيصا لنيل حصتهم من الإفطار.
ووجبة إفطار الصائم هي فكرة بسيطة، بدأها شباب الحي منذ 15 عاما، يشارك فيها الجميع عبر خيمة “إفطار الصائم” التي تنصب وسط الشارع الرئيسي وأمام مسجد التقوى، وفق رئيس جمعية شباب مسجد التقوى جوهر سلطان.
وقال سلطان، في حديث للجزيرة نت، إن حي بيتل أصبح مقصدا للعديد من الصائمين من سكان العاصمة بفضل المبادرة التي تهدف الى إطعام الصائمين من الفقراء والمساكين وفتح باب البر والإحسان للمقتدرين وتقاسم الخير مع إخوتهم.
ولفت إلى أن المبادرة التي بدأت من تجار الحي وجدت مشاركة واسعة من السكان وجعلت من حي بيتل نموذجا متفردا في شهر رمضان، مضيفا أن المبادرة توفر وجبة إفطار لأكثر من 450 شخصا من الفقراء والمساكين يوميا بجانب توفير التمور والماء للمصلين في المسجد وبعض المارة بالشارع.
معايشة المظاهر الرمضانية
وفي مشهد لافت في العاصمة الإثيوبية يحرص فريق من شباب المسجد على توزيع التمور والماء للمارة الذين فاتهم الإفطار وهم في الطريق، وهو ما يعكس الأجواء الرمضانية في هذا الحي العريق الذي يتميز عن بقية أحياء العاصمة في شهر رمضان.
ويتوافد العشرات من الصائمين إلى “بيتل”، لأسباب مختلفة قاسمها المشترك، حرصهم على الشعور بأجواء الشهر الكريم، فمنهم من يقصده لتكوين فرصة للتواصل ومعايشة المظاهر الرمضانية والأجواء الاجتماعية، حتى يرسم لنفسه إيقاعا رمضانيا يختلف عن باقي أيام السنة، فيما يقصده آخرون للتزود من أسواق الحي التي تزخر بكل ما يحتاجه الصائم من مستلزمات رمضان.
وأوضح سلطان، أن مسجد التقوى يعد من أقدم مساجد حي بيتل الذي يضم 10 مساجد، حيث شيد قبل 20 عاما وشهد تحديثات مؤخرا بـ5 طوابق بينها جناح للنساء، مضيفا أن إدارة المسجد تنظم الدروس وحلقات الذِّكْر بصورة دائمة لمختلف الفئات حتى الأطفال، فيما تنظم لجنة الشباب دورات رياضية للشباب والأطفال ودورات أكاديمية للطلاب.
وحي بيتل لا يتميز فقط ببرامج إفطار الصائم وإن كان الأكبر والأشهر بل يشهد مشاركة واسعة وكبيرة من المصلين في أداء صلاة التراويح حيث يقصده العشرات ويتحول الشارع الرئيسي إلى ساحة مهرجان ديني بعد أن يغلق من اتجاه واحد.
رمضان إثيوبيا هذا العام
وخلال العشر الأوائل من شهر رمضان هذا العام شهدت أديس أبابا، زيارة لأئمة ومشايخ من السودان تقدمهم، الشيخ القارئ السوداني الزين محمد أحمد، الذي عطر سماوات أديس أبابا بصوته الشجي وقراءته المميزة في تلاوة القرآن الكريم، وشارك المئات من مسلمي العاصمة في صلاة التراويح.
والسبت الماضي، نظم المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا بالتعاون منظمة النجاشي الخيرية، إفطاره السنوي الثالث بميدان الثورة بالعاصمة، وسط مشاركة رسمية تقدمها رئيس المجلس الشيخ إبراهيم توفا والآلاف من المسلمين وسط تنظيم دقيق شارك فيه نحو 4 آلاف متطوع.
وشهدت إثيوبيا مؤخرا إصلاحات عززت مكتسبات مسلمي إثيوبيا، كان من أبرزها الاعتراف الرسمي بـ”المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية” كمؤسسة دينية ذات سيادة مستقلة عن السلطة التنفيذية، بعد أن كان طوال عقود مسجلا كمنظمة أهلية.
ويعتبر الإسلام الديانة الثانية بعد المسيحية في إثيوبيا، وتتحدث بعض التقديرات عن أن نسبة المسلمين تشكل ما لا يقل عن 34% من عدد سكان البلاد البالغ نحو 115 مليون نسمة، وإن كانت تقديرات أخرى تشير إلى أن المسلمين يحتلون مساحة سكانية أعلى من هذه النسبة بكثير.