الاخبار العاجلةسياسة

مناوي وجبريل وعقار.. لماذا تعتبر وساطة الحركات المسلحة الأهم بين البرهان وحميدتي؟

الخرطوم- انفجرت الأوضاع في الخرطوم بعد يوم من إعلان وسطاء من قادة الحركات المسلحة نجاحهم في تجنيب السودان مواجهات عسكرية وشيكة، بعد لقاءين مع رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتوقّع انتعاش وساطات إقليمية وداخلية لتطبيع الأوضاع السياسية في البلاد.

وقبيل اندلاع المواجهات العسكرية أمس السبت، اتهم الجيش قوات الدعم السريع بالتحشيد والانتشار داخل العاصمة الخرطوم وعدد من المدن دون موافقته والتنسيق معه، وهو ما اعتبره مخالفة لمهام ونظام عملها، محذرا من أن البلاد تمرّ بما وصفه بالمنعطف الخطير، وأن التحرك سيؤدي إلى مزيد من التوترات التي تقود إلى انفراط عقد الأمن في البلاد.

ودفع التوتر الأمني والتصعيد العسكري كلا من حاكم إقليم دارفور رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، ووزير المالية والاقتصاد رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وعضو مجلس السيادة رئيس الحركة الشعبية -شمال- مالك عقار، لتبني وساطة بين البرهان وحميدتي. وقال قادة هذه الحركات إن الجانبين تجاوبا مع المبادرة وتعهدا بوقف التصعيد.

وأوضح مناوي -في تغريدة الخميس الماضي- أن جهوده مع جبريل وعقار نجحت في وقف مواجهة وشيكة بين الجيش والدعم السريع، وتابع “أوقفنا الحرب التي كادت أن تندلع، وجهودنا مستمرة، ولن ندعم القتال وتخريب وطننا”. غير أنه بعد أقل من 48 ساعة اندلعت المواجهات العسكرية في الخرطوم.

%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86 %D9%88%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A 111
ترتبط الوساطات الداخلية في السودان بمواقف البرهان وحميدتي من أصحابها وبتحالفاتها السياسية (وكالات)

تقارب وتعارض

ويعتقد مراقبون أن قادة الحركات المسلحة يحظون بتقدير لدى طرفي الأزمة لأسباب عدة:

  • تتقارب مواقفهم مع البرهان في توسيع العملية السياسية لتشمل غالبية القوى السياسية، عدا حزب المؤتمر الوطني المحظور الحاكم سابقاً.
  • عدم الإقصاء والتهميش واحترام المؤسسة العسكرية.
  • تنفيذ اتفاق جوبا للسلام الذي ينص على دمج وحدات الدعم السريع والحركات المسلحة في القوات النظامية.

كما يحظى قادة الحركات المسلحة بتقدير مماثل لدى حميدتي الذي وقّع معهم اتفاق جوبا للسلام، وكان يسعى إلى التقارب معهم بحكم انحدار مناوي وجبريل من إقليم دارفور، مسقط رأس حميدتي. غير أن انحياز قائد الدعم السريع إلى تحالف قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي باعد مواقفهم السياسية، حيث أسس جبريل ومناوي قوى الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية.

الحلفاء والوسطاء.. تناقضات “غريبة”

ويرى الباحث في قضية دارفور إدريس آدم أن ثمة تناقضات غريبة في وساطة الحركات المسلحة؛ فهي التي حاربت الجيش والدعم السريع في إقليم دارفور لسنوات طويلة، بينما كان البرهان قائدا عسكريا في الإقليم وحميدتي مقاتلا إلى جانبه.

وفي مواجهة الحركات المسلحة، سالت دماء ووقع آلاف الضحايا من مقاتليها بنيران قوات البرهان وحميدتي. “والآن يتحول مناوي وجبريل إلى وسطاء، ويصبح حلفاء الأمس خصوما”.

وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد آدم أن فرص نجاح مبادرة قادة الحركات المسلحة لا تزال قائمة؛ لابتعادها عن شبهة تبني أي أجندة خارجية أو انحياز إلى طرف دون آخر، رغم تقارب مواقف الكتلة الديمقراطية مع قائد الجيش.

ويضيف أن حميدتي وبعض مستشاريه ومقربين من عائلته يدركون موقف جبريل ومناوي ضمن تحالف الكتلة الديمقراطية المناهض لقوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي، وما عطل العملية السياسية هو انحيازه إلى الأخير مما وضعه في مواجهة قائد الجيش.

ويرى آدم أن جهود القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري لم تجد قبولا من الجيش؛ لغضبه من بعض قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي التي نادت بأن تكون قوات الدعم السريع نواة للجيش الوطني بعد إعادة إصلاحه، ومحاولتها استخدام حميدتي رافعة للاستئثار بالسلطة.

اقرأ ايضاً
«إعلان الرياض» يؤكد تبعية تايوان للصين ومركزية القضية الفلسطينية

كما تراجعت حظوظ جهود زعيم حزب الأمة فضل الله برمة ناصر -أكبر تنظيمات قوى الحرية- لوجوده ضمن التحالف (مع المجلس المركزي)، رغم مواقف ناصر المؤيدة للجيش بحكم انتمائه للمؤسسة العسكرية، بحسب آدم.

GettyImages 1242862798 1
عبد الفتاح البرهان خلال ترحيبه بالسفير الأميركي في السودان جون غودفري (الأناضول)

القوى الإقليمية.. أكثر تأثيرا

بعد التصعيد العسكري الأسبوع الماضي، عقد سفراء الرباعية الدولية التي تضمّ الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات لقاءين مع البرهان وحميدتي، وطالبوا بتجاوز الخلافات وتجنب المواجهات وتسريع العملية السياسية، لكن جهودهم لم تحرز أي تقدم.

ويقول أستاذ الإعلام المحلل السياسي حسن الطاهر أن الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيريه السعودي فيصل بن فرحان والإماراتي عبد الله بن زايد من أجل التدخل لتهدئة الأوضاع في السودان، تشير إلى قناعة أميركية بنفوذ الرياض وأبو ظبي لدى لخرطوم وانخراطهما في العملية السياسية.

ويعتقد الطاهر -في حديثه للجزيرة نت- أن الولايات المتحدة والدول الغربية لا ترغب في القيام منفردة بأي دور في السودان، لانشغالها بملفات أخرى أكثر سخونة وأولوية بالنسبة لها، وتريد أن تسند الأمر إلى قوى إقليمية.

ويرى أن مصر وقطر ينبغي ضمهما إلى الجهود الإقليمية لجانب السعودية والإمارات بحكم ارتباطهما بالسودان؛ حيث ترتبط القاهرة بجارها في جنوب الوادي ويتأثر أمنها القومي بما يجري فيه، كما أن للدوحة تجربة ناجحة في ملف السلام بدارفور عندما استضافت الحكومة والحركات المسلحة في مفاوضات طويلة وشاقة وتحظى باحترام وتقدير لدى الفرقاء السودانيين.

الوساطات والحسم

من ناحيته، سعى الاتحاد الأفريقي -عبر مبعوثه في الخرطوم- للقاء أطراف الأزمة، لكنه لم يفلح في الحصول على استجابة من الطرفين لتعذّر التواصل معهما.

ويقول الباحث في شؤون الأزمات حيدر عبد الله إن الجيش بات قريبا من حسم المعركة لصالحه بعدما سيطر على غالبية مقار وقواعد قوات الدعم السريع في الولايات، ولم تتبق سوى ولايات دارفور التي تشتعل المعارك في حواضرها، وسيسعى إلى حسم المعارك خلال فترة وجيزة حتى لا تحمله الوساطات والضغوط إلى وقف العمليات.

ويعتقد عبد الله أن الجيش بحسمه المعارك سيفرض الشروط التي تحقق رضا وقناعة المؤسسة العسكرية التي ترفض وجود قوة عسكرية موازية لها ويطمح قائدها في لعب دور سياسي.

وبرأيه، لن يتحدث  الجيش بعد ذلك عن دمج قوات الدعم السريع لأنها عمليا ستكون تحت إمرته، ويمكن أن يحلها بحسب قانونها الذي يمنح القائد العام للجيش السلطة الآمرة عليها، أو تعيين ضابط من الجيش قائدا لها وتصبح وحدة من وحداته العسكرية، أو  توزيع مقاتليها على حرس الحدود وخفر السواحل التي تم تأسيسها أخيرا.

ويتفق عبد الله مع الطاهر في أن الجهود الإقليمية التي تساندها واشنطن والعواصم الغربية ستكون الأوفر حظا في تهدئة الأوضاع وإنعاش العملية السياسية لعودة البلاد إلى المسار الانتقالي والتحول المدني الديمقرطي.

ويدعو عبد الله إلى إدخال الاتحاد الأفريقي في الوساطة بحكم ارتباط السودان بالمنظمة، ودورها منذ تغيير نظام الرئيس المعزول عمر البشير في التوفيق بين المدنيين والعسكريين حتى تم إنجاز وثيقة وتشكيل الحكومة الانتقالية برئاسة عبد لله حمدوك في سبتمبر/أيلول 2019.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى