الاخبار العاجلةسياسة

بين “المليشيات المتمردة” و”الإسلامي المتطرف”.. حرب اتهامات وسجال إعلامي يزيد لهب القتال في السودان

وأخيرا نطق الرصاص ليقطع الصمت بين طرفين كان الصدام بينهما مسألة وقت كما يقول مراقبون وعارفون بالمشهد السوداني، كان رماد التعايش الهش بين رئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، يخفي وراءه الكثير من لهب الخلاف والتباين، لتكتب القذائف ومداد الدم صفحة جديدة من كتاب الأزمة الجديدة في البلد.

بين البرهان وحميدتي مشتركات متعددة، فكلاهما فريق أول، رغم تفاوتهما في طريقة الحصول عليها، وكلاهما أيضا ينتمي إلى “أمة العسكر” رغم تباين مساريهما، وكلاهما أيضا قائد عسكري تتبع له عشرات الآلاف من حملة البنادق ورسل اللهب.

وبينهما من التناقض والتباين الآن ما هو أوسع من عرض السودان، وأعمق من أزمته السياسية التي لا تستقر سفينتها على حال ولا تخبو نارها إلا لتتقد من جديد.

يدعي كل من الطرفين أنه في طريق الحسم، ويبدو الطريق إلى هذا الحسم صعبا جدا ويتخوف الكثيرون أن يكون مفروشا بكثير من جثث السودانيين وركام المنازل والمؤسسات وكثير من الدم والدموع، وحده اللهب هو الذي حسم أمره، بتمزيق السودان.

ولا يعرف الآن على نحو دقيق من له اليد العليا في الصراع في ظل تباين التصريحات والمعطيات، وسط قتال يصل مرة إلى أعتاب القصر الجمهوري، ومرات أخرى إلى قيادة الجيش، وفي أحيان أخرى داخل مقرات قوات التدخل السريع، إلى جانب تصاعد غير مسبوق في نشر الأخبار والصور والمقاطع المسجلة عن اقتحامات وأسرى وقتلى ودمار في هذا الطرف أو ذاك.

حرب الاتهامات.. قذائف سياسية في وجه الخصم

باتت الاتهامات جزءا أساسيا من حرب الجيش وقوات الدعم السريع، وأصبحت قذائف السباب والتخوين جزءا أساسيا من لهب الصراع بين الطرفين، لأسباب منها السياسي الموجه للرأي العام السوداني، ومنها استدرار الدعم الدولي أيضا.

يرى البرهان ومؤسسة القوات المسلحة السودانية في حميدتي وقواته مليشيات متمردة، وقد صدرت هذه الاتهامات قبل أيام من نشوب الحرب، حيث انتقد الجيش بقوة حشد الدعم السريع لقواته دون تنسيق معه، معتبرا الأمر مخالفة لمهام ودور هذه القوات التي تشكلت أول مرة على رصيف طرق القوافل البدوية لحمايتها.

وسرعان ما تعزز الاتهام مجددا على لسان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عبر قناة الجزيرة، معتبرا أن زميله اللدود حميدتي يقود مليشيا مدعومة من أجانب، وزاد في حدة الاتهام ليقول إنها البادئة بالشر وهي أول من أطلق رصاصة اللهب على القصر الجمهوري، وتسللت عبر صالة الحج والعمرة لتضرم النار في بعض الطائرات الرابضة في المطار.

اقرأ ايضاً
طائرة متجهة إلى اليمن تقل سجناء حوثيين تغادر السعودية

وخلال الأيام الثلاثة الماضية تصاعدت حدة الاتهامات من الجيش والحكومة لقوات الدعم السريع، حيث أكدت وزارة الخارجية قرار رئيس مجلس السيادة بحل هذه المليشيات واعتبار فلولها متمردين يجب تعقبهم، وهو الموقف الذي أكده المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله الذي رأى أن قوات حميدتي “قوة متمردة” تتعامل معها القوات المسلحة بالحسم وإعادة الأمور إلى نصابها، مؤكدا أنها بادرت بالهجوم والتعدي على القوات المسلحة.

البرهان في عيون حميدتي: إسلامي مجرم

لم يكتف حميدتي بلهب الرصاص ضد البرهان، بل رد هو الآخر الاتهامات بأشد منها، معتبرا أن البرهان مخادع وكذاب، وسيتم تقديمه للعدالة، وهي الاتهامات التي بادر بها حميدتي خلال الساعات الأولى للمواجهات، ومع الوقت رفع حميدتي مؤشر الاتهام ليقول إن البرهان وجيشه يقصف المدنيين وأنه إسلامي متطرف وراديكالي.

وقد اختار حميدتي لتسديد اتهاماته التغريد باللغة الإنجليزية، مخاطبا بذلك رأيا عاما سياسيا وأمنيا عالميا، وكاشفا عما يراه خطرا دوليا يمثله نظام البرهان الذي يرى فيه الراديكالي الإسلامي الذي يقصف المدنيين من الجو، وفق تعبيره.

وفي إحدى تغريداته يقول حميدتي “نحن نقاتل ضد الراديكاليين الإسلاميين الذين يريدون إبقاء السودان معزولا في الظلام وبعيدا عن الديمقراطية”، متوعدا بـ”مواصلة ملاحقة البرهان وإحضاره إلى العدالة”.

ومن الواضح أن رسائل حميدتي لا تتوجه إلى الخارج فقط، بل تخاطب أيضا رأيا داخليا في السودان، حيث يراهن على ورقة “إسلامية البرهان” باعتبار تأثيرها في الشارع “اليساري” السوداني، والمغاضبين على نظام الرئيس الأسبق عمر حسن البشير.

أما أنصار “البرهان” فيرون في “تمرد حميدتي” رسالة أخرى إلى الشارع مفادها أن كيان الدولة في خطر، وأن المؤسسة الجمهورية المكلفة بامتلاك القوة واحتكارها هي الجيش وليس قوات أنشئت على “حين غفلة” من الجيش وأقيمت على أسس غير جمهورية، ويقودها “راعي إبل” سابق تسلق الرتب العسكرية في ظرف وجيز، وهي التهم التي يتصدى لها حميدتي بقوة ويرى أنها مجرد أكاذيب لا “برهان” عليها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى