10 أيام من القتال في السودان في 4 أسئلة
في اليوم العاشر من الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية التي خلفت أكثر من 400 قتيل ونحو 4 آلاف جريح، تغرق البلاد أكثر فأكثر في الفوضى، فإلى أين تتجه الأمور؟
سؤال حاولت المحررة بصحيفة ليبراسيون Liberation الفرنسية هالة قضماني الإجابة عنه من خلال الرد على الأسئلة الأربع التالية:
ما الذي أدى لاشتعال فتيل الأزمة؟
أدى التنافس على السلطة بين الجنرالين قائد الجيش النظامي السوداني عبد الفتاح البرهان، وهو رئيس الدولة الفعلي، وبين نائبه محمد حمدان دقلو، الملقب بـ “حميدتي”، زعيم قوات الدعم السريع (FSR) إلى إشعال النار في البلاد وإراقة الدماء، ويسعى كل منهما إلى سحق الآخر، وكلاهما يدعي الآن أنه يؤيد وقف إطلاق النار والحوار، لكن لكل منهما شروطه التي لا يستطيع الآخر قبولها.
ما مصير السكان المدنيين السودانيين والقوى السياسية؟
يعاني المدنيون السودانيون المحاصرون الآثار المأساوية لحرب الجنرالات هذه، فسكان الخرطوم المختبئون في منازلهم منذ الأيام الأولى للقتال، يفرون الآن بشكل جماعي رغم مخاطر التنقل في عاصمة دمرها القتال وحُرمت من الماء والكهرباء والإنترنت.
ولم يستثن القصف الجوي والاعتداءات بالأسلحة الثقيلة المستشفيات ولا المدارس. وبحسب منظمة الأطباء السودانيين، فإن 60 من أصل 74 مستشفى في المدينة البالغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة خرج عن الخدمة بسبب انعدام الأمن ونقص المنتجات الطبية، لكن ثمة مجموعات مهنية تحاول مساعدة المدنيين، كما تنسق “لجان المقاومة” هذا الجهد وشعارها هو: “لنجعل أصواتنا أعلى من ألف حرب”.
ما دور القوى الإقليمية والدولية؟
منذ اليوم الأول للقتال تضاعفت الدعوات لوقف إطلاق النار وبدء الحوار، حيث قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الاثنين أمام مجلس الأمن “يجب أن يتوقف العنف”، داعيا مرة أخرى إلى وقف إطلاق النار، لإبعاد السودان عن “السقوط في الهاوية”.
ويوم الأربعاء 19 أبريل/ نيسان، طالب بيان صحفي صادر عن 15 سفارة غربية في الخرطوم، بما في ذلك سفارة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والنرويج، الأطراف المتحاربة بـ “وقف الأعمال العدائية على الفور ودون قيد أو شرط”.
لكن بعد يومين من ذلك، اضطرت معظم هذه السفارات إلى الإغلاق بعد إجلاء موظفيها الدبلوماسيين، ونقل سفرائها إلى أماكن أخرى.
وللرجلين علاقات مع بعض القوى الدولية والإقليمية الفاعلة، فثمة أطراف دولية أقامت علاقات سياسية واقتصادية ودبلوماسية مع أحد الزعيمين العسكريين في السنوات الأخيرة.
فالبرهان هو زميل دراسة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذ تخرج كلاهما في الأكاديمية العسكرية المصرية، أما بالنسبة لحميدتي فهو قائد قوات الدعم السريع التي تدخلت في اليمن إلى جانب السعوديين والإماراتيين، وقاتلت في ليبيا، نيابة عن الإمارات، كما عملت بشكل وثيق مع مرتزقة فاغنر الروسية لحماية مناجم الذهب في السودان.
ومع أن العديد من البلدان في المنطقة لديها علاقات مع أمراء الحرب السودانيين أو أحدهم في بعض الأحيان، فإنه لا أحد من هذه البلدان منخرط حقًا لدرجة اعتبار الصراع حربًا بالوكالة، ولا أحد من هذه الأطراف الدولية يشارك بشكل كاف للتأثير بشكل حاسم على التسوية.
ما النتائج المحتملة؟
لا شك أن كلا من البرهان وحميدتي يقودان قوات عسكرية قوية وهما يخوضان معركة كسر عظم وجودية وعازمان على مواصلتها، فالبرهان يقول إنه يريد الاستمرار حتى هزيمة قوات الدعم السريع، بينما يؤكد حميدتي أنه سيقاتل حتى يسيطر على الجيش بالكامل. لذلك يمكن أن تستمر المواجهة لأشهر أو حتى سنوات، وفقا لبعض الخبراء.
ومع ذلك، تقول الكاتبة، قد يدفع الضغط الخارجي المتحاربين إلى تعليق الاشتباكات للتفاوض. خاصة أن السودان بحاجة إلى الدول الغربية لرفع العقوبات المؤثرة على اقتصاده والحصول على مساعدات مالية من المؤسسات الدولية.
ويمكن للتنسيق الدولي مع القوى الإقليمية، التي لها تأثير على طرف أو آخر، مثل مصر أو الإمارات أو السعودية على وجه الخصوص، أن يثقل كاهل الزعيمين العسكريين. وهذا هو معنى آلية التنسيق التي أقيمت برعاية الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة التي أعلنت فرنسا دعمها الكامل لها، لكن وسائل الضغط الكفيلة بثني المتحاربين عن الاستمرار في العمليات لا تزال غير موجودة.
وقال المحلل المصري محمود سالم في مقال على موقع “المونيتور” المتخصص “الوضع لا يزال متقلبًا للغاية”. وقد يؤدي التطور نحو حرب وجودية بين ذراعي السودان المسلحين إلى معاناة لا يمكن تصورها، كما أن تصعيد الصراع سيجعل الحرب في سوريا تبدو كأنها نزهة في حديقة.
على أي حال، فإن ما هو مؤكد أن فرص إعادة إطلاق عملية الانتقال والحوار لاستعادة السلطة المدنية والديمقراطية في السودان تبدو بعيدة للغاية، مما يثير استياء السودانيين، على حد تعبير الكاتبة.