بعد ترويع السكان.. حيوانات المحمية البرية أبرز ضحايا الصراع المسلح بالسودان
الخرطوم- لم يجد المسؤولون عن حديقة السودان للحياة البرية بدا من إطلاق مناشدات لإنقاذ حياة عشرات الحيوانات البرية والنادرة التي وجدت نفسها أيضا في خضم معركة الجيش وقوات الدعم السريع، تحت القصف والترويع، في حين ألقى انقطاع المياه والكهرباء بظلاله الكثيفة على الأوضاع في الحديقة الواقعة بمنطقة الباقير شرق الخرطوم.
وما أن تبث الصفحة الخاصة بالحديقة منشورا على فيسبوك يشرح معاناة الحيوانات، إلا ويحصد العشرات من المتعاطفين، فالحديقة النادرة باتت مؤخرا متنفسا لعشرات الأسر والأطفال يقصدونها للترويح وقضاء وقت طويل خاصة خلال العطلات.
ويواجه العاملون على رعاية الحيوانات صعوبات في الوصول لموقع المحمية البرية، بسبب التعقيدات الأمنية طول الطريق، كما أن حياتهم تكون معرضة للخطر خلال التنقل بسبب الاشتباكات التي لا تكاد تتوقف منذ 10 أيام.
تحت القصف
وقوع الحديقة البرية قريبا من معسكر مشاة للقوات المسلحة جعلها في مرمى النيران خلال الأيام الأولى للمعارك، كما يقول مديرها عثمان محمد صالح للجزيرة نت، وهو ما دفع العاملين على رعاية الحيوانات إلى مغادرة المكان والاضطرار للمجيء يوميا.
وبسبب توقف حركة المواصلات العامة وإغلاق محطات الوقود، يمثل الوصول لموقع الحديقة البعيد نسبيا عن قلب الخرطوم تحديا كبيرا أمام الشباب العاملين على رعاية الحيوانات، فبدلا من متابعة أوضاعها بشكل يومي اضطروا لتفقدها كل يومين، كما تتأخر تبعا لذلك عمليات الصيانة المطلوبة.
ووفقا للمتحدث، سقطت داخل المحمية أعداد كبيرة من المقذوفات، علاوة على تطاير الرصاص، مما سبب حالة من الذعر الشديد وسط الحيوانات، حيث خرجت مجموعات كبيرة من السلاحف والأرانب والصقور بعد ضرب أقفاصها بالقذائف، كما هرب عدد من الأشبال قبل التمكن من إعادتها لمكانها.
ويتحدث صالح عن إصابة القفص الخاص بالأسود جراء القصف، بينما تعرضت لبوة لإصابتين بالرصاص، مضيفا أنه علاوة على المهددات الأمنية يمثل انقطاع الكهرباء مشكلة كبيرة، حيث يتم الاعتماد عليها في تشغيل وسائل حماية الحيوانات، في حين بدأ مخزون المياه والطعام ينفد بعد 10 أيام من الحرب الضارية.
انقطاع الكهرباء
وتعتمد المحمية البرية بشكل كبير على الكهرباء في إدارة نظام المياه لإمداد الحيوانات بحاجاتها على مدار اليوم وتمكينها من مواجهة درجات الحرارة العالية، لكن مع انقطاع الكهرباء توقفت المضخات وباتت عمليات السقيا للحيوانات تتم بشكل يدويا عبر جلب براميل المياه وجرها لمسافات طويلة بالاعتماد على مخزون للمياه، الذي بات هو الآخر مهددا بالنفاد.
ورغم تحسب مسؤولي المحمية البرية لانقطاع الكهرباء بتركيب محطة طاقة شمسية لتوفير التيار، غير أن سرقة البطارية الخاصة بالألواح خلال الاشتباكات أدى لتعطلها كليا.
ويشكو مدير الحديقة البرية من تعثر خطواتهم لرعاية الحيوانات بعد سرقة سيارة الدفع الرباعي التي كانت تعينهم في أداء المهام، كما يشكل انعدام الوقود عاملا إضافيا يفاقم من الوضع الحرج للمحمية.
فصائل نادرة
وتضم الحديقة البرية 25 من الأسود بينها فصيل نادر، و6 من الضباع، وعدد كبير من القرود، و6 غزلان، بالإضافة إلى نوعين من السلاحف بأعداد كبيرة، وكذلك أنواع مختلفة وكثيرة من الطيور والقطط البرية والجمال والسناجب والكلاب والتماسيح.
ويضيف عثمان “حتى الآن الحمد لله لم نفقد أيا من هذه الحيوانات، نحن أيضا نحارب لحمايتها وتوفير الطعام والرعاية لها، لكن للأسف لا نجد أي دعم أو مساعدة من أي جهة، رغم أنه مشروع حساس للغاية ويحتاج من الجميع المساعدة في تأمينه”.
وينوه لعدم امتلاك السيولة المالية للتمكن من شراء الطعام للحيوانات بسبب إغلاق المصارف، كما لا يوجد وقود لتوقف أغلب المحطات عن الخدمة، لذلك فالحاجة ماسة لتوفير وسيلة تنقل المياه بجانب توفير مولد كهربائي للتمكن من تشغيل سياج الحماية للأسود، علاوة على ضرورة توفير طعام طازج للحيوانات، لا سيما لتلك التي تعتمد على الفواكه.
ويمثل إطعام الأسود تحديا كبيرا بعد أن أتلف انقطاع التيار الكهربائي المخزون الكبير من اللحوم.