الاخبار العاجلةسياسة

شاهد- بمجزرة في جنين واستفزاز لغزة.. هكذا تهرب إسرائيل من أزمتها الداخلية

القدس المحتلة- وسط احتدام الصراعات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي، والتشرذم السياسي والاجتماعي والديني الذي يرافق الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، واتساع دائرة الاحتجاجات الشعبية؛ تحاول حكومة الاحتلال الهرب من أزمتها بالتصعيد مع الفلسطينيين، وسط توجس من اندلاع انتفاضة مسلحة تشتعل من نابلس وجنين (شمالي الضفة الغربية المحتلة).

وفي حالة تعكس احتدام الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والمخاوف المتزايدة من انهيار السلطة الفلسطينية وتدهور الوضع الأمني، ومحاولات تل أبيب لتصدير أزماتها الداخلية الممثلة في التطرف والانقسام السياسي؛ صعدت حكومة اليمين المتطرف عدوانها ضد الفلسطينيين، خاصة في مخيمات اللجوء شمال الضفة، فنفذت صباح اليوم الخميس مجزرة في مخيم جنين؛ أسفرت عن استشهاد 9 وإصابة 20 آخرين.

وتبدي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قلقها حيال فقدان السيطرة المتدرج للسلطة بالضفة والفراغ الحكومي، خاصة في محافظة جنين، في ظل عدم وجود أفق سياسي، وهو ما يرجح تصاعد المقاومة المسلحة، وتشكيل المزيد من الفصائل والكتائب الفلسطينية؛ مثل مجموعة “عرين الأسود“.

Aftermath of Israeli raid in Jenin
الدمار الذي خلفه الاحتلال بعد اقتحام مخيم جنين (رويترز)

الضفة وغزة

وفي ظل التطورات الأمنية والتعقيدات في المشهد السياسي، يعتقد خبير الشؤون العسكرية والأمنية الإسرائيلية رافع أبو طريف أن التصعيد في الضفة يعكس النظرة السياسية والأمنية للحكومة الجديدة في التعامل مع الفلسطينيين، من رؤية أن السلطة الفلسطينية أنهت دورها وبات وجودها بالضفة يشكل خطرا إستراتيجيا على إسرائيل.

وفي تقييمه للتصعيد في الضفة، خاصة في جنين ومخيمها ونابلس ومخيماتها؛ أوضح أبو طريف للجزيرة نت أن ذلك يعكس السيناريو الذي تدفع نحوه الحكومة الإسرائيلية الجديدة بتفكيك السلطة وإعادة السيطرة العسكرية على كافة مناطق الضفة، وهو وجه آخر للضم.

وعزا الخبير العسكري نهج حكومة الاحتلال وتعاملها العدائي مع الفلسطينيين إلى محاولتها خلق حالة من الأمن الوهمي والمفبرك لدى المجتمع الإسرائيلي الذي لم يعد يشعر بالأمن والأمان، لافتا إلى أن التصعيد الحالي من الممكن أن ينزلق إلى عمليات عسكرية غير تقليدية واجتياح كامل للضفة وللمناطق التي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية أيضا.

أما بشأن التصعيد الأمني والاقتحامات والاشتباكات اليومية بالضفة، فيرى أبو طريف أن ذلك بمثابة محاولة لتصدير الأزمة الداخلية في إسرائيل التي تشهد انقسامات وحالة من التطرف المجتمعي والسياسي والديني، وسط تصاعد الاحتجاجات والمظاهرات في المدن الإسرائيلية ضد حكومة نتنياهو، وهي هواجس قد تتسبب في اندلاع “حرب الإخوة”.

وحيال ذلك، لا يستبعد الخبير العسكري أن تقوم إسرائيل بعملية استفزازية في الضفة بهدف جر الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة لمواجهة عسكرية محدودة، علما أن إسرائيل غير معنية بحرب شاملة، لأن الهدف تصدير الأزمات الداخلية وتنفيس ضغط القتال الداخلي وتحويله نحو الشعب الفلسطيني الذي يعد “العدو المشترك”.

Palestinians clash with Israeli troops in Jenin
سيارة إسعاف تنقل جرحى بعد اقتحام الاحتلال مخيم جنين (رويترز)

أزمات وسيناريوهات

وفي تقييم موقف صادر عن مركز أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب -بعنوان “الصدمات الجيوسياسية تواجه تحديات داخلية تزداد سوءا”- استعرض التقييم الإستراتيجي لعام 2023، واحتدام الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في ظل الأزمات الإسرائيلية الداخلية ومستقبل السلطة الفلسطينية.

اقرأ ايضاً
سلطة برأسين في أميركا.. كيف تعمل "الحكومة المنقسمة" خلال العامين القادمين؟

وعلى الساحة الفلسطينية، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن السلطة الفلسطينية تواصل فقدان السيطرة على الأرض، خاصة في شمالي الضفة، في وقت يحتدم فيه التنافس الداخلي الفلسطيني على خلافة رئيس السلطة محمود عباس.

ولا تستبعد التقديرات الإستراتيجية لمركز أبحاث الأمن القومي اندلاع صراع واسع النطاق مع الفلسطينيين، سواء في الضفة أو حتى على جبهة قطاع غزة، في ظل تعزيز المشروع الاستيطاني وتوسيعه في الضفة، بما يقضي على فكرة حل الدولتين.

وفي ظل غياب الخيارات المستقبلية لأي تسوية سياسية مع الفلسطينيين، وخلق واقع يؤسس إلى نظام “الأبرتهايد” و”الدولة الواحدة”، سيكون ذلك تحديا لهوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. وتشير التقديرات الإستراتيجية إلى أن الصراع مع الفلسطينيين سيحتدم والتحديات ستتفاقم، خاصة في ظل حكومة تدفع نحو ضم الضفة.

ويرى مركز أبحاث الأمن القومي أن المجتمع الإسرائيلي أصبح أكثر انقساما وتشرذما من أي وقت مضى، في نهاية 4 سنوات من عدم الاستقرار السياسي وأزمة الحكم والتحريض ونزع الشرعية المتبادل.

Palestinians clash with Israeli troops in Jenin
المقاومون الفلسطينيون يغلقون الطرق أمام آليات الاحتلال في مخيم جنين (رويترز)

تهديدات وتحديات

وتشكل علامات الاستفهام والمحاور حول الأزمات الداخلية لحكومة نتنياهو وتشابك القضايا الإسرائيلية مع الساحة الفلسطينية، من وجهة منظور التقييم الإستراتيجي للعام 2023 تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي؛ بسبب احتمالية اندلاع عملية “حارس الأسوار 2″، وعملية “الجدار الواقي 2” التي اشتعلت قبل 20 عاما من جنين ومخيمها.

وترى الباحثة الإسرائيلية في الشؤون الإستراتيجية نوعا شوسترمان -التي تشغل منصب مديرة قسم برنامج العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية في مركز أبحاث الأمن- أن الساحات الفلسطينية المختلفة -سواء في الضفة أو القدس أو غزة وربما الداخل- باتت موحدة أكثر، الأمر الذي يضع المؤسسة الإسرائيلية أمام تحديات كبيرة لمواجهة السيناريوهات المحتملة.

واستعرضت شوسترمان للجزيرة نت سيناريوهات هذا العام، في ظل تصاعد التوتر والمواجهات في الضفة، مع الحكومة اليمنية الجديدة، ورجحت أن السيناريو الأبرز هو الفوضى والارتفاع المتصاعد في العمليات والمواجهات في الضفة؛ الأمر الذي سيزيد الاحتجاجات الشعبية التي قد تؤدي إلى انتفاضة مسلحة.

وتعتقد أن إسرائيل تواجه التحديات وهواجس القضية الفلسطينية، سواء شمالي الضفة وجنين والقدس أو حتى قطاع غزة، وهو الواقع الذي يحتم على إسرائيل التعامل في وقت واحد مع مسارين خطرين يغذي كل منهما الآخر.

ولا تستبعد أن يؤدي مسار احتدام الصراع والمواجهات إلى تحول الاحتجاجات الشعبية في الضفة إلى انتفاضة مسلحة، وعلى المدى البعيد يمكن أن تؤدي سياسة حكومة نتنياهو إلى واقع “الدولة الواحدة”، وهو المسار الذي سيحول بين الفلسطينيين والانفصال مستقبلا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى