الاخبار العاجلةسياسة

ماذا وراء تسليح الجيش السوداني للمتقاعدين العسكريين والمواطنين؟

الخرطوم- اعتبر مراقبون أن القرارات الأخيرة لوزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم تهدف إلى رفع الضغط عن القيادة العليا للجيش التي تواجه انتقادات بالتقصير في حماية الضباط المتقاعدين من الاختطاف من قبل قوات الدعم السريع، وتزايد علميات السلب والنهب والتخريب بالأحياء السكنية في ظل غياب الشرطة.

ودعت وزارة الدفاع السودانية متقاعدي القوات المسلحة و”كل القادرين على حمل السلاح” للتوجه إلى أقرب قيادة عسكرية لتسليحهم تأمينا لأنفسهم وذويهم، وذلك ردا على تجاوزات قوات الدعم السريع ضد المدنيين ومتقاعدي الجيش، وما وصفته بـ”إذلال رموز الدولة”.

وقال وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم ياسين -في بيان للوزارة- “نهيب بكل متقاعدي القوات المسلحة من ضباط وضباط صف وجنود وكل القادرين على حمل السلاح التوجه إلى أقرب قيادة عسكرية لتسليحهم تأمينا لأنفسهم وحرماتهم وجيرانهم وحماية لأعراضهم، والعمل وفق خطط هذه المناطق”.

وأضاف أن هذا النداء جاء بعد “أن تمادت قوات التمرد في إذلال رموز الدولة من الأدباء والصحفيين والقضاة والأطباء وأسر ومطاردة والقبض على متقاعدي القوات النظامية”.

وتعليقا على هذا القرار، قالت قوات الدعم السريع إن إعلان الجيش السوداني التعبئة العامة بتسليح متقاعديه “يعكس فشله في ميدان المعركة”.

ضوابط حمل السلاح

واعتبر مستشار عسكري في وزارة الدفاع القرارات بمثابة دعوة لقوات الاحتياط، مشيرا إلى أن من يتم تسليحهم من العسكريين لن يشاركوا في القتال، لكنهم يساعدون في حفظ الأمن بالأحياء بعد انتشار عصابات النهب والسلب وبعض متمردي الدعم السريع الذين يروعون المواطنين وينهبون السيارات والأموال والمقتنيات الثمينة.

وفي حديث مع الجزيرة نت، ذكر المستشار العسكري أنهم رصدوا استهداف متمردي الدعم السريع للمتقاعدين من كبار ضباط الشرطة والمخابرات، واختطاف مجموعة من منازلهم، ونهب وتخريب منازل من لا يجدونهم، موضحا أن آخرهم ضابط طبيب برتبة لواء كان يعمل في المستشفى العسكري تقاعد منذ أكثر من 20 عاما، حيث تم اختطافه من منزله بحي المسالمة في أم درمان، وأجبر على ارتداء زي عسكري وتم تصويره على أنه أسير.

وأضاف أن عددا كبيرا من قوات الدعم السريع تخلوا عن مركباتهم العسكرية خوفا من استهدافها من الجيش، ونهبوا مئات السيارات من المواطنين لاستخدامها في تحركاتهم، وأن آخرين هربوا بها إلى دارفور وتم رصدها في غرب أم درمان، مما يتطلب تسليح المواطنين القادرين على حمل السلاح وفق ضوابط مشددة حتى لا يتسرب إلى يد المتمردين أو يستخدم في غير أغراض حماية الأنفس والممتلكات، مؤكدا جمع السلاح بعد نهاية الحرب.

رفع الضغط عن القيادة

بدوره، لاحظ الخبير العسكري موسى عبد الله أن وزير الدفاع الفريق ياسين إبراهيم ظل صامتا منذ اندلاع القتال وراجت شائعات برفضه الحرب، لكن تم نفيها من الجيش في وقت سابق، متوقعا أن صدور قرار منه بتسليح متقاعدي الجيش سيكون ردا عمليا على الشائعات التي ظلت تلاحقه في ظل صمته وابتعاده عن أضواء الإعلام.

اقرأ ايضاً
الدوحة وواشنطن تبحثان تطورات أفغانستان أمنياً وسياسياً

وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد الخبير العسكري أن قرار وزير الدفاع -الذي يعني عمليا استدعاء قوات الاحتياط وإعلان التعبئة العامة- تأخر وجاء بعد أكثر من 40 يوما من بداية المواجهات بعدما تعرضت القيادة العسكرية العليا إلى انتقادات بالتقصير تجاه ما يحدث لبعض الضباط المتقاعدين وعدم حماية المواطنين.

وأوضح عبد الله أن “حرب المدن تجري على مراحل من كسر قوة العدو الصلبة وضرب قواعده وقطع خطوط إمداده ثم الانقضاض عليه”، ويرى أن الجيش حاليا يخطط للمرحلة الأخيرة، لكن موازين القوى يمكن أن تتغير في حال غيّر الطرف الآخر تكتيكاته وخططه لتحقيق عمليات نوعية تعيد توازنه، وحصل على دعم، الأمر الذي يمكن أن يطيل أمد الحرب.

مخاوف من الفوضى

في المقابل، يرى المحلل السياسي سامي عبد الناصر أن تسليح الضباط والجنود المتقاعدين أمر متعارف عليه في الحروب، لكن تسليح المدنيين يمكن أن يجر البلاد إلى فوضى وحرب أهلية.

ويقول المحلل السياسي للجزيرة نت إن أغلبية من ارتكبوا نهب الأسواق وحرقوا مصانع ومتاجر وشركات هم من الطبقة الفقيرة التي تقطن في أطراف مدن العاصمة، وهم من ضحايا المجتمع وإهمال الدولة ووقع عليهم غبن اجتماعي، ولو شعروا أن تسليح المواطنين يستهدفهم فسيدفعهم ذلك إلى تسليح أنفسهم، مما يؤدي إلى صدام وحرب أهلية.

ويحذر عبد الناصر من “عسكرة المجتمع”، حيث إن بعض القبائل في الأقاليم المختلفة في غرب البلاد وشرقها تملك أسلحة، وتنتشر ملايين قطع السلاح في أيدي المواطنين، وتوزيع مزيد من السلاح يهدد بانتشاره على نطاق واسع تصعب السيطرة عليه.

مقاومة شعبية

وتصاعدت في مدن العاصمة الثلاث خلال الفترة الماضية عمليات السلب والنهب المسلح، في ظل غياب الشرطة التي اختفت وأغلقت مراكزها منذ بداية الحرب في منتصف أبريل/نيسان الماضي.

وبرزت مبادرات في بعض أحياء ولاية الخرطوم وجدت اهتماما في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قام مواطنو منطقة “أمبدة السبيل” في أم درمان بإغلاق طرقات الحي بالحجارة والحفر لمنع دخول قوات الدعم السريع.

وشكّل شباب منطقة “الجريف غرب” في شرق الخرطوم مجموعات تتجول ليلا لمنع اللصوص وعصابات النهب، وسط زغاريد من نساء الحي وتشجيع كبار السن.

ووزع سكان شمال حي المجاهدين في جنوب شرق الخرطوم صفارة لكل منزل، لتنبيه بقية السكان إذا لاحظوا حركة أشخاص من خارج الحي أو تم الاعتداء على أي منزل، واستخدام مكبرات الصوت في المساجد لاستنفار المواطنين في حال وقوع عملية نهب أو اعتداء على المنازل من قبل العصابات.

وفي منطقة سوبا شرق النيل نظم المواطنون دوريات ليلا بعد محاولة سرقة سيارات من قبل مجموعات مسلحة ترتدي زي الدعم السريع، كما أغلقوا طرقات الحي الداخلية بالحجارة لمنع تحرك أي سيارات تستهدف نهب المنازل، مما حد من عمليات النهب السلب.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى