الاخبار العاجلةسياسة

مؤرخ بريطاني: لهذا بوتين محق في خوفه على حياته

يُتذكر الإمبراطور الروماني دوميتيان في التاريخ بمزحة واحدة فقط عندما قال “إنه لأمر فظيع أن تكون إمبراطورا، لأن كل شيء يجعلك تعتقد أن ذعرك من الاغتيال لا أساس له، حتى تُقتل بالفعل!”، وبعد مدة وجيزة اغتيل دوميتيان.

في هذا السياق، يقول المؤرخ البريطاني سيمون صباغ مونتيفويري، في مقال نشرته مجلة “تايم” (Time) الأميركية، إن اليقظة الشديدة هي المزاج الأساسي للاستبداد الذي يجب أن يستوطن هذه الحالة، ليس فقط لأن المستبد معرض بالفعل لخطر الانقلاب ومحاط بالأعداء، ولكن أيضا لأن استبداده يقتضي أن يكون شعبه خائفا ومعزولا ومن ثم تكون الحلول المتطرفة. والرئيس الروسي فلاديمير بوتين دليل حي على هذا اللغز.

وعلق مونتيفويري على الهجوم الأخير بمسيّرة على الكرملين بأنه ربما كان من عمل الفصائل الأوكرانية أو من داخل أجهزة الكرملين الداخلية الأوسع، أو عملية “زائفة” من قبل النظام نفسه، لكن كان حتميا أن تدّعي الدكتاتورية أنها كانت محاولة اغتيال لبوتين.

وعدّ الهجوم أمرا سخيفا لأن الجميع يعرف أن الرئيس لا يعيش في الكرملين بل خارج موسكو في قصره المنيف نوفو أوغاريوفو، ومع ذلك سيحظى الرئيس الروسي بتعاطف الإمبراطور دوميتيان لأن بوتين لديه كل الأسباب للخوف من الاغتيال.

النصر يجعل الحاكم الروسي غير معرض للخطر ويكاد يكون مقدسا، لكن الهزيمة تجعله عرضة للخطر من أقرب حاشيته ووزرائه وجنرالاته.

الأنظمة المطلقة

ويرى المؤرخ أنها صورة مبتذلة لبوتين تلك التي تمتلئ بها الصحافة الغربية، وكذلك لأسلافه ستالين وبيتر الأكبر وإيفان الرهيب؛ بأنهم مصابون بالشك إلى حد الجنون، وأنها فكرة مبتذلة تتجاهل طبيعة الدكتاتورية وتسيء فهمها خاصة في روسيا.

اقرأ ايضاً
تبادلا الانتقادات الحادة على الهواء.. حوار ساخن بين وزيري خارجية تركيا وألمانيا في إسطنبول

وذكر أن جميع الأنظمة المطلقة في تاريخ العالم تعتمد على الإكراه لسحق المعارضة والتشبث بالسلطة، ومن ثم خلق أعداء داخليين لا يمكنهم استخدام العنف إلا للإطاحة بالحاكم. وكل هذه الأنظمة تنشر الحرب وكراهية الأجانب لإلهام شعوبها والسيطرة عليها بطريقة تخلق فيلقا آخر من الأعداء.

وألمح مونتيفويري إلى أن بوتين يعرف تاريخ الطغاة، وظل يسأل المؤرخين في السنوات الأخيرة: “كيف سيتذكرني التاريخ؟”، وقال إن عزلته خلال جائحة كوفيد جعلته أحد أخطر البشر في التاريخ.

لكن التاريخ يكشف أيضا ما يحدث عندما يفشل القياصرة، ففي عام 1964 كان خروتشوف محظوظا لأنه أطيح به فقط وتقاعد بعد أن خاطر بحرب نووية وحقق إذلالا وطنيا غير مسبوق في أزمة الصواريخ الكوبية، على الرغم من أن خليفته بريجنيف اقترح اغتياله.

وتابع المؤرخ أن النصر يجعل الحاكم الروسي غير معرض للخطر ويكاد يكون مقدسا، لكن الهزيمة تعرضه للخطر من أقرب حاشيته ووزرائه وجنرالاته. وبينما يفكر المرء في القياصرة الذين أطاحت بهم الجماهير، فإن معظمهم قد دمرهم بالفعل أقرب زملائهم في أعماق قصورهم.

وختم المقال بأنه عندما يسقط القادة الروس يأتي الانتقام عادة من أقرب المقربين وكما قال ستالين مازحا “عندما تمشي في الممرات، لن تعرف أبدا متى سيأتيك”، وبوتين ليس مجنونا بالشك، فلديه كل سبب ليكون يقظا، وعندئذ سيتعاطف دوميتيان.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى