عودة سوريا الى الجامعة العربية و رسالة السعودية لأمريكا
بالرغم من رفض بعض الدول الاعضاء، لم يتمكن احد من الوقوف في وجه عودة سوريا الى الجامعة العربية، من ناحية اخرى فان هذه التطورات ترسم شكلية جديدة للمنطقة وترسل رسالة قوية وواضحة، مضمونها ان الارادة الامريكية لم تعد تؤخذ بعين الاعتبار.
المواضيع:
- محمد بن سلمان يرسل تذكيرًا للولايات المتحدة بشأن من هو صاحب القرار في المنطقة
- محمد بن سلمان لاعب لا يمكن لواشنطن تجاهله أو التنصل منه
- ولي العهد السعودي يقيم علاقات مع قوى أخرى، ويعيد تشكيل العلاقات بين الخصوم
- هل انتصر الاسد على ارادة الدول العربية الاخرى؟
- ردود الفعل على عودة سوريا الى الجامعة العربية
رسالة السعودية للولايات المتحدة بعد عودة سوريا الى الجامعة العربية
احتل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي كان يوصف بأنه منبوذ، مركز الصدارة الأسبوع الماضي، وذلك لدوره في عودة سوريا الى الجامعة العربية، في إشارة إلى واشنطن التي تتخذ القرار الإقليمي.
ان استقبال ولي العهد السعودي للرئيس بشار الأسد في القمة العربية بتقبيل الخدود والاحتضان، تحدت معارضة الولايات المتحدة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية وتوجت تحولًا سياسياً و جيوسياسياً في المنطقة بأسرها.
يسعى الأمير محمد بن سلمان، على تثبيت المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية باستخدام موقعه كعملاق للطاقة في عالم يعتمد على النفط واستهلكته الحرب في أوكرانيا.
بعد أن تم نبذه من قبل الدول الغربية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018 على يد فرقة اغتيال سعودية، ظهر الأمير الآن كلاعب لا يمكن لواشنطن أن تتجاهله أو تنكره.
بسبب الشك في وعود الولايات المتحدة بشأن الأمن السعودي وتعبه من نبرة توبيخها، يقوم محمد بن سلمان ببناء علاقات مع قوى عالمية أخرى، وبغض النظر عن ذعر واشنطن، يعيد تشكيل علاقاته مع خصومهم المشتركين.
لم تكن ثقته خلال القمة العربية في جدة واضحة فقط في استقباله للأسد. بل مع حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عرض محمد بن سلمان التوسط بين كييف وزميلته المنتجة للنفط موسكو.
مع أن واشنطن تبدو أقل انخراطًا في الشرق الأوسط وأقل تقبلاً لمخاوف الرياض، فإن الأمير محمد بن سلمان ينتهج سياسته الإقليمية الخاصة مع مراعاة أقل وضوحًا لآراء حليفه الأقوى.
ومن جانبه قال عبد العزيز الصقر رئيس مركز الخليج للأبحاث في القمة، تعليقاً على عودة سوريا الى الجامعة العربية “هذه إشارة قوية لأمريكا بأننا نعيد تشكيل علاقاتنا ونعيد رسمها بدونكم”.
الاستقبال الحار بعد عودة الاسد الى الجامعة العربية
بعد أكثر من عقد من العزلة، تم الترحيب بعودة بشار الأسد، رئيس سوريا التي مزقتها الحرب، إلى جامعة الدول العربية.
وحضر الأسد يوم الجمعة القمة الثانية والثلاثين للكتلة الإقليمية في مدينة جدة الساحلية بالسعودية للمرة الأولى منذ تعليق عضوية بلاده في أعقاب اندلاع الحرب في سوريا عام 2011.
خلال خطابه، قال إن القمة كانت “فرصة تاريخية” لمعالجة الأزمات في جميع أنحاء المنطقة”، بينما احتج المئات في شمال سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة على مشاركته في الحدث.
وقال الأسد للحضور بمناسبة عودة سوريا الى الجامعة العربية “آمل أن تكون بداية ومرحلة جديدة من العمل العربي للتضامن بيننا ومن أجل السلام في منطقتنا والتنمية والازدهار بدلاً من الحرب والدمار”.
وقال الأسد إن سوريا ستنتمي دائما إلى العالم العربي ودعا إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وقال: “من المهم ترك الشؤون الداخلية لأبناء البلاد لأنهم هم الأقدر على إدارة شؤونهم الخاصة”.
وفي انتقاد واضح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي دعم الثوار السوريين وأرسل القوات التركية إلى أجزاء من شمال سوريا، أشار الأسد إلى “خطر الفكر العثماني التوسعي”، واصفاً إياه بأنه متأثر بالإخوان المسلمين، التي تعتبرها دمشق والعديد من الدول العربية الأخرى عدوًا لها.
ردود الفعل الشعبية على عودة سوريا الى الجامعة العربية
وفي اعزاز الواقعة في شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة هتف المتظاهرون “الشعب يريد اسقاط النظام” فيما خرج المئات الى الشوارع احتجاجاً على عودة سوريا الى الجامعة العربية.
وكُتب على بعض اللافتات في الاحتجاج: “لا يمكن أن يمثل الأسد المجرم سوريا”. كما اقيمت الاحتجاجات المعارضة للأسد في مناطق أخرى يسيطر عليها الثوار، بما في ذلك مدينة عفرين الشمالية.
قال عصام الخطيب، المحامي الأصل من مدينة حلب الشمالية: “ندعو الشعوب العربية إلى الضغط على حكوماتهم للتراجع عن قرار إعادة قبول بشار الأسد كممثل في لسوريا في الجامعة العربية.
في حين رفع متظاهر يحمل لافتة كتب عليها “التطبيع مع النظام خيانة لله ورسوله والمسلمين”
نهاية حقبة وبداية عهد جديد
قال محللون إن إعادة قبول سوريا في عضوية الجامعة العربية المكونة من 22 دولة هي إشارة قوية على انتهاء عزلة الأسد، مما يعكس تحولًا مهمًا في كيفية رؤية الجهات الفاعلة الإقليمية لواقع بقاء حكومته، بطرق تتعارض مع الغرب.
وقال إبراهيم فريحات من معهد الدوحة إن ذكر الأسد لـ “الهوية العربية” كان ذا مغزى.
واضاف:”شدد على الهوية العربية لسوريا، وربط ذلك بالمنطقة العربية الأوسع، مما يؤكد أن سوريا ونظام الأسد هنا جزء من المجموعة الأكبر والمنطقة بأسرها”.
وأشار فريحات إلى أن عودة “النظام السوري” والترحيب به من قبل القادة العرب كانت أيضًا موضوعًا رئيسيًا في القمة.
كما قال “إنها نهاية حقبة وبداية عهد جديد”، مضيفًا أنه بينما انحازت العديد من الدول العربية إلى جانب المعارضة السورية، وقدمت مساعدة عسكرية وسياسية كبيرة للمعارضة، فإن الأمر الآن هو العكس. والدول العربية الأن تعيد تأهيل الأسد.
كان البلد المضيف في السابق داعماً رئيسياً لجماعات المعارضة المسلحة التي سعت للإطاحة بالأسد خلال الحرب السورية، ولكنها فشلت في اسقاط الأسد، لأن ايران لم تسمح لها ولباقي الدول العربية بذلك، بل وقد اجبرت السعودية على طلب الصلح من ايران و سوريا.
في وقت سابق في جدة، مع دخول القادة القاعة الرئيسية للقمة، تبادل الأسد التحيات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وآخرين.
عانق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، الأسد قبل التقاط صورتهما الرسمية قبل بدء الاجتماع.
وقال محمد بن سلمان إنه يأمل أن “تؤدي عودة سوريا إلى الجامعة العربية إلى نهاية أزمتها”.
الخلاصة
تم إلغاء عضوية سوريا في جامعة الدول العربية بعد أن أمر الأسد بقمع المتظاهرين في مارس 2011، مما أدى إلى اندلاع حرب بالبلاد، أدت منذ ذلك الحين إلى مقتل ما يقرب من نصف مليون شخص وتشريد 23 مليون آخرين.
ضغطت بعض الدول العربية لإنهاء عزلة الأسد ورحبت بالقرار، بينما عارضت دول أخرى التطبيع الكامل دون حل سياسي للصراع السوري وطالبت بوضع شروط لعودة سوريا.
المملكة العربية السعودية، القوة النفطية التي كانت ذات يوم متأثرة بشدة بالولايات المتحدة، قد اتخذت زمام القيادة الدبلوماسية في العالم العربي في العام الماضي، وأعادت إقامة العلاقات مع إيران، ورحبت بسوريا في الجامعة العربية بعد ان فشلت في اسقاطها.
ستمثل إعادة العلاقات المحتملة بين الرياض ودمشق أهم تطور حتى الآن في تحركات الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الأسد.
المصدر: رأي الخليج + الجزيرة