يربط آسيا بأوروبا بسكك حديدية.. ماذا تعرف عن طريق التنمية الجديد بالعراق؟
بغداد- احتضنت بغداد اليوم السبت مؤتمر طريق التنمية الذي نظمته الحكومة العراقية، وقال بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إن المؤتمر شهد مشاركة 10 دول، هي: العراق ووزراء النقل في كل من السعودية وإيران وتركيا والأردن وسوريا والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عُمان، إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وفي كلمة له خلال افتتاح المؤتمر، قال السوداني “نرى في هذا المشروع المستدام ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي وعقدة ارتباط تخدم جيران العراق والمنطقة، وإسهاما في جلب جهود التكامل الاقتصادي”.
ويعول العراق على طريق التنمية -أو ما يعرف محليا “بالقناة الجافة”- لربط الأسواق الآسيوية بالأوروبية عبر ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة (جنوبا) ثم القناة الجافة التي تبدأ من الميناء جنوبا وتنتهي بالحدود العراقية التركية شمالا.
تفاصيل المشروع
ويعد طريق التنمية بالعراق من أهم المشاريع الإستراتيجية في البلاد، إذ أكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون النقل ناصر صالح الأسدي إنه سيوفر 100 ألف فرصة عمل كمرحلة أولى، ومليون فرصة بعد إكماله وإنجازه، كما أشار إلى أن المشروع سيتضمن خطوطا للسكك الحديدية للقطارات السريعة وطرقا برية سريعة، وسيمر بـ13 محافظة عراقية.
وقال الأسدي -في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)- إن مشروع طريق التنمية يعد العصب الجديد للاقتصاد العراقي، مبينا أن المشروع سيتضمن موانئ ومدنا صناعية وسكنية جديدة، إضافة إلى المطارات، وأن تنفيذه سيكون باتجاه الصحراء بهدف استصلاح الأراضي للزراعة والصناعة والتجارة، وفق قوله.
أما المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي فأشار -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الخط الإستراتيجي الأساسي سيكون طريق السكة الحديدية بطول 1175 كيلومترا، بالإضافة إلى الطريق البري بطول 1190 كيلومترا، مبينا أنه سيكون للطريقين مساران مختلفان في جنوب البلاد، إلا أنهما سيلتقيان في شمال محافظة كربلاء (جنوب بغداد)، وبعدها سيسير الطريقان جنبا إلى جنب حتى وصولهما إلى منطقة فيشخابور قرب الحدود العراقية السورية التركية.
وعن مهمة الطريق الجديد، أوضح العوادي أنها تتلخص في نقل البضائع بمختلف أنواعها من أوروبا إلى تركيا عبر العراق وإلى الخليج جنوبا، في الوقت الذي سينقل الطريق السلع والموارد الخليجية من دول الخليج عبر العراق إلى كل من تركيا وأوروبا، مبينا أن الطريق البري سيشهد عبور آلاف الشاحنات المقبلة من 25 دولة، وفق تعبيره.
كما لفت إلى أن الحكومة العراقية ستضمن أن تكون جميع البنى التحتية المتعلقة بالعراق “سيادية”، وأن بلاده ستحافظ على كل المساحات التي تعد سيادية لكي يبقى هذا الطريق عراقيا، وفق قوله. مختتما بأن مدة إنجاز المشروع ستبدأ عام 2024 وتنتهي عام 2028، بمدة إنجاز قياسية خلال 4 سنوات فقط.
مميزات اقتصادية
من جانبها، تقول عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية العراقية فيان عبد العزيز عبد الرحمن إن طريق التنمية الجديد سيشكل أساسا مهما لتطوير القطاع الخاص، نظرا لما يوفره من فرص عمل، ومدة إنجاز المشروع (القناة الجافة) ستكون بين 4 و5 سنوات بعوائد اقتصادية كبيرة للعراق ودول المنطقة.
وفي حديثها للجزيرة نت، أوضحت النائبة أن المشروع سيكون استثماريا، بما يعني إمكانية مشاركة الدول المساهمة في جزء من المشروع، مبينة أن آلية الاستثمار ستناقش خلال اجتماعات مفصلة بعد المؤتمر، ووفق آليات يُتفق عليها لاحقا، وفق قولها.
وبالذهاب إلى عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، أوضح أن طريق التنمية سيكلف نحو 17 مليار دولار، وأن هناك إمكانية كبيرة لتنفيذه، لا سيما أن العراق لن ينفق في المشروع أي أموال، وأن إنشاءه سيكون عن طريق الاستثمار المباشر، خاصة من قبل كل من الإمارات والسعودية وقطر وتركيا، التي تعد أكثر الدول حرصا على المشاركة في المشروع.
وعن الدول التي قد تتضرر من المشروع، أوضح أن المشروع سيرتكز على ميناء الفاو الكبير الذي سيحد من مزايا ميناء خور عبد الله الكويتي، كما سيحد من امتيازات ميناء جبل علي في الإمارات، فضلا عن تضرر خط عبادان الإيراني من المشروع، وبالتالي تحرص هذه الدول على المساهمة في المشروع.
تقليص مدة الشحن الدولي
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح كوجر أن الحكومة العراقية الحالية يُنظر إليها بصورة إيجابية دوليا، وبالتالي هناك مطلب دولي لإحياء هذا الطريق لما سيوفره من تقليص فترة الشحن والنقل من آسيا إلى أوروبا والعكس، فضلا عن إسهامه في تقليص كلفة الشحن الدولي.
في السياق، يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة المعقل في محافظة البصرة نبيل المرسومي إن مشروع طريق التنمية أو “القناة الجافة” يتضمن 3 مراحل؛ تكتمل الأولى عام 2028، ثم المرحلة الثانية عام 2038، في حين ستكتمل المرحلة الثالثة عام 2050 عند اكتمال المشروع الكامل لميناء الفاو الذي سيضم 99 رصيفا للشحن.
كما أوضح المرسومي -في حديثه للجزيرة نت- أنه ومع اكتمال المرحلة الأولى عام 2028، فإن الطريق سيوفر نقل 3.5 ملايين حاوية شحن للبضائع، مع إيرادات تقدر بنحو 4.8 مليارات دولار سنويا.
أما عن إسهام المشروع في تقليص مدة شحن البضائع، فإن زمن الرحلة البحرية للسفن المحملة بالبضائع من ميناء شنغهاي الصيني إلى ميناء روتردام الهولندي تستغرق نحو 33 يوما، وفق المرسومي، في حين أنها ستستغرق 15 يوما فقط عندما تنتقل البضائع من ميناء شنغهاي الصيني إلى ميناء جوادر الباكستاني ثم إلى ميناء الفاو الكبير، ومنه عبر القناة الجافة العراقية إلى موانئ البحر المتوسط في تركيا، ومنها إلى ميناء روتردام الهولندي، بما يعني تقليص زمن الرحلة بأكثر من 50%، وفق قوله.
ويأتي مشروع القناة الجافة بالعراق في الوقت الذي يعاني فيه العراق من تهالك البنى التحتية في قطاع النقل، وهو ما تطمح الحكومة إلى معالجته عبر هذا الطريق الجديد، في وقت أكد فيه ممثل البنك الدولي -خلال كلمته في المؤتمر- أن العراق بحاجة لاستثمارٍ يقدر بأكثر من 21 مليار دولار في قطاع النقل خلال السنوات الخمس القادمة، وأن طريق التنمية الجديد سيزيد الترابط بين العراق ودول المنطقة، كما أن المشروع سيقلل انبعاثات التلوث بشكل كبير بما يسهم في تطور البلاد.