11 ألف وثيقة عُثر عليها بمنزله.. تعرّف على الأرشيف الأميركي ولماذا قد يتسبب في سجن ترامب؟
واشنطن- تُعد إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية (NARA) وكالة فدرالية مستقلة، لكنها تتبع الفرع التنفيذي في الحكومة الأميركية، وهي الجهة المكلفة بحفظ وتوثيق السجلات الحكومية والتاريخية، كما أنها مكلفة بتسهيل وصول الجمهور إلى تلك الوثائق التي تشكل “الأرشيف الوطني”.
وهذه الإدارة مسؤولة رسميا عن صيانة ونشر النسخ الأصلية والموثوقة من قوانين الكونغرس والتوجيهات الرئاسية واللوائح الفدرالية.
ويقع المقر الرئيس للأرشيف الوطني في مبنى خاص به في واشنطن العاصمة، وله مراكز إقليمية في 15 ولاية أميركية، ويقول موقعه الإلكتروني إنه في “الدول الديمقراطية تتبع السجلات والوثائق الشعب، ولأكثر من 8 عقود حافظ الأرشيف على سجلات ووثائق الولايات المتحدة الأميركية وإتاحة الوصول إليها”.
وتساعد السجلات في المطالبة بحقوق الشعب واستحقاقاته ومحاسبة المسؤولين المنتخبين و”توثيق تاريخنا كأمّة”، بحسب الموقع، وباختصار: يضمن الأرشيف الوطني استمرار الوصول إلى الوثائق الأساسية لحقوق المواطنين الأميركيين والإجراءات التي تقوم بها حكومتهم.
تاريخ طويل ومقتنيات ضخمة
تأسّس الأرشيف الوطني عام 1934 من قبل الرئيس فرانكلين روزفلت، لكن مقتنياته الرئيسية بدأ تجميعها عام 1775. ومن أهم ما يحتفظ به: نسخ أصلية من الدستور، و”إعلان تحرير العبيد”، ووثائق ألمانية تم الاستيلاء عليها بعد هزيمة النازيين، ووثائق الاستسلام اليابانية في الحرب العالمية الثانية، ووثيقة تحمل توقيع بونابرت على معاهدة شراء لويزيانا.
ويحتفظ الأرشيف الوطني بنحو 13.28 مليار صفحة من السجلات المكتوبة، و10 ملايين خريطة ورسم بياني ورسومات معمارية وهندسية، و44 مليون صورة ثابتة ورقمية وشرائط أفلام ورسومات، و40 مليون صورة جوّية، و563 ألف بكرة من الأفلام السينمائية، و992 ألف تسجيل فيديو وصوت، و1.323 تيرابايت من البيانات الإلكترونية. ويتم الحفاظ على جميع هذه المواد لأهميتها لعمل الحكومة ولقيمتها البحثية الطويلة الأجل، ولأنها توفر معلومات ذات قيمة للمواطنين.
قوانين السجلات والوثائق الرئاسية
يحكم قانون السجلات الرئاسية (PRA) لعام 1978 الوثائق الرئاسية، وتم إدخال تعديلات عليه عام 2014. وبمقتضى هذا القانون، أصبحت جميع السجلات الرئاسية ملكية حكومية.
وينص القانون على أن السجلات والوثائق الرئاسية تنتقل تلقائيا إلى الوصاية القانونية لأمين المحفوظات بالأرشيف الوطني، بمجرد مغادرة الرئيس منصبه. ويطلب القانون من الرئيس فصل الوثائق الشخصية عن السجلات الرئاسية قبل ترك منصبه.
والوضع القانوني للسجلات الرئاسية واضح لا لبس فيه، حيث ينص على أن الولايات المتحدة تحتفظ بـ”الملكية الكاملة والحيازة والسيطرة على السجلات الرئاسية”، وإذا وجد رئيس أو نائب رئيس سابق سجلات رئاسية بين المواد الشخصية التي يأخذها معه عند مغادرة البيت الأبيض، فعليه الاتصال بالأرشيف القومي لترتيب نقل آمن لهذه الوثائق إلى الأرشيف الوطني.
مخالفات ترامب
وُجّهت للرئيس السابق دونالد ترامب 37 تهمة تتعلق بعدم نقل آلاف الوثائق -وبعضها سري للغاية- إلى “الأرشيف الوطني” عند انتهاء فترة حكمه ومغادرته البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 2021، وقد رفض بعد ذلك إعادة معظمها رغم طلبات مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي).
ونفى الأرشيف الوطني الأميركي ما قاله ترامب ومحاموه من أن القانون يسمح له الاحتفاظ بالسجلات الرئاسية لمدة عامين، لمراجعتها ومعرفة ما هو شخصي منها وما هو رئاسي.
وذكر الأرشيف الوطني -في بيان له- أنه لا يوجد نص في القانون يسمح للرؤساء بالاحتفاظ بالوثائق والسجلات بعد مغادرتهم مناصبهم من أجل فرزها.
وعندما ترك ترامب منصبه، كان من المفترض أن يسلم جميع الوثائق الرئاسية -التي تعتبر ملكية فدرالية- إلى مكتب الأرشيف الوطني، وفقا لقانون السجلات الرئاسية. وأرسل الأرشيف الوطني بالفعل عددا من موظفيه لمساعد ترامب في التعامل مع وثائق وسجلات إدارته، وهي خدمة يقوم بها الأرشيف قبل انتهاء حكم كل رئيس، ولا يسمح القانون للمسؤولين الفدراليين -بمن فيهم الرؤساء السابقون- الاحتفاظ بوثائق سرية في مكان غير مصرح به.
وبعد 6 أشهر من مغادرة ترامب البيت الأبيض، أدرك الأرشيف الوطني أن بعض السجلات مفقودة، وشملت بعض مراسلات ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ورسالة تركها الرئيس السابق باراك أوباما لترامب عندما غادر منصبه، ووثائق أخرى تتعلق بالأمن القومي.
وفي أغسطس/آب 2022، فتش مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) منزل ترامب في مارالاغو بولاية فلوريدا، وصادر قرابة 11 ألف وثيقة أخرى يحمل الكثير منها ختم “سري” أو “سري للغاية”، وبعضها الآخر يحمل تصنيف المواد التي يمكن أن تسبب أضرارا “خطيرة بشكل استثنائي” للأمن القومي الأميركي.
ويعتقد المدعون الفدراليون أن ترامب احتفظ عن علم ببعض هذه الوثائق، وعمل على عرقلة التحقيق والجهود المبذولة لاستعادتها، وأن بقاء بعض الوثائق مجهولة المصير لمدة 20 شهرا بعد انتهاء رئاسته، يعد جريمة، مع تجاهله التام لسيادة القانون ومتطلبات الأمن القومي.