الاخبار العاجلةسياسة

كتاب “هندسة الاحتلال” يكشف التفاصيل.. هل فشلت إسرائيل في استغلال نكسة الـ67؟

رام الله- “مخططات الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين عام 1967 لا تختلف عما تقوم به الحكومة الحالية، جميعها تأتي في سياق سياسات غير معلنة منذ عام 1948”.. بهذه الكلمات لخص الباحث عليان الهندي كتابه “هندسة الاحتلال.. أرشيف حكومة إسرائيل عام 1967” الذي ناقشه في رام الله أمس الثلاثاء في الذكرى الـ56 لحرب يونيو/حزيران ونكسة فلسطين.

عليان (الصحفي والباحث في الشؤون الإسرائيلية) راجع ما يقارب 10 آلاف ورقة من محاضر اجتماعات الحكومة الإسرائيلية، والتي نشرت عام 2017 بمناسبة مرور 50 عاما على احتلال ما تبقى من فلسطين، وقدمها في قراءة تحليلية بكتاب يقع في 214 صفحة صادر عن مركز أبحاث منظمة التحرير.

وفي إطار البحث قسّم الكاتب الوثائق إلى 4 أجزاء، الأول يتعلق بالحرب والاستعداد لها “أجواء التسخين وقرار الحرب”، والثاني: طريقة إدارة الحرب، والثالث: الجبهات السورية والمصرية واللبنانية، ثم الجبهتان الفلسطينية والأردنية.

ورغم أن هذه الاجتماعات لا تقتصر على نقاش الوضع الفلسطيني في تلك الفترة فإن تحليل الباحث اقتصر عليها أو ما ارتبط بها بشكل مباشر.

يقول الهندي للجزيرة نت إن “دراسة هذه الوثائق لها أهمية كبيرة في فهم العقلية الإسرائيلية تجاه ما يحدث اليوم، فما يجري على الأرض هو استكمال لمخطط وضع بعد 1948 وبدأ تنفيذه في عام 1967”.

ويقصد بهذه الخطط ما يتعلق بتمسك إسرائيل بالسيطرة على الضفة الغربية وعدم السماح بإقامة دولة فلسطينية، وبناء المستوطنات وإنكار وجود الشعب الفلسطيني، مضيفا “خلال مراجعتي لكل هذه الوثائق لم يتكرر مصطلح فلسطين سوى مرات قليلة، في محاولات لإنكار وجود الشعب الفلسطيني”.

الصورة-3--عزيزة-نوفل--فلسطين--رام-الله--الكاتب-عليان-الهندي-خلال-نقاش-كتابه--الجزيرة-نت-
عليان راجع قرابة 10 آلاف ورقة من محاضر اجتماعات الحكومة الإسرائيلية التي نشرت عام 2017 بمناسبة مرور 50 عاما على احتلال ما تبقى من فلسطين (الجزيرة)

الجيش يحكم إسرائيل

ويرى الهندي أن الحكم في إسرائيل بيد الجيش وليس فقط في تعامل الحكومة مع الفلسطينيين، فمحضر اجتماع الحكومة الذي عقد في الرابع من يونيو/حزيران 1967 يظهر بوضوح أن قرار الحرب والسلم بيد الجيش فقط في إسرائيل.

وكما يظهر في هذه المحاضر أيضا فإن النصر السهل والسريع لإسرائيل على الدول العربية جعلها تشعر بإرباك، وهو ما جعلها تسعى بشكل سريع إلى إيجاد حلول للتحديات التي أصبح عليها التعامل معها، فكان السعي منذ البداية للتخلص من السكان، ووضعت خططا للتخلص الكامل من سكان غزة وإحلال المستوطنين.

ويقول الهندي “لم تكن مجرد نقاشات عابرة، فقد وضعت الخطط وبدأت الحكومة بالتنفيذ”، ومن الخطط الموضوعة: قطع خط المياه الرئيسي الذي يغذي قطاع غزة، وإجبار السكان على الهجرة أو نقلهم إلى منطقة الأغوار بالقوة أو تهجيرهم إلى البرازيل أو مناطق الأكراد في العراق “وبالفعل جرت اجتماعات مع الرئيس البرازيلي حينذاك لمناقشة تهجير سكان القطاع إلى هناك”.

واللافت في هذه المخططات أن إسرائيل لم تطرح إمكانية التخلي عن السيطرة الأمنية على الضفة الغربية، وهو ما يثبت عدم جديتها في عقد اتفاقية سلام مع الفلسطينيين أو السماح بإقامة دولة فلسطينية.

اقرأ ايضاً
"خافوا الله فينا".. صرخة ألم من قلب مخيم عين الحلوة في لبنان

ويتابع عليان أن طرح فكرة إقامة سلام مع العرب كان من النقاشات الحاضرة دوما، ولكن في كل مرة كانت تستثني الفلسطينيين، والتركيز على رغبة كبيرة بإقامة السلام مع مصر، وهو ما جعلها تستثني سيناء من مخططات الاستيطان أو مخططات تهجير الفلسطينيين.

إشغال الفلسطينيين

بعد أشهر من الحرب بات النقاش في الحكومة الإسرائيلية يتمحور على ضرورة إشغال الفلسطينيين بقضاياهم الحياتية، وإشغالهم عن القضايا الوطنية والسياسية، وهو يتكرر الآن بطرح حلول اقتصادية للتصدي لأي هبّة فلسطينية على الأرض.

ولم يتأخر نقاش كيفية السيطرة على الأراضي من خلال المستوطنات على الرغم من أن البناء الفعلي بدأ بعد ذلك بسنوات، ويتابع “خابت التوقعات الإسرائيلية في ما يتعلق بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم في هذه الحرب، وهو ما أخر تنفيذ مخططات بناء الاستيطان”.

وفي ما يتعلق بالمقاومة، كانت التقديرات في ذلك الوقت -كما يقول الهندي- أن المكان الوحيد الذي يمكن أن يقود المقاومة هو قطاع غزة، وهو ما جعل الاحتلال يصب كل قوته العسكرية فيه.

يضاف إلى ذلك استخدام مستوى عال من العنف ضد المقاومين المتسللين من الأردن “ففي أحد المحاضر طلب رئيس الأركان من قيادات الجيش ربطهم بطائرات الهليكوبتر فوق القرى الحدودية لتخويفهم”.

ورافق كل ذلك وضع خطط إسرائيلية لسيطرة الاحتلال على مفاصل الحياة في الضفة الغربية، بما فيها الشق الشرقي من مدينة القدس المحتلة، وتحديدا باستحداث منصب منسق الضفة التابع بشكل مباشر للجيش الإسرائيلي، والذي تطور في عام 1977 إلى تشكيل الإرادة المدنية التي تحكم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

ما خفي أعظم!

بدوره، قال الباحث عبد الغني سلامة -الذي قدم مراجعة للكتاب- للجزيرة نت إن أهمية هذا الكتاب تنبع من كون هذه الوثائق من داخل الحكومة الإسرائيلية، فكثير من التفاصيل المعروفة مسبقا تمت معالجتها في كتب وأبحاث، ولكنها المرة الأولى التي تستند إلى وثائق إسرائيلية لا يمكن التشكيك فيها.

وتابع “نحن نعتقد أن الوثائق التي أخفتها إسرائيل بدعوى كونها سرية للغاية تفصح عن الكثير من جرائم الاحتلال التي نفذتها خلال هذه الحرب”.

وبحسب سلامة، فإن هذا الكتاب يقدم قراءة مختلفة للنكسة والانهيار السريع للمناطق التي احتلتها إسرائيل على الرغم من أن هذه الوثائق تظهر بوضوح أن 20 ألف مقاتل كانوا في قطاع غزة في ذلك الوقت.

وكما الكاتب الهندي، يرى سلامة أن أهمية هذه الوثائق -التي تتحدث عن انتصار مدوٍ لإسرائيل- أنها تظهر بوضوح فشلها بعد 56 عاما في مخططاتها المتعلقة بالسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين منها.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى