بعد تصفية والي غرب دارفور.. هل يلجأ “الإخوة الأعداء” في السودان إلى نهج “الاغتيالات”؟
حذر الكاتب والباحث المختص في الشؤون الأفريقية موسى شيخو من أن تشهد الساحة السودانية اتباع نهج جديد في إطار النزاع الدائر فيها بين الجيش وقوات الدعم السريع، عبر اعتماد أسلوب تصفية واغتيال القيادات السياسية والعسكرية من الجانبين.
وأوضح -في حديثه لحلقة برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/6/15)- أن التطورات الأخيرة، التي شهدتها ولايات دارفور، من شأنها أن تطيل أمد الحرب، وهو ما يزيد من كارثية الأوضاع، في ظل تداعي اتفاق السلام الذي أبرم مع الحركات والفصائل المسلحة فيها.
يأتي ذلك على خلفية مقتل والي غرب دارفور خميس أبكر، واتهام الجيش لقوات الدعم السريع باغتياله بعد اختطافه، وهو ما نفته الأخيرة داعية لتحقيق في الحادثة التي أدانتها ومؤكدة أنها جاءت في سياق صراع قبلي اتهمت الجيش بتأجيجه.
وتستمر المعارك بين المسلحين القبليين في ولايات دارفور، موقعة مزيدا من القتلى والجرحى، ومتسببة في أوضاع معيشية صعبة دفعت مدنيين للفرار.
ورأى شيخو -في حديثه للبرنامج- أن تصفية والي دارفور ربما تفتح بابا لاغتيالات أخرى، عبر اتباع أسلوب ونهج من لا يريدون هدوء الوضع والعودة إلى المسار السياسي، وذلك لإيصال رسائل لمن يتخذون مواقف داعمة لأي من الطرفين، كما كان عليه حال والي دارفور المقتول.
مؤشر خطير
واعتبر الباحث في الشؤون الأفريقية ما حدث مؤشرا خطيرا لمستقبل أكثر تعقيدا، يفتح باب اللاعودة بالسودان، مع انحراف قطار السلام سريعا عن سكة السودانيين، وهو الأمر الذي إذا لم يتنبه له الجميع -حسب تعبيره – فلن يكون هناك مجال لتدارك الأمور ومعالجتها لاحقا.
وقد دانت البعثة الأممية لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان قتل أبكر، ووصفته بالعمل الشنيع، مشيرة في بيان إلى شهود عيان أفادوا بتورط قوات الدعم السريع فيه، كما طالبت بتقديم الجناة بسرعة للعدالة وعدم توسيع رقعة العنف بالولاية.
كما دان الاتحاد الأوروبي تصفية والي غرب دارفور، ووصفها بالجريمة الوحشية المروعة. وقال سفيره لدى السودان إيدان أوهارا إن حماية المدنيين ووصول المساعدات إليهم ضروريان، مشددا على أن المسؤولين عن الانتهاكات سيخضعون عاجلا أم آجلا للمساءلة.
بدوره، أكد الكاتب والباحث السياسي حافظ كبير أنه لا يمكن فهم تدهور الأوضاع في دارفور بمعزل عن تاريخ الصراع القبلي فيه، مع إقراره بأن المشهد في الخرطوم يلقي بظلاله على تلك التطورات.
غطاء الدولة
وأرجع الباحث السياسي في حديثه لـ “ما وراء الخبر” خروج الأوضاع بدارفور عن السيطرة إلى رفع غطاء الدولة عن المشهد بالإقليم، مع تداخل الحدود الفاصلة بين التركيبة القبلية وانتماءات أبنائها للمؤسسات الرسمية من جيش وشرطة وقوات دعم سريع.
وحمل كبير الجيشَ مسؤولية اغتيال والي غرب دارفور، كونه لم يوفر الحماية اللازمة له، كما رأى أن المشهد من شأنه أن يزداد تدهورا في ظل استمرار غياب الأطراف المدنية، وترنح اتفاق السلام لانقسام أطرافه من حيث تأييد طرفي الصراع.
ومن جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني عبد الماجد عبد الحميد أن الحالة التي كانت عليها ولايات دارفور تشير إلى تراخي يد الدولة المركزية فيها، وإلى وجود ثقوب تنفيذية وأمنية أدت في النهاية لهذه الأوضاع المؤسفة.
واعتبر -في حديثه للبرنامج- أن تراخي الجيش، في حسم الأمور بالخرطوم، أحد أسباب تفاقم الأوضاع بولايات دارفور، وأنه برغم انحسار التهديد العسكري بعد انكسار شوكة “القوات المتمردة” إلا أن هذا تحول لتهديد أمني يحتاج إلى حزم وحسم سريع.
ويرى الكاتب أنه في حال استمرت الأمور دون ذلك الحسم، فستتصاعد الأزمة في ظل هشاشة الدولة، وسيكون السودان في مهب الريح أمام خريف ساخن.