صراع نفوذ بين حمزة يوسف وريشي سوناك.. قوانين مثيرة للجدل تفجر مواجهة بين أسكتلندا وبريطانيا
لندن- فتح مشروع قانون اقترحته الحكومة الأسكتلندية حول رفع التجريم عن الاستعمال الشخصي للمخدرات، مواجهة جديدة بين حكومة حمزة يوسف في أسكتلندا وحكومة ريشي سوناك في بريطانيا، ذلك أن تمرير مثل هذه القوانين تحتاج لموافقة من الحكومة البريطانية ومن البرلمان في لندن.
وينص مشروع القانون المقترح من الحكومة الأسكتلندية على أن أي شخص يُلقى القبض عليه سيتم توجيهه نحو العلاج عوض اعتقاله أو متابعته قانونيا، كما سيكون أمام الأشخاص الذين يخوضون مسار العلاج من الإدمان فرص أكبر للتوظيف من خلال إلغاء سجلهم العدلي.
ومباشرة بعد الإعلان عن هذه الوثيقة التي لم يصوت عليها البرلمان الأسكتلندي بعد، خرج ناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني ليعلن أن ريشي سوناك لن يدعم هذا القانون ولن يؤيد تمريره في البرلمان البريطاني. الأمر الذي أغضب زعيم الحزب الوطني الأسكتلندي (SNP) حمزة يوسف، وهو الذي قدم نفسه للأسكتلنديين باعتباره المدافع الشرس عن استقلال بلاده من التبعية لبريطانيا.
وليست هذه المرة الأولى التي تقف فيها لندن عائقا أمام القوانين القادمة من أسكتلندا، حيث قامت حكومة سوناك باستعمال “فيتو” ضد قانون يسمح للأطفال ما دون سن 16 سنة بتغيير جنسهم، وهو القانون الذي كان من أسباب سقوط حكومة الوزيرة الأسكتلندية الأولى السابقة نيكولا ستورجن.
صراع النفوذ
تسارع لندن في كل مرة لتذكير أسكتلندا أنها صاحبة القرار الأول والأخير فيما يتعلق بالقرارات الكبرى والمصيرية، ووصلت المواجهة بين الحزب الوطني الأسكتلندي وحزب المحافظين في بريطانيا إلى أعلى مستوياتها، عندما قرر الحزب الأسكتلندي اللجوء للمحكمة العليا من أجل تنظيم استفتاء حول الانفصال دون الحاجة لموافقة لندن، لتقرر المحكمة العليا أن أي استفتاء دون موافقة البرلمان البريطاني سيكون مخالفا للقانون وغير شرعي.
ولعل أبرز مظاهر هذه الأزمة هو غياب أي لقاء بين رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك والوزير الأول الأسكتلندي حمزة يوسف، رغم مرور أشهر على تعيين الأخير في منصبه.
ويعلم سوناك أن أي تفريط في جزء من صلاحيات لندن لصالح أسكتلندا لن يكون في صالحه ولا في صالح شعبية حزب المحافظين الذي يضم كتلة مهمة تعارض انفصال أسكتلندا عن المملكة المتحدة.
في المقابل يواجه الوزير الأول حمزة يوسف ضغوطا متزايدة للقيام بخطوات حقيقية في اتجاه إقرار استفتاء الانفصال، بعد أن وعد خلال حملته الانتخابية بجعل هذا الملف أولوية له، وخروجه من معركة قانون رفع تجريم الاستعمال الشخصي للمخدرات مهزوما أمام لندن سيزيد من حدة هذه الضغوط عليه ويرفع منسوب المواجهة مع ريشي سوناك.
“تسلط من لندن”
بكثير من الغضب تحدثت عضو حزب “ألبا الأسكتلندي” إيفون ريدلي، عن القرارات التي تتخذها لندن من أجل إيقاف القوانين المقترحة من أسكتلندا، وقالت “إن الأمر أشبه بممارسة العنصرية في حق الأسكتلنديين لأن البريطانيين يقولون لنا إننا تحت وصايتهم وهذا هو التسلط بعينه”.
وقالت الصحفية والسياسية الأسكتلندية المؤيدة للانفصال إن “بلادها لديها حكومة وبرلمان أعلم بمشاكلها من السياسيين الموجودين في لندن”، مضيفة أن “اتحاد المملكة المتحدة لم يعد عادلا، كما أن لندن باتت تمنع السياسيين الأسكتلنديين من الحديث مع قادة العالم تحت مبرر توحيد خطاب السياسة الخارجية، وهذا ظلم كبير لبلد عريق مثل أسكتلندا”.
وتوقعت ريدلي في حديثها للجزيرة نت، أن تحمل الانتخابات العامة المقبلة في بريطانيا لسنة 2025 الكثير من المفاجآت، “كما أن الانتخابات في أسكتلندا ستظهر أن المواطنين باتوا أكثر اقتناعا بجدوى الانفصال”، مشيرة إلى أن المحافظين يعلمون هذا “ولذلك يظهرون الكثير من التشدد في تسليم أية صلاحيات لأسكتلندا”.
ولم تظهر السياسية الأسكتلندية أية حماسة لاستطلاعات الرأي التي تقول إن حزب العمال هو من سيقود الحكومة البريطانية المقبلة، لأنها لا تتوقع تحولا كبيرا في تعامل لندن مع أسكتلندا “خصوصا أن كل السياسات التي يعلن عنها زعيم حزب العمال كير ستارمر هي سياسات تقليدية ومحافظة”.
حسابات سياسية
من ناحيته، اعترف الخبير السياسي البريطاني كريس دويل، بوجود توتر حقيقي بين حزب المحافظين والحزب الوطني الأسكتلندي؛ ذلك أن الحزب الأخير “يعلم أن حزب المحافظين في أضعف حالاته لهذا فهو يريد زيادة الضغط عليه خلال الفترة المقبلة”.
في المقابل يفسر دويل في حديثه مع الجزيرة نت، تشدد حكومة المحافظين مع القوانين القادمة من أسكتلندا بكون “حزب المحافظين ليس لديه الكثير مما يخسره فهو يعلم أنه شعبيته في تراجع في أسكتلندا ولن يراهن عليها في الانتخابات المقبلة، كما أنه يعلم أن حظوظه للفوز بالانتخابات المقبلة تتراجع بشكل كبير”.
وتوقّع الخبير السياسي البريطاني أن الوضع سيزداد سوءا بين بريطانيا والحزب الوطني الأسكتلندي خلال الأشهر المقبلة ومع اقتراب الانتخابات العامة في بريطانيا أيضا، فحتى حزب العمال من مصلحته إضعاف الحزب الوطني الأسكتلندي، لأن العمال هو ثاني حزب حاليا في أسكتلندا وهو المرشح للوصول لقيادة أسكتلندا أمام تراجع شعبية الحزب الوطني الأسكتلندي”.