بعد عزل بازوم حليف حميدتي.. ما انعكاسات انقلاب النيجر على القبائل العربية الموالية للطرفين؟
الخرطوم- بعد 14 أسبوعا من اندلاع القتال في الخرطوم، تصاعد الجدل حول مشاركة آلاف المقاتلين من العناصر العربية في دول غرب أفريقيا إلى جانب قوات الدعم السريع في مواجهة الجيش في السودان، إثر إعلان قائد الحرس الرئاسي بالنيجر الجنرال عمر عبد الرحمن تياني الانقلاب على الرئيس محمد بازوم.
وعلى غير العادة، فقد حظيت التطورات في هذه الدولة -التي تفصلها تشاد عن السودان- باهتمام قطاع عريض من السودانيين، لارتباط النيجر بالمواجهات التي تجري في بلادهم، ورواج معلومات عن استعانة قيادة قوات الدعم السريع السودانية بأبناء القبائل العربية في بعض دول الساحل والغرب الأفريقي.
وما زاد الأمر إثارة وحساسية، نشر الجيش السوداني مقاطع فيديو حملت اعترافات أسرى من قوات الدعم السريع -ينحدرون من عرب غرب أفريقيا- بتلقيهم وعوداً من “الدعم السريع” بتوطينهم في منازل المواطنين بالخرطوم بعد طردهم منها باعتبارها غنائم حرب.
وأبدى ناشطون سودانيون يساندون الجيش، بمواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحهم للانقلاب على بازوم لتحالفه مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” ودفع آلاف المقاتلين من أبناء القبائل العربية في بلاده لخوض المواجهات بجانب هذه القوات.
وتحاول الجزيرة نت الإجابة عن أسئلة بشأن علاقة حميدتي مع رئيس النيجر المعزول، وحقيقة التحاق عناصر عربية من النيجر بقوات الدعم السريع، وتداعيات أحداث هذا البلد على السودان.
متى بدأ حميدتي الاستعانة بمقاتلين من العناصر العربية من دول غرب أفريقيا؟
يوضح الخبير الأمني موسى الغالي -الذي عمل أكثر من 10 سنوات غرب أفريقيا- أن قبيلة الزريقات التي ينتمي إليها حميدتي لديها امتدادات في دول الساحل والغرب الأفريقي بمسميات مختلفة، حيث توجد في تشاد والنيجر ومالي وغيرها.
وحسب حديث الخبير الأمني للجزيرة نت، فإن حميدتي استقدم مقاتلين من هذه الدول منذ تأسيس قوات الدعم السريع عام 2013، وشاركوا بالحرب في دارفور حيث جاء بعضهم بعوائلهم واستقروا بالإقليم خصوصاً المناطق التي هجرها أهلها خلال الحرب، واستغلوا البساتين والمزارع.
وتزايد قدوم هؤلاء المقاتلين إلى السودان بعد مشاركة قوات الدعم السريع إلى جانب الجيش السوداني ضمن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن منذ عام 2015، وفقا للخبير الأمني.
ما علاقة الرئيس النيجري المعزول بحميدتي؟ وإلى أين وصلت؟
توطدت علاقة حميدتي ببازوم بعد ترشح الأخير للرئاسة. وحسب الخبير الأمني، فإن قائد الدعم السريع دعم بازوم بأكثر من 20 مليون دولار في حملته الانتخابية، استناداً إلى معلومات تلقاها من دبلوماسيين غربيين في نيامي عاصمة النيجر.
وعندما فاز بازوم بالانتخابات، دعا حميدتي (نائب رئيس مجلس السيادة السوداني) إلى زيارة النيجر، ولم يوجه الدعوة إلى رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان.
وشارك قائد الدعم السريع في مراسم تنصيب الرئيس بازوم في أبريل/نيسان 2021، وعقد معه لقاء مغلقا، وتسربت معلومات أنه نصحه فيه بتدريب قوات خاصة به لحماية حكمه إذا تعرض لأي تحديات، كما عقد لقاءات مع شيوخ المجموعات العربية الذين احتفوا به.
كم عدد مقاتلي عرب النيجر بمعركة الخرطوم؟ ومتى التحقوا بقوات الدعم السريع؟
يُقدّر عدد المقاتلين من النيجر ضمن قوات الدعم السريع بأكثر من 4 آلاف عنصر -وفقا لمصادر أمنية تحدثت للجزيرة نت- وهم من عرب المحاميد الذين ينحدر الرئيس بازوم من أحد أفخاذها “أولاد سليمان” ولديها امتداد في ليبيا أيضاً.
وتكشف المصادر ذاتها أن بعضهم انضم إلى قوات حميدتي منذ سنوات، وتلقى تدريبا تحت إشراف مجموعة فاغنر الروسية، وشاركوا في قتال الحوثيين باليمن.
وتوضح أن الذين قاتلوا في اليمن وعادوا وشجعوا مجموعات شبابية أخرى للانضمام إلى قوات الدعم السريع حتى يشاركوا في تلك الحرب، حيث يتلقى الفرد منهم نحو 3 آلاف دولار شهرياً.
هل استمر تدفق مقاتلي عرب النيجر بعد اندلاع القتال في الخرطوم؟
توضح المصادر الأمنية -التي طلبت عدم الكشف عن هويتها- أن بعض المقاتلين العرب وفدوا من النيجر إلى الخرطوم عقب اندلاع الحرب بالخرطوم في إطار نجدة قوات حميدتي التي تعرف بـ “الفزعة” لتعويض “الدعم السريع” التي خسرت كثيراً من عناصرها.
وتضيف المصادر الأمنية أن مجموعات أخرى من المقاتلين وصلوا الخرطوم بعدما سمعوا أن بها غنائم من الأموال والذهب والسيارات التي حملها بعض بني جلدتهم الذين غادروا أرض المعركة، وصارت للمنهوبات الكبيرة من العاصمة السودانية أسواق أنعشت التجارة غير المنظمة في تشاد والنيجر.
هل كان للرئيس بازوم دور مباشر أو غير مباشر في التحاق عرب النيجر بقوات الدعم السريع؟
التحاق عرب النيجر بقوات الدعم السريع كان سابقاً لوصول بازوم إلى الرئاسة، وتم عبر ترتيبات قبلية وليس سياسية، ولكن انتخاب بازوم منح المجموعات العربية نفوذاً، وبات لديهم طموح سياسي للسيطرة على الساحل والغرب الأفريقي.
هل كان هناك تحالف أو تنسيق بين حميدتي وبازوم بعد انتخاب الأخير رئيساً؟
يعتقد وكيل الخارجية السودانية السابق السفير عبد الله الأزرق أن فوز بازوم خلف حالة من النشوة لدى قبائل الشتات العربي. ومع تنامي دور حميدتي بالسودان وتمكنه من تجنيس مليون شخص من هذه القبائل المنتشرة في دول الساحل الأفريقي وكل من ليبيا وموريتانيا، تكرس لديه شعور بإمكان تحقيق “دولة الجنيد الكبرى”. والجنيد هو الذي ينتهي إليه نسب المجموعات العربية بدول الساحل.
وبسبب التشابك العشائري، دعم حميدتي حملة بازوم الانتخابية، وكان أنصاره يوزعون النقود على الناخبين بصورة علنية، وهو أسلوب يشبه أسلوب حميدتي في استخدام المال السياسي لاجتذاب دعم زعماء القبائل والفاعلين في مجالات شتى، بحسب حديث الأزرق للجزيرة نت.
ما التأثير المتوقع للأحداث الجارية بالنيجر على أوضاع السودان؟
يرى السفير الأزرق أن عرب النيجر -الذين يطلق عليهم “عرب ديفا” ويمثلون 1% من سكان البلاد- أشد حرصاً على استقرار السودان لإحساسهم بالرفض من قبائل الأكثرية في النيجر، ولا يزال يطاردهم شبح محاولة طردهم من هذا البلد عام 2016 بحجة أنهم دخلاء على المجتمع.
ويتوقع أن يؤدي تدهور أوضاع النيجر، وربما تشاد المجاورة، إلى زيادة وتيرة تدفقهم إلى السودان، ولكن العامل الحاسم هو ما يمكن أن يتحقق على الأرض في معركة الخرطوم.
هل هناك أي جهات تشجع عرب النيجر أو غيرهم من المجموعات العربية على الهجرة للسودان؟
ويعتقد الأزرق أن فرنسا تعمل من وراء ستار لدفع عرب الشتات في الساحل والغرب الأفريقي للهجرة إلى السودان للتخلص منهم بمناطق نفوذها، لأنه يسهل استخدامهم في خلخلة المجتمعات المحلية، كما أن لديهم طموحات سياسية وتعاون بين مجموعاتهم الممتدة في دول الساحل مما يجعلهم قوة مؤثرة.