أوامر توقيف في “سرقة القرن”.. ما المصير الذي ينتظر مسؤولين كبارا بحكومة الكاظمي؟
بغداد- بين الملاحقة وإصدار مذكرات القبض وحجز الأموال، تعمل السلطات العراقية لاستعادة عدد من أعضاء الحكومة السابقة التي ترأسها مصطفى الكاظمي، وذلك بتهم الفساد المالي والإداري وتورطهم بما تُعرف بـ”سرقة القرن”.
ويُعتبر وزيرا المالية والنفط وعدد من المستشارين السابقين من أبرز الملاحَقين، وسط تساؤلات عن قدرة السلطات على إعادتهم للعراق من الدول التي فروا إليها، ومحاكمتهم بالتهم المنسوبة إليهم، خاصة بعدما بدأت وزارة الداخلية العراقية العمل مع الشرطة الدولية (الإنتربول) لاستعادتهم مع الأموال المنهوبة.
المتهمون ومواقعهم
ووجّه الادعاء العام العراقي -الثلاثاء الماضي- 4 مذكرات قبض للإنتربول، لاعتقال مسؤولين في الحكومة السابقة بتهم تتعلق بقضية “سرقة الأمانات الضريبية” والمعروفة بـ”سرقة القرن”.
ووفقا للمذكرات الأربع، فإن المتهمين هم:
- رئيس جهاز المخابرات الوطني السابق القاضي رائد جوحي، وهو أيضا مدير المكتب الخاص لرئيس مجلس الوزراء السابق، وهو أحد القضاة الذين شاركوا في محاكمة الرئيس الراحل صدام حسين.
- ومستشار رئيس الوزراء السابق للشؤون السياسية مشرق عباس الجنابي.
- ووزير المالية السابق عبد الأمير حسون علي طه.
استعادة المتورطين
وفي هذا الملف، يقول المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء في الحكومة الحالية هشام الركابي إن حكومته جادة في تفعيل ملف المطلوبين للقضاء العراقي ممن تورطوا في سرقة وهدر أموال الدولة، من خلال ما أعلنت عنه ضمن برنامجها الحكومي.
وأشار الركابي -في حديث للجزيرة نت- إلى قيام مسؤولين عراقيين بسلسلة إجراءات وجولات واتصالات واتفاقيات مع الدول التي لديها بعض المطلوبين ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية أو من المتورطين بقضايا فساد، لافتا إلى أن هذه المباحثات لاقت تعاونا من الدول المعنية ومن الإنتربول.
ويقول الركابي إن الحكومة قدمت ملفا كاملا للإنتربول بهدف استعادة جميع المتورطين بالفساد ممن يقيمون خارج البلاد، ونتج عن ذلك استعادة عدد من المطلوبين للقضاء، خاصة من الأردن وسلطنة عُمان والإمارات. مع توقعات بتسلم مطلوبين آخرين قريبا بالتنسيق مع الإنتربول.
وقال المستشار الإعلامي إن “هذا الملف متابع بشكل شخصي من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني”، وإن الحكومة “مصممة على الاقتصاص من كل من تورط بسرقة وهدر المال العام”.
وكان رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني تعهّد بوضع القضاء على الفساد على رأس أولوياته عند تسلمه منصبه أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
“سرقة القرن”
وأثارت قضية “سرقة الأمانات الضريبية”، التي كُشف عنها أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، سخطا شعبيا في العراق، لا سيما بعد إعلان تورط مسؤولين سابقين ورجال أعمال بارزين فيها.
ودافع رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، في وقت سابق، عن سجله في مكافحة الفساد. وقال إن حكومته هي التي كشفت الستار عن هذه القضية وفتحت تحقيقا بها.
وتم الاستيلاء على ما لا يقل عن ملياري ونصف المليار دولار، بين سبتمبر/أيلول 2021 وآب/أغسطس 2022 من خلال 247 صكا تم صرفها من قبل 5 شركات، ثم سحبت أموالها نقدا من حسابات هذه الشركات التي فر معظم مالكيها إلى خارج البلاد.
العقوبات المنتظرة
وعن العقوبات التي تنتظر المطلوبين في حال تسلمهم من الدول التي فروا إليها، يقول الخبير القانوني حيدر الصوفي إن المتهمين ستتم محاكمتهم وفق المادة (444) من قانون العقوبات العراقي والمتعلقة بسرقة أموال الدولة في حال ثبتت إدانتهم.
وبيّن الصوفي للجزيرة نت أنه في حال عدم حضورهم ستصدر بحقهم أحكام غيابية بالسجن، وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية، كما سيتم حجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة، والإشارة إليهم في المنافذ الحدودية البرية والجوية مع أوامر بالقبض ومنع السفر، وعدم جواز شمولهم بقانون العفو وفقا للقانون الذي يمنع ذلك على المتورطين بالفساد المالي والإداري.
اتفاقيات ملزمة
من جهته، يرى رئيس مؤسسة “النهرين لدعم الشفافية والنزاهة” محمد رحيم أن استعادة المتهمين بسرقة الأمانات الضريبية واستغلال النفوذ الوظيفي ممكن بالتعاون مع الإنتربول وسيتم تسليمهم، لأنهم موجودون في دول أعضاء في “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد” كما العراق.
فضلا عن ذلك، يقول رحيم إن تلك الدول لديها اتفاقيات تعاون مع العراق، وهي ملزمة بتسليمهم في وقت قريب، لا سيما أنهم مطلوبون في قضايا جنائية، وليست مجرد مخالفات.
واستبعد رحيم -في حديثه للجزيرة نت- شمول المدانين بقانون العفو العام المرتقب، خاصة أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مُصرّ على ذلك، “إلا في حال وجود إرادة سياسية خفية لشمولهم، وبذلك ستحل كارثة في ما يتعلق بالتقييم الدولي للعراق”.
عشرات أوامر القبض
وفي السياق، أصدرت “محكمة تحقيق بغداد- الكرخ” المختصة بقضايا النزاهة يوم 14 أغسطس/آب الحالي قرارا بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لوزير النفط السابق إحسان عبد الجبار.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن مصدر قضائي قوله إن القرار جاء على خلفية قضية تتعلق باستغلال منصبه وتلقي رشى من مستثمرين مرتبطين بعقود مع وزارة النفط.
يُذكر أن “هيئة النزاهة الاتحادية” كشفت -الثلاثاء الماضي- عن صدور عشرات أوامر القبض والاستقدام بحق عدد من كبار المسؤولين وذوي الدرجات العليا خلال يوليو/تموز الماضي.
وذكر بيان لدائرة التحقيقات في الهيئة أن الجهات القضائية أصدرت (54) أمر قبض واستقدام على خلفية قضايا حققت فيها مُديريات ومكاتب الهيئة في بغداد والمحافظات، وإحالتها إلى القضاء، وغالبيتها لكبار المسؤولين من ذوي الدرجات العليا.
وحسب البيان، شملت أوامر القبض على وزراء ووكلاء وزارة سابقين، إضافة إلى عدد من المحافظين السابقين أيضا ومديرين عامين حاليين وسابقين وأعضاء مجلس محافظة.