درنة.. هكذا جرف الطوفان أحياء بالكامل وابتلعها البحر
ليلة عصيبة قضاها سكان درنة في الشرق الليبي الذين اكتشفوا مع انبلاج الصبح أن أحياء كاملة بالمدينة جرفتها السيول وألقتها في البحر، وسط تقارير تتحدث عن ألفي قتيل وآلاف المفقودين جراء العاصفة، التي أطلق عليها اسم “دانيال” وضربت درنة ومدنا ليبية أخرى أمس الاثنين.
العاصفة التي ضربت اليونان أولا، ثم تحركت من هناك عابرة البحر الأبيض المتوسط لتصل إلى ليبيا، تعد ظاهرة نادرة من حيث غزارة المياه المتساقطة خلال 24 ساعة، وفق الخبراء.
وقد ضربت مدن الساحل الشرقي الليبي بسرعة رياح بلغت 70 كيلومترا في الساعة، ومن أبرز تلك المدن: درنة والبيضاء وتكنس والمرج وأجزاء من بنغازي، وما يحيط بهذه المدن من قرى ومناطق.
لكن الدمار الأكبر الذي خلفته العاصفة كان في درنة التي أعلنتها السلطات منطقة منكوبة، وكشفت الصور ومقاطع الفيديو المتداولة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن حجم الكارثة التي حلّت بالمدينة، حيث مسحت أحياء كاملة ودمرت الطرق وتناثرت جثث القتلى في الشوارع.
فما أسباب هذا الدمار الكبير الذي لحق بدرنة مقارنة بالمدن الأخرى التي ضربها الإعصار؟
طوفان
تقع مدينة درنة الجبلية على ساحل البحر المتوسط بشمالي شرقي ليبيا، يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر، ويشقها وادٍ يسمى “وادي درنة” المدينة، وهو أحد الأودية الكبيرة المعروفة في ليبيا.
وعندما ضرب الإعصار المدينة، تجمعت الأمطار الغزيرة في الوادي، الذي يبلغ طوله 50 كيلومترا، وارتفع منسوب مياهه، مما شكل ضغطا على السدين المائيين اللذين يحجزان المياه في الوادي، فانهارا ليجرف الطوفان الأحياء الواقعة بين الوادي والبحر، هذا الأمر جعل حجم الدمار هائلا وعدد الضحايا كبيرا.
وقد أعلنت السلطات الليبية درنة ومدنا أخرى مناطق منكوبة، إذ صرح المتحدث باسم قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) أحمد المسماري خلال مؤتمر صحفي أن الكارثة أتت بعد انهيار السدود فوق درنة، لتجرف أحياء بأكملها وبسكانها إلى البحر.
انهيار السدود
وصرح متحدث باسم جهاز الإسعاف الليبي للجزيرة بأن عدم صيانة السدود في درنة كان له تأثير واضح في حدوث الفيضانات.
ونقلت شبكة “سي إن إن” عن المتحدث باسم هيئة الطوارئ الليبية أسامة علي قوله إن المنازل والطرق دمرت بعد انهيار سدي درنة تحت ضغط مياه الأمطار الغزيرة.
وأضاف المتحدث “كل المياه اتجهت إلى منطقة قريبة من درنة، وهي منطقة ساحلية جبلية”، وتابع أن “المنازل في الوديان التي كانت على خط الفيضان جرفتها تيارات المياه الموحلة القوية التي حملت المركبات والحطام”.
حجم الكارثة
نقلت وكالة رويترز عن وزير الطيران المدني بالحكومة الليبية هشام شكيوات قوله إن فرق الإنقاذ انتشلت أكثر من ألف جثة في مدينة درنة، مشيرا إلى أن الوقوف على الحصيلة الإجمالية للضحايا غير ممكن الآن، لكن العدد سيكون كبيرا للغاية.
وقال شكيوات “لا أبالغ عندما أقول إن 25% من المدينة قد اختفى. فقد انهار العديد من المباني”.
وأضاف “لقد عدت من درنة. كان الوضع كارثيا للغاية. الجثث ملقاة في كل مكان في البحر، في الوديان، تحت المباني”.
من جهته قال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر إن أعداد ضحايا الفيضانات في ليبيا قد تصل إلى آلاف.
في حين حذر المتحدث باسم جهاز الإسعاف الليبي -في حديث للجزيرة- من أن كل دقيقة تمر دون دعم جوي للبحث عن المفقودين تؤدي إلى وفاة جديدة.