مسيّرات إسرائيلية انتحارية.. تحد جديد للمقاومة الفلسطينية
جنين- بعد الإعلان عن استشهاد محمود السعدي ليلة أمس الثلاثاء خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين، ذكرت مصادر إعلامية فلسطينية أن السعدي استشهد جراء انفجار طائرة إسرائيلية مسيّرة “انتحارية”، في المخيم بين المقاومين الفلسطينيين.
وعرفت الطائرات الانتحارية خلال اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين في يوليو/تموز الماضي، والذي عرف بعملية “البيت والحديقة” أو معركة “بأس جنين”، وتنفجر هذه الطائرات في الأماكن التي يحددها جنود الاحتلال الذين يتحكمون بها عن بُعد.
ويوم أمس الثلاثاء، اقتحمت قوة خاصة تابعة للاحتلال مخيم جنين، وحاصرت منزلاً لقائد كتائب شهداء الأقصى محمد أبو البهاء، بهدف اعتقاله.
ويقول المقاتل (ف. هـ) إنه “بعد اكتشافنا القوة الخاصة التي دخلت المخيم تمكنا من الاشتباك معهم من مسافة لا تتعدى الـ50 مترا، كان الاشتباك عنيفا جدا، وبدأت تعزيزات الاحتلال في الوصول إلى مداخل المخيم وساحته، وحين أحست قوات الاحتلال بالضغط الكبير عليهم، فجّرت طائرة انتحارية وسط مجموعة من المقاومين في ساحة المخيم ما أدى إلى استشهاد المقاوم محمود السعدي”.
وخلال اشتباك المقاومين مع قوات الاحتلال تمكن القيادي أبو البهاء من الخروج من المنزل، ولم تستطع قوات الاحتلال اعتقاله، وعند تفجير المسيرة الانتحارية استشهد المقاوم محمود السعدي، وأصيب 10 شبان بعضهم بحالة خطرة.
يقول عدي السعدي -ابن شقيق الشهيد محمود- “عمي مقاتل في المخيم منذ خروجه من سجون الاحتلال قبل عامين، وهو دائم الاشتباك مع جنود الاحتلال”، ويصف “اعتقل عمي لمدة عامين في سجون الاحتلال، وبعد خروجه تم اعتقاله من قبل السلطة الفلسطينية، وحاولوا الضغط عليه لترك الجهاد وتسليم سلاحه لكنه رفض، اليوم يلقى ربه شهيدا مشتبكا”.
وإلى جانب السعدي، استشهد المقاومون محمود عرعراوي (24 عاما) وهو من مقاتلي كتائب القسام، ورأفت خمايسة (22 عاما) من بلدة اليامون، وهو مقاتل في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية صباح اليوم الأربعاء عن استشهاد الشاب عطا ساير موسى (29 عاما) متأثرا بإصابته ليلة أمس.
ومنذ بداية العام الجاري، وصل عدد الشهداء في فلسطين إلى 20 شهيدا فيما وصل عدد شهداء محافظة جنين إلى 34 شهيدا، وتركز قوات الاحتلال من عمليات اقتحام مخيم جنين واغتيال المقاومين داخل المخيم، وفي مدينة جنين وقراها في محاولة للتضييق على كتيبة جنين والقضاء على عمليات المقاومة المستمرة.
أساليب متجددة للاغتيال
وتطور إسرائيل من الأساليب التي تستخدمها في اقتحاماتهم المتكررة لمخيم جنين بهدف اعتقال المقاومين أو اغتيالهم، فبعد اعتماد القوات الخاصة الطريقة الأكثر استخداما للوصول إلى المطلوبين، يحاول الاحتلال اللجوء إلى أساليب تحمي قواته وجنوده من الاشتباك المباشر مع المقاومين، أو الوقوع في كمائنهم وهو ما يزيد عدد الإصابات أو القتل بين جنود الاحتلال.
يقول المقاتل (ف. هـ) إنه “في كل اقتحام كنا نتمكن بفضل الله من إيقاع عدد من جنود الاحتلال في كمائن محكمة، وكانت الإصابات في صفوف الاحتلال باعترافهم محققة ومباشرة، قوات الاحتلال تخشى الدخول إلى داخل المخيم، وتخاف من الاشتباك المباشر معنا، لذا أصبحنا نرى أسلوب الطائرات الانتحارية، لتخفيف الضغط عن الجنود على الأرض”.
ويضيف أن “هذه الطائرات تحد جديد للمقاومين في الميدان، لأنها تنفجر بسرعة، وحتى إذا تم اكتشافها من قبل المقاومين وهي في الجو، فإن محاولة إصابتها وتفجيرها -كما يحدث في العادة مع طائرات الاستطلاع المستخدمة للتجسس ومعرفة أماكن المجاهدين- ستسبب في انفجار قد يسبب ضررا للمنازل والمواطنين”.
ويسعى المقاومون لأخذ الحيطة ومحاولة تجنب التجمع في أماكن معينة بهدف الهروب من خطر الطائرات الانتحارية الإسرائيلية، وعلى الرغم من تشابه حجم وشكل الطائرات الانتحارية المحملة بالمتفجرات بطائرات الاستطلاع التجسسية وطائرات “الزنانة”، فإن مقاتلي المخيم ينبهون بعضهم بإرسال إشارات لوجود طائرات في الجو بالقرب منهم بهدف الاختباء والتخفي.
يقول المقاتل (ف. هـ) إنه عند الاشتباه بوجود طائرة انتحارية، أو تجسسية “يتم إرسال إشارات عبر أجهزة اللاسلكي، والأسلوب الأكثر اتباعا في المخيم هو تغطية المساحات المفتوحة في المخيم باستخدام الشوادر (قطع من القماش والبلاستيك) للتغطية على الطائرات ومنعها من تحديد مواقعنا، لكن بعد معركة جنين في يوليو/تموز الماضي لم نستطع تغطية كافة أزقة وأحياء المخيم كما كانت”.