تخضع لرقابة مشددة.. حملات شعبية ورسمية في مصر لإغاثة غزة
القاهرة- “كل ساعة هناك قافلة.. نحن جاهزون والتبرعات في كل مكان” بهذه الكلمات أكد مدير عام جمعية الأورمان المصرية المقربة من السلطة، اللواء ممدوح شعبان -في تصريحات تلفزية- وفرة التبرعات والمساعدات الإنسانية التي يتلقاها المجتمع المدني المصري لقطاع غزة تحت إشراف حكومي مشدد.
وأعلن التحالف الوطني لدعم العمل الأهلي والتنموي (حكومي) المشرف على عمل قوافل إغاثة غزة بالبلاد، الساعات الأخيرة، عن وصول 569 شاحنة إغاثة مصرية حتى الآن إلى القطاع المحاصر، بينما لم يعلن بعد على نحو رسمي أو غير رسمي قيمة التبرعات المادية أو العينية التي قدمها المصريون إلى القطاع المحاصر منذ بدء معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتواجه التبرعات بوجه عام قيودا قانونية مشددة في مصر، وتخضع للقانون رقم 149 لسنة 2019، وتشرف وزارة التضامن الاجتماعي وجهات رقابية عديدة على مسار التبرعات، إذ لابد من أخذ موافقات عدة أبرزها الأمنية قبل القيام بهذا الإجراء.
33 شاحنة يوميا
تظهر معطيات مصادر مفتوحة -اطلعت الجزيرة نت عليها- أن حوالي 33 شاحنة إغاثة مصرية تصل إلى غزة يوميا منذ 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دون تحديد كمياتها الإجمالية أو تكلفتها المادية.
ويتراوح متوسط حمولة بعض الشاحنات بين 15 طنا و20 طنا، حسب محمود فؤاد نائب رئيس جمعية الأورمان، في تصريحات تليفزيونية قال فيها إن 90% من المساعدات التي تذهب إلى أهل غزة من المصريين.
وفي بيان آخر رسمي، تحدثت جمعية الهلال الأحمر المصري عن أن حجم المساعدات المقدمة من “مصر وبعض دول العالم” حتى يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بلغت (9 آلاف طن تقريبا) بإجمالي عدد شاحنات يقدر بعدد 447 شاحنة.
ونادرا ما يعلن عن التكلفة المادية لتلك الشاحنات، لكن هبة راشد مديرة مؤسسة مرسال (أبرز الجهات الخيرية في العمل الطبي بمصر) أعلنت بشكل مستقل في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي -عبر حسابها على فيسبوك- أن الشاحنات الطبية التي جهزت من مؤسستها حتى ذلك التاريخ تقدر بنحو 30 مليون جنيه (970 ألف دولار تقريبا).
شفافية مطلوبة
ويرى السياسي المعارض أحمد رامي الحوفي القيادي السابق بلجنة الإغاثة الإنسانية في نقابة صيادلة مصر أن غياب الشفافية عن العمل الإغاثي يضره، ويطالب في حديثه للجزيرة نت سلطات بلاده بإعلان حصيلة تبرعات المصريين إلى غزة خاصة، بعد مرور أكثر من شهر، منعا لإثارة الشكوك، في ظل الدعاية الحكومية الواسعة للتبرع بجميع العملات دون تقديم كشف حساب.
كما طالب الحوفي الجهات التي تقوم بجمع التبرعات بالإعلان عن حصيلة التبرعات التي جمعتها، متسائلا “هل مطلوب من المصريين في الداخل أو الخارج التبرع دون معرفة قيمة أموالهم التي وصلت إلى غزة؟ وماذا استقبلت مصر من قوافل إغاثة من دول العالم في مطار العريش؟ وكيف يتعامل معها؟”.
وتكثف الجمعيات المحسوبة على السلطة حملات تلقي التبرعات المالية لغزة من داخل وخارج مصر، بالعملة المحلية “الجنيه” وكافة العملات الأجنبية. ومن أبرز المؤسسات الحكومية بهذا المسار صندوق “تحيا مصر” السيادي الذي يشرف عليه رئيس الجمهورية.
وفي المقابل، تركز أحزاب معارضة وبعض النقابات حملاتها على التبرعات العينية والمستلزمات الطبية فقط. وأطلق حزب الدستور في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري حملته لإغاثة غزة بالتعاون مع اللجنة الشعبية لدعم فلسطين وهيئات أخرى، وهو ما حدث في نقابتي الصحفيين والمهندسين، بينما لا يزال المجتمع المدني بمصر يمتلك جهتين مستقلتين لجمع التبرعات منذ تأسيسهما، وهما لجنة الإغاثة الدائمة “مصر العطاء” بنقابة أطباء مصر، وبيت الزكاة والصدقات الذي يعمل تحت إشراف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
وقال مصدر باللجنة الشعبية لدعم فلسطين -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت “التبرعات المادية يجب أخذ موافقات أمنية عليها، وتجعلنا محل اتهامات من الأمن بتلقي تمويل، وهو ما فضلنا الابتعاد عنه، والاقتصار على تلقي تبرعات عينية فقط”.