نيويورك تايمز: خنق أصوات مؤيدي فلسطين بألمانيا مختلف
منذ فرارها من سوريا قبل عقد من الزمن، تحدثت وفاء مصطفى علنا في الأمم المتحدة عن السجناء السياسيين، ونظمت وقفات احتجاجية خارج محاكم جرائم الحرب وهتفت تضامنا مع الإيرانيين، وقد حظي نشاطها بالاهتمام والثناء في ألمانيا، البلد الذي اختارته، حتى خرجت إلى مظاهرة لدعم الفلسطينيين قبل أيام.
وذكرت نيويورك تايمز الأميركية أن كل شيء تغير بالنسبة لوفاء خلال تلك المظاهرة التي كانت ضد استمرار القصف الإسرائيلي على غزة، حيث دفعت الشرطة صديقتها على الأرض، ثم ما لبثت أن اعتقلتهما معا.
وذكرت نيويورك تايمز أنه منذ اندلاع الحرب على غزة، شرعت الحكومات في جميع أنحاء أوروبا في البحث عن كيفية احتواء تداعيات الصراع في بلدانها، حيث فرض البعض قيودا صارمة على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين على وجه الخصوص أو حظرتها تماما بدعوى مخاوف أمنية، مما أثار القلق بشأن انتهاك الحريات المدنية.
منع أو تضييق
وقد حاولت السلطات حظر الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في النمسا والمجر وسويسرا، حيث اتخذت بعض المدن نهج حظر الاحتجاجات من أي نوع.
وفي فرنسا، رفضت إحدى المحاكم الحظر الشامل على المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، لكن لا يزال من الممكن حظرها في كل حالة على حدة. وحتى في الحالات التي لم يتم فيها حظر الاحتجاجات، قام بعض المسؤولين الحكوميين بتثبيط المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، أو أدانوها بشدة.
وبحسب نيويورك تايمز، لم تكن المناقشة حول ما هو التعبير القانوني والشرعي عن المعارضة مشحونة بقدر ما كانت في ألمانيا، حيث ضربت هذه المناقشة جوهر الكيفية التي تحدد بها الأمة نفسها، وأثارت تساؤلات حول القيم التي ينبغي أن تحظى بالأولوية على حساب أخرى.
وقالت إن ألمانيا ترى أن منع الانتقاد الموجه لإسرائيل بشكل صارم هو جزء ضروري من التكفير عن المحرقة، لكن الكثيرين في مجتمعات المهاجرين -العرب، وكذلك العديد من اليهود والإسرائيليين التقدميين- يقولون إن القيود لا تنتهك حرية التعبير فحسب، بل إنها تمييزية أيضا.
طعم خاص بألمانيا
وفي الأسابيع الأخيرة، حظرت هامبورغ الاحتجاجات، أو قيدت عدد الأعلام الفلسطينية التي يمكن التلويح بها. وفي برلين، سمح المسؤولون للمدارس بمنع الطلاب من ارتداء الكوفية أو العلم الفلسطيني أو ألوانه.
وقالت الشرطة في برلين إنها منعت أكثر من نصف الاحتجاجات التضامنية المقررة مع غزة والبالغ عددها 41 احتجاجا، ومنعت أحيانا بحجة أنها “تثير عاطفية” السكان من أصل فلسطيني.
وشمل ذلك مظاهرة للأطفال حدادا على الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية الشهر الماضي.
ونقلت المتحدث باسم مجموعة ناشطي فلسطين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف بشأن رسائل الكراهية، قوله إنه ولأكثر من عقدين من الزمن، شعر وكأنه في بيته في برلين، حيث يعمل جراح أطفال، لكن في السنوات الأخيرة، شعر بالغربة بسبب ما قال إنه موقف عدائي متزايد تجاه الفلسطينيين وأي انتقاد لإسرائيل.
يهود ضد إسرائيل
وتذكّر كيف احتضنت المدينة الاحتجاجات التي انضم إليها لدعم المستشفيات الأوكرانية تحت القصف الروسي. وقال إن التناقض مع الطريقة التي تقيد بها ألمانيا الاحتجاجات على معاناة المدنيين الفلسطينيين كان مؤلما “أشعر بالتمييز ضدي، أشعر بأني من الدرجة الثانية، أشعر بالصدمة”.
وصرحت وفاء مصطفى في حديثها مع نيويورك تايمز “أشعر بالغباء لدرجة أنني يجب أن أقول هذا طوال الوقت، لكن معركتنا ليست ضد اليهود”.
وفي الشهر الماضي، اعتقلت الشرطة الألمانية امرأة واقفة في إحدى ساحات برلين بعد أن رفضت وضع ملصق كتب عليه “كيهودية وإسرائيلية: أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة”.
كما منعوا مظاهرة للجماعة اليهودية التقدمية وفي شرح أسباب المنع، قالت الشرطة لصحيفة نيويورك تايمز إن المظاهرة كانت “مفتوحة صراحة للمشاركين من أصل فلسطيني”، وقال أودي راز، أحد منظمي الاحتجاج، إن قرار الشرطة كان “مفجعا ومناهضا للديمقراطية في جوهره”.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن أكثر من 100 كاتب وفنان وأكاديمي يهودي وقّعوا على رسالة تدين ممارسات ألمانيا قائلين “إذا كانت هذه محاولة للتكفير عن التاريخ الألماني، فإن تأثيرها هو المخاطرة بتكرارها”.