الاخبار العاجلةسياسة

رغم مآسٍ سابقة.. لاجئون روهينغا يصلون سواحل إندونيسيا مجددا

جاكارتا- وصل إلى سواحل محافظة بيدي شرقي إقليم آتشيه الإندونيسي اليوم الثلاثاء، قارب صيد على متنه 198 شخصا من الروهينغا، منهم 69 امرأة و 59 طفلا، بعد شهور من توقف قدوم سفن اللاجئين الروهينغا إلى إندونيسيا.

وحسب شهادات اللاجئين، فإنهم غادروا من السواحل على الحدود بين بنغلاديش وميانمار، والقريبة من مخيماتهم قبل أسابيع، وبقوا في الأسبوع الأخير في مضيق ملاقا، حيث كانوا معرضين للغرق وسط تلاطم الأمواج بين ماليزيا وإندونيسيا، وعند وصولهم كان القارب في حالة سيئة للغاية، وقد انتهى زادهم.

التجارب الأخيرة

وكانت إندونيسيا قد شهدت قدوم بضع سفن وقوارب صيد خشبية في أواخر العام الماضي، كما تعرض مئات لخطر الموت في رحلاتهم، سواء من سواحل ميانمار أو سواحل جنوب شرق بنغلاديش.

ومن هؤلاء سفينة تعرضت للغرق أواسط أغسطس/آب الماضي، مما أدى إلى وفاة 23 لاجئا من الروهينغا، وفقدان 33 آخرين هم في عداد الغرقى أيضا، وكانوا قد خرجوا من سواحل ولاية ريكاين (أراكان) نحو سواحل ماليزيا، كحال بضعة آلاف يغادرون نحو ماليزيا وإندونيسيا كل عام.

وقبل ذلك، في شهر يونيو/حزيران الماضي، تداول ناشطون نبأ اختفاء قارب آخر كان على متنه 180 لاجئا من الروهينغا، حيث كان آخر اتصال من أحد الركاب مع أقربائه، ثم لم يعد لهم أثر، ولم يصلوا إلى أي من السواحل الآسيوية حتى الآن.

وشهد الأسبوع الماضي عودة قارب على متنه أكثر 150 روهينغيا، معظمهم من النساء والأطفال، إلى سواحل كوكس بازار جنوب شرق بنغلاديش، بعد أن ظل قاربهم يترنح في مياه خليج البنغال لـ3 أيام، قبل أن يسحبه صيادون محليون إنقاذا لحياتهم.

وعلق هؤلاء المهاجرون في القارب بعد أن نقلهم المهربون من أحد السواحل ليلا على متن قوارب صغيرة، نحو القارب الخشبي الأكبر حجما قرب الساحل، لكن المهربين تركوا اللاجئين وسط البحر، وعادوا على متن قوارب صغيرة، ولم يكن بين اللاجئين من يحسن الملاحة نحو السواحل الماليزية أو الإندونيسية جنوبا، حيث تستغرق المسافة نحو أحدهما ما بين أسبوعين إلى 4 أسابيع.

وأشارت تقارير أممية إلى ارتفاع ظاهرة تحدي الروهينغا أمواج البحر بالركوب، والمخاطرة بحياتهم على متن قوارب خشبية، رغم كل ما يسمعونه من قصص غرق أو وفاة كثيرين وسط الطريق.

وفي العام الماضي سُجلت هجرة أكثر من 3500 لاجئ، في زيادة نسبتها 360% عن عام 2021، وشكلت نسبة النساء والأطفال بينهم 45%.

وصلوا إلى آتشيه بعد انتهاء الزاد الذي كان معهم على متن سفينتهم الخشبية حساب إكس الخاص بـ Aung Kyaw Moe @akmoe2
لاجئون روهينغا وصلوا إلى آتشيه بعد نفاد زادهم على متن قاربهم الخشبي (مواقع التواصل)

خطورة المهربين

يُغري تجار البشر والمهربون اللاجئين الروهينغا بالرحلة بحرا، هربا من ضنك العيش والحصار المطبق المفروض على قراهم، أو على مخيماتهم، سواء في ميانمار كما هو الحال في ولاية أراكان، وتحديدا في مدينة سيتوي أو أكياب، أو في بنغلاديش حيث أكبر مخيم للاجئين في العالم.

ويستهدف المهربون من لهم أقارب يعيشون في دول عربية أو آسيوية أو غربية، حيث يمكن ابتزازهم خلال الرحلة، وتهديد أهلهم بتعريض من هم على متن القارب للخطر بالتعذيب أو الإغراق أو الاعتداء عليهم، ومنهم الفتيات والأطفال والنساء، وحينها وكما تحدث ناجون، يتم الضغط على أقاربهم لدفع أموال عبر تحويلات معينة، أو يترك اللاجئ على متن القارب لحاله.

وفي بعض الأحيان يغادر المهربون القارب أو السفينة تاركين اللاجئين وسط البحر، وهم في خليج أندامان، أو قبله أو بعده، سواء كان القارب القادم من خليج البنغال متجها جنوبا نحو سواحل ماليزيا، أو نحو مضيق ملاقا باتجاه سواحل إقليم آتشيه الإندونيسية شمالي جزيرة سومطرة.

وعادة ما يستقل اللاجئون قارب صيد خشبي متهالك وقديم، في حين يكون هناك قارب آخر للمهربين بانتظارهم، ليعودوا إلى سواحل ميانمار أو بنغلاديش مرة أخرى، ويتابعون إغراء مجموعة أخرى من اللاجئين بمبالغ تتفاوت ما بين بضع مئات من الدولارات إلى 4 آلاف أحيانا.

ظروف طاردة

يشار إلى أن الأحوال العامة في مخيمات النزوح في ميانمار أو مخيمات اللجوء في بنغلاديش تشهد منذ أواخر العام الماضي أوضاعا أمنية خطيرة، حيث تتزايد أعمال الإجرام والعنف والخطف لأهداف مالية.

كما تشهد اغتيالات تستهدف شخصيات معينة وناشطين، تزامنا مع تراجع في الحصة الغذائية التي يوزعها برنامج الغذاء العالمي، وهو ما يتسبب في أزمة غذاء ذات آثار صحية جسيمة على اللاجئين، لاسيما الأطفال والنساء.

وقد أُعلن عن ذلك مرارا في بيانات ونداءات استغاثة أممية، وطالبت الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء من المجتمع الدولي التبرع بما يكفي لسد حاجة نحو مليون لاجئ، وتحديدا يوجد 201 ألف عائلة روهينغية -حسب أرقام الأمم المتحدة- ممنوعون من الحركة والعمل في المخيمات في بنغلاديش، ومئات آلاف غيرهم داخل ميانمار.

وما يزيد الوضع سوءا بالنسبة للاجئين الروهينغا في مخيمات النزوح ببنغلاديش، أن 52% منهم أطفال، وكثير منهم ولد في مخيمات النزوح، أو نزح إليها مع أهله في سنوات عمره الأولى، منهم 52% من الإناث، في ظل شبه انعدام للتعليم النظامي لهؤلاء الأطفال.

ويدفع هذا الواقع كثيرا من الآباء والأمهات إلى الهجرة إلى دول أخرى، طمعا في حصول أبنائهم على مستقبل أفضل من العيش في المخيمات طوال عمرهم، وهو حال من هاجر إلى بنغلاديش إثر موجات عنف ومواجهات وقعت في سبعينيات أو تسعينيات القرن الماضي، وما زالوا يعيشون في تلك المخيمات دون تغير في حياتهم نحو الأفضل.

كما أن العيش في المخيمات يجعل اللاجئين أكثر عرضة لمخاطر الكوارث الطبيعية كالفيضانات والأمطار، أو الأعاصير والحرائق التي تكررت خلال السنوات الماضية، كإعصار موكا الذي ضرب السواحل الغربية لميانمار والسواحل الجنوبية الشرقية لبنغلاديش، وأصاب مخيمات نزوح الروهينغا وغيرهم.

ويضاف إلى مشهد اللجوء في ميانمار، بعد عسكري وأمني آخر يزيد المشهد تعقيدا، وهو الصراع الدائر بين ما يعرف بـ”جيش أراكان” الذي يمثل قومية الريكاين البوذية، وهي التي تشارك الروهينغا العيش في ولاية أراكان، وبين الجيش الميانماري التابع لحكومة العسكر الحاكمة في العاصمة نايبيداو.

ويقاتل جيش أراكان كغيره من المجموعات المسلحة المرتبطة بقوميات وأقليات في ميانمار، سعيا لحكم ذاتي بقومية الريكاين البوذية، وهو ما يمثل تهديدا آخر لحقوق وحياة الروهينغيين الذين يعيشون في أراكان منذ قرون.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى