قصف المستشفيات ونفاد الأدوية.. مرضى السرطان ضحايا العدوان على غزة
غزة- حياة 70 مريضا بالسرطان داخل مستشفى الصداقة التركي الخاص بمرضى السرطان في قطاع غزة مهددة بشكل خطير، وفق بيان لوزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة.
وتعرض المستشفى لقصف مباشر خلال الأسبوع الماضي، مما هدد حياة المرضى الذين يخضعون للعلاج فيه حتى قبل العدوان وهم في حالة صحية صعبة، وهو يفتقر الأدوية اللازمة لمرضى السرطان، بسبب منع دخولها إلى القطاع.
ويبلغ عدد مرضى السرطان في غزة نحو 2000 مريض، يعيشون في ظروف صحية كارثية جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع ونزوح عدد كبير من السكان، بحسب المصدر ذاته.
تقول ريم أصرف (40 عاما) من مدينة خان يونس وهي ابنة مدينة غزة “أعاني وضعا خطيرا للغاية مع توقف وصول علاجي الخاص بسرطان الغدة الدرقية، بسبب إغلاق معبر بيت حانون الذي يصل بين الضفة الغربية المحتلة وشمال القطاع، مما زاد من تراجع وضعي الصحي والجسدي”.
أوضاع سيئة
وتضيف “كان يُفترض أن أتوجه إلى مستشفى المقاصد بالقدس المحتلة في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لإكمال العلاج الكيميائي، وذلك بعد إجراء عمليتين جراحيتين واستئصال الورم من رقبتي، لكن ظروف الحرب على غزة وتوقف التحويلات الطبية حالت بيني وبين خروجي وشفائي”.
وتتابع أصرف “نعيش أوضاعا سيئة للغاية، لا أستطيع الحركة أو الوقوف حتى، بسبب تراجع صحتي وعدم توفر المسكنات اللازمة لحالتي”.
وتؤكد أن علاجها خاص، ولا يتوفر في الصيدليات التي بالكاد أغلقت أبوابها في ظل الظروف القاسية التي تعيشها غزة، مع انعدام الأفق بتوفر حل قريب وانتهاء الحرب التي تستهدف الجميع.
وتختم ريم أصرف “أمام مشهد القتل والدمار، تعجز الكلمات عن وصف مشاعرنا كمرضى سرطان عانينا منه طوال فترة علاجنا، وتنقلنا بين المستشفيات”.
أما المريضة سائدة بربخ (62 عاما) من بلدة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، والمصابة بسرطان العظام، فقد نزحت مع عائلتها إلى أحد مراكز الإيواء في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وسط مدينة خان يونس.
واستأصلت بربخ جزءا من العصب، وزرعته في مكان الورم قبل أيام قليلة من الحرب في مستشفيات الداخل، وعادت إلى القطاع على أن تُراجع الطبيب بعد أسبوعين.
تقول المريضة “لم أكن أتوقع أن تصل بنا الأمور إلى هذه المرحلة من الخطورة وانعدام الاستقرار والأمان. تركنا بيوتنا ومنازلنا وكل ما نملك وجئنا إلى مركز الإيواء حفاظا على حياة أبنائنا وأطفالنا”.
وأوضحت أن بيتها تعرض لدمار كبير نتيجة قصف محيطه الذي أصبح أشبه بمدينة أشباح، وأنها حُرمت من تلقي العلاج بمستشفى الصداقة التركي بعد توقفه نهائيا عن العمل، بسبب تعرضه للقصف في الأيام الماضية.
قصف ونقص أدوية
وسائدة هي من بين المرضى الذين تم إخراجهم من المستشفى إلى الجنوب، بسبب القصف ونقص الأدوية. تتابع “عدت إلى القطاع قبل الحرب بيومين بعد إجرائي عملية خطرة للغاية، لكن مراكز الإيواء لا توفر لهم الطعام اللازم ولا الشراب ولا الفراش في ظل اشتداد العدوان وانقطاع التيار الكهربائي والمياه منذ لحظة اندلاع الحرب”.
وتؤكد أنها “بحاجة للرعاية والنوم، ولا أستطيع التحرك كثيرا على هذا الكرسي المتحرك، أعيش أصعب لحظات حياتي في هذه الحرب البشعة والمؤلمة”.
يقول سالم خريس (40 عاما) وهو مريض بسرطان الدم “لا يوجد بالمستشفى علاج أبدا، نحن نتألم كل يوم ولا أحد يشعر بنا، الأطباء لا يتركوننا ودائما بجوارنا، ولكنهم لا يفعلون شيئا،لأنه لا توجد أدوية، يطمئنوننا ونظراتهم حزينة علينا، وهم متعاطفون معنا بسبب شدة الألم”.
ويضيف “لا أستطيع وصف ما نعيشه من ألم، هل يمكن أن نموت من الحصار، لا يكفيهم أننا مصابون بالسرطان الخبيث، أنقذونا من هذا الظلم”.
مغادرة اضطرارية
يقول مدير مستشفى الصداقة التركي صبحي سكيك إن “مرضى السرطان تركوا المستشفى مجبورين وحياتهم معرضة للخطر لعدم تلقيهم علاجا أو متابعة صحية، بعد 40 يوما من الحرب”.
ويوضح أن الأدوية التي كانت متوفرة لديهم نفدت ولم يتبق منها إلا القليل جدا، وأن بعض المرضى انتقلوا إلى مستشفى دار السلام في خان يونس، “ويقولون إنه آمن، ولكن لا يوجد مكان آمن في غزة أبدا، لا يوجد لديهم أدوية، ونوفر لهم فقط الرعاية السريرية”.
ويضيف سكيك أن العلاجات التخصصية لمرضى السرطان مثل الكيميائي لا يمكن توفيرها الآن، “يوميا نفقد اثنين أو ثلاثة منهم، ويوجد في الملاجئ كثيرون دون علاج ويموتون، والمرضى بالمستشفى يطلبون الخروج للملاجئ للموت هناك، لأن المستشفى لا يقدم لهم العلاج”.
ويقول مدير المستشفى “في ليلة نقلنا المرضى من مستشفى الصداقة التركي إلى منطقة الوسطى قرب مستشفى شهداء الأقصى، توفي 4 منهم، وفي ليلة سابقة توفي 6 آخرون”.
وأضاف مدير مستشفى الصداقة التركي أنه سلم وزارة الصحة ألف تحويلة علاج للخارج لمرضى السرطان قبل الحرب لعدم توفر العلاج في غزة، ويؤكد وفاة بعضهم في أماكن وجودهم الآن، أو انتشار السرطان في جسمهم لعدم تلقيهم العلاج، لأن مقاومة الجسم للسرطان ضعيفة جدا.
وأوضح أنه إذا أصيب أي شخص في مقتبل العمر بسرطان الدم “حتما سيموت”، ويجب أن يتلقى المريض غذاء صحيا مناسبا إلى جانب العلاج “وكلاهما غير متوفر خلال هذه الظروف، لا يوجد لدينا إحصاءات بعدد مرضى السرطان الذين توفوا لأننا في حرب “.
يعيش مرضى السرطان العالقون في قطاع غزة أوضاعا خطرة للغاية في ظل عدم توفر العلاج، فما من خيار غير الانتقال إلى مستشفيات الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل لتلقي العلاج المناسب.
كما يعانون الألم بسبب المرض ومواصلة الاحتلال القتل والتدمير، وانعدام الأمان، وإغلاق المعابر، وحرمانهم من التنقل لتلقي العلاج المطلوب، علاوة على تكدس الجرحى بالمستشفيات وإيلائهم الأولوية، مما دفع بعض المستشفيات إلى إفراغ الأسرة للأشخاص الأكثر حاجة لها.