الاخبار العاجلةسياسة

تتبع حساباتهم والنشر عليها.. هكذا ينتهك الاحتلال خصوصية الفلسطينيين

رام الله- كان الوقت فجر الخميس الماضي، عندما استيقظت عائلة الشاب الفلسطيني قصي حمدان، من قرية الطبقة جنوبي الضفة الغربية، على صوت تفجير باب منزلها ودهمه بشكل عنيف انتهى بالاعتداء على رب العائلة (50 عاما) واعتقال اثنين من أبنائه، وهما توأم أحدهما قصي.

مرّ قصي بظروف قاسية خلال الاعتقال بينها ضربه بشدة على خاصرته وتشديد القيود البلاستيكية على معصميه، فانهار خلال التحقيق معه في مستوطنة “كريات 4” بمدينة الخليل، وفق حديثه للجزيرة نت.

نشر على الحسابات

خلال التحقيق معه أُجبر قصي على فتح قفل هاتفه النقال، بينما كان مقيد اليدين، ليسارع المحقق إلى كتابة منشور على حسابه بفيسبوك “أنا أحب إسرائيل”، في ظاهرة أخذت تتزايد مؤخرا وفق مؤسسات فلسطينية.

فوجئ قصي بعد التحقيق بالإفراج عنه وإعادة هاتفه بالمنشور على حسابه، مشيرا إلى تحذيره من المحقق بإعادة الاعتقال إذا استخدم حسابه في كتابة، أو إعادة نشر منشورات “تحريضية”.

الأمر نفسه تكرر مع الدكتور بكلية الشريعة في جامعة القدس سليم الرجوب، الذي اعتقل نهاية الأسبوع الماضي لساعات، ونشر معتقلوه على حسابه في فيسبوك، منشورا بلغة عربية ركيكة جاء فيه “الإسلام دعا إلى الصفح والسلام والعيش بحب (…)، وأنا ضد الإرهاب وقتل الأبرياء”.

حالتا قصي والمحاضر الجامعي، ليستا منعزلتين، إنما تكرر الأمر بالتفاصيل ذاتها، أو بتفاصيل مختلفة مع عشرات المعتقلين ممن تصادر هواتفهم “في انتهاك واضح وصريح لخصوصية الأشخاص”، وفق مدير نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري متحدثا للجزيرة نت.

واستشهد الزغاري، بقصة فلسطيني مع ابنته (14 عاما)، فضل عدم الإشارة إلى اسميهما ومدينتهما، موضحا أن الجنود أوقفوهما على حاجز عسكري، وصادروا هاتف الفتاة، ونشروا على حساباتها بمواقع التواصل “صورا غير لائقة”.

فلسطين-الخليل- الجزيرة نت – 18 نوفمبر 2023- منشور على حساب الدكتور سليم الرجوب خلال اعتقاله
منشور كتبه الاحتلال على حساب الدكتور سليم الرجوب خلال اعتقاله (الجزيرة)

لا دور للصليب الأحمر

وأشار مدير نادي الأسير إلى “شهادات عن إجبار عشرات المعتقلين خاصة في مركز توقيف عتصيون (بين بيت لحم والخليل) على حمل العلم الإسرائيلي، وتصويرهم مكبلي الأيدي يقبّلون العلم ونشرها على حسابات الأسرى أنفسهم أو الجنود”.

ووصف ما يجري بأنه “انتهاك لكل ما هو إنساني في ظل غياب المؤسسات الحقوقية، خاصة اللجنة الدولية للأحمر التي لم تكشف عن مصير الأسرى وظروف اعتقالهم داخل السجون”.

ولفت الزغاري إلى “اعتقالات كثيرة على خلفية النشر على مواقع التواصل الاجتماعي دعما لغزة، وتندرج ضمن حرية التعبير عن الرأي، وبينهم أطفال وفتيات بعضهم حُوّل للاعتقال الإداري”.

وأشار إلى “رقابة كبيرة من الاحتلال على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع قانون جديد يتيح الاعتقال، بسبب تصفحها”.

وفي يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، أقر الكنيست في قراءة ثالثة قانونا يجرّم مشاهدة “المحتوى المؤيد للإرهاب” الذي يحظر على الأشخاص “استهلاك محتوى إرهابي” وحدد “المنظمات الإرهابية” بأنها “حماس وداعش”.

اقرأ ايضاً
في ذكرى تأسيسها.. ضربات إسرائيلية زادت قوة حماس

ووفق الزغاري “كان الاعتقاد أن القانون يستهدف فلسطينيي 48 والقدس، لكن تطبيقه بدأ فعلا ضد فلسطينيي الضفة، وهناك معتقلون وجّهت لهم لوائح اتهام، أو حُولوا للاعتقال الإداري استنادا إلى هذا القانون”.

اعتداء على الخصوصية

من جهته يرى مركز صدى سوشال المختص بالحقوق الرقمية الفلسطينية على شبكات التواصل، في القانون الإسرائيلي “اعتداء كبيرا على خصوصية الأفراد والمستخدمين وتقييدا لحرية الرأي والتعبير”، مشيرا إلى أن الخطورة في هذا القانون “تتمثل في محاولة السيطرة والرقابة على الأفكار والاتجاهات الأيديولوجية، والممارسات التفاعلية في العالم الرقمي”.

وفق تقرير للمركز اعتقل 26 صحفيا وصحفية وناشطا بالضفة وأكثر من 150 فلسطينيا في الداخل المحتل على خلفية حرية الرأي والتعبير وكتابة منشورات أو زعم كتابة منشورات حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بين 7 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، و11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

مخالفة صريحة

من جهته يؤكد المحامي جميل سعادة، محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، تكرار ظاهرة توقيف الفلسطينيين وطلب هواتفهم النقالة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، مع أنه مخالف لكل القوانين المعمول بها في الأراضي المحتلة، حتى القانون الأساسي الإسرائيلي.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن “كثيرا من المواطنين أجبروا على تسليم هواتفهم على الحواجز ونقاط التفتيش الإسرائيلية، وتتبع الجنود حساباتهم على شبكات التواصل، رغم ما في ذلك من انتهاك لخصوصية المعتقلين، بل ووجهت لبعضهم تهمة التحريض استنادا إلى تفاعلاتهم”.

وتابع جميل، أن “المجتمع الفلسطيني مجتمع شرقي محافظ، وأي مواطن قد يكون لديه صور خاصة، ولذا يجب احترام خصوصيته، لكن عند الفلسطيني تُلغى القوانين”. مشيرا إلى “تعامل المحاكم الإسرائيلية مع قضايا جرت فيها انتهاك الخصوصية، وبعضهم حُول للاعتقال الإداري بلا تهمة أو محاكمة”.

ووفق نادي الأسير وهيئة الأسرى ارتفعت حصيلة الاعتقالات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، وحتى 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى 2850، يضافون إلى أكثر من 5 آلاف معتقل سابق.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى