ضابط أميركي سابق: مزاعم إسرائيل عن الشفاء كمزاعم أسلحة الدمار الشامل العراقية
انتقد ضابط استخبارات أميركي متقاعد تعامل إسرائيل مع القضية الفلسطينية، وأسلوب إدارتها للحملة الدعائية التي تريد من ورائها كسب التعاطف الدولي لعمليتها العسكرية في قطاع غزة.
وقال بول بيلار الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركي (سي آي إيه) إن هناك أوجه شبه بين ادعاءات إسرائيل بأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تستخدم مستشفى الشفاء في غزة مركز قيادة لعملياتها العسكرية، وبين المزاعم التي كانت ترددها أميركا بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل.
وأضاف في مقال بمجلة ناشونال إنترست، أن الإسرائيليين يبذلون قصارى جهدهم بحثا عن أي شيء يقدمونه إلى وسائل الإعلام الدولية وللعالم كدليل على استخدام “حماس” مستشفى الشفاء لأغراض عسكرية.
وتابع بأن حملة العلاقات العامة التي تنخرط فيها إسرائيل حاليا لترويج رؤيتها للحرب، لا تسير بسلاسة حتى الآن، على الرغم من الضوابط الصارمة والبراعة في الدعاية والأولوية التي تعطيها لهذا الجهد.
مزاعم إسرائيل يسهل دحضها
وللدلالة على ذلك، ضرب الكاتب مثالا بمقطع الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي، معتبرا أن محتواه انطوى على ادعاء “قابل للدحض بسهولة” مفاده أن جهاز الحاسوب المحمول المعروض كان من المفترض أنه جزء من وثائق حماس عن الأسرى التي استولت عليها إسرائيل، غير أن الجهاز لم يكن في الواقع سوى آلة خاصة بإسرائيل.
وخلص بيلار إلى أن إسرائيل لم تقدم أي شيء حتى الآن يدل على أن المستشفى مركز قيادة لحركة حماس، لكنها ما تزال تبحث في موقع المستشفى عن شيء يمكن أن تعرضه يصلح أن يكون “دليلا أكثر إقناعا”.
وعدَّ ضابط الاستخبارات المتقاعد عملية البحث تلك “انحرافا كبيرا” عن الأهداف السياسية للحرب، تماما مثلما استخدمت الولايات المتحدة قضية أسلحة الدمار الشامل في العراق كحجة “قوية” لشن حربها تلك ضد العراق.
دوافع أميركا كانت في وجهة أخرى
ولفت إلى أن الدوافع الرئيسة لغزو العراق كانت تكمن في مكان آخر، خاصة في طموح المحافظين الجدد لاستخدام تغيير النظام في بغداد كوسيلة لحقن الديمقراطية واقتصاديات السوق الحر في الشرق الأوسط.
ووفقا للكاتب، فإن حرب العراق كانت “خطأ فادحا باهظ الثمن”، حيث أسفرت عن مقتل 4400 أميركي وجرحت 32 ألفا آخرين، وكلفت دافعي الضرائب الأميركيين أكثر من تريليوني دولار؛ وفاقمت التوترات الطائفية في الشرق الأوسط، وأدت إلى ظهور الجماعات “الإرهابية”، وزعزعت استقرار العراق، وأضرت بمصداقية الولايات المتحدة في مساعيها لمحاسبة معتدين آخرين “مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.
لا مبرر مهما كان لغزو العراق
وحتى لو كانت واشنطن قد اكتشفت أدلة على وجود برنامج أسلحة دمار شامل في العراق، فإن ذلك لم يكن ليشكل مبررا للغزو، طبقا لبيلار، مضيفا أن البديل هو الدبلوماسية وغيرها من التدابير السلمية.
ويؤكد بيلار في مقاله أن العنف في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يبدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وحماس ليست كبسولة شر واضحة المعالم، والتي سوف يؤدي القضاء عليها إلى حل مشكلة ذلك العنف.
إن حماس لا يمكن تدميرها على أي حال لأنها -في نظر بيلار- حركة قومية وأحد تجليات الغضب الذي يعتمل في نفوس الفلسطينيين بسبب “إنكار” تطلعاتهم الوطنية.
دمار إسرائيل لغزة سيرتد عليها
ويعتقد الكاتب أن إسرائيل بتدمير غزة وتعريض سكانها لمعاناة هائلة، إنما تؤجج ذلك الغضب وتزيد -ولا تقلل- من خطر وقوع مواطنيها ضحايا للعنف على أيدي الفلسطينيين مستقبلا.
وفي تقدير بيلار، أن الحرب الحالية جاءت مناسبة لإسرائيل لتسريع عملية طرد العرب من الأراضي في فلسطين، وأن هناك وثيقة إسرائيلية رسمية توصي بطرد سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية.
وأضاف أنه في نفس الوقت، تصاعدت أعمال العنف والترهيب من قبل المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، والتي تركها الجيش والشرطة الإسرائيليان إلى حد كبير دون قيود، وأدت إلى إخلاء العديد من القرى الفلسطينية من قبل سكانها المحاصرين.
ويخلص مقال ناشونال إنترست إلى أن المواطنين الإسرائيليين لن يكونوا بمأمن من “العنف” الفلسطيني، إلا إذا تحققت طموحات الفلسطينيين في تقرير المصير من خلال تسوية للصراع عن طريق التفاوض.