محمد الهندي: ننسق عسكريا مع حماس وتبادل الأسرى مسألة معقدة
كشفت الهدن الإنسانية المتوالية في قطاع غزة وعملية تبادل الأسرى المدنيين من النساء والأطفال بين حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” من جهة، و”إسرائيل” من جهة أخرى، عن مدى سيطرة المقاومة على أرض الميدان بخلاف ما زعم جيش الاحتلال، وعن التنسيق القائم بين أجنحتها العسكرية، حيث شكلت عملية التبادل الأخيرة نموذجا له، كما يقول محمد الهندي نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي.
وأكد الهندي في حديث خاص مع الجزيرة نت أن الجهاد الإسلامي لعبت دورا مهما خلف حركة حماس في فرض الهدن وإتمام عمليات تبادل الأسرى، بعد موافقتها على العناوين والتفاصيل، وساهمت بنجاحها بعد 48 يوما على العدوان الإسرائيلي على غزة وشعبها، وارتكاب المجازر وتدمير البيوت وهدم المساجد والكنائس، واستهداف المدارس والمستشفيات وغيرها.
وشدد الهندي على أن موقف الحركة في الأساس هو وقف إطلاق النار بشكل دائم، إلا أنها قبلت بالهدنة الإنسانية وتبادل النساء والأطفال باعتباره مسارا قد يؤدي إلى خلق ديناميات جديدة لصفقات وتهدئات أخرى، قد تفضي إلى وقف إطلاق النار.
وفي الوقت نفسه، يرى القيادي في الجهاد الإسلامي أن استئناف إسرائيل لعدوانها العسكري اليوم لن يؤدي إلى تحقيق أهدافها، بل هناك تخوف أميركي من عدم القدرة على احتواء التوترات الإقليمية في حال استمرارها وارتكاب المزيد من المجازر.
ميزان الربح والخسارة
وشدد الهندي في حديثه للجزيرة نت، على أن العدو الإسرائيلي كان مرغما على قبول الهدنة التي استمرت 7 أيام نظرا لفشله في تحقيق أحد أهم أهدافه، وهو استعادة المحتجزين بالقوة. ويقول “استخدم العدو القوة المفرطة ولكنه لم يتحمل في الوقت ذاته الخسائر في صفوف ضباطه وجنوده عندما توغلوا بريا في أحياء مدينة غزة وشمال القطاع، فوافق على الهدنة مرغما”.
وفي ميزان الربح والخسارة، تعتبر المقاومة أنها لم تفرض فقط الهدنة على إسرائيل مرغمة لمدة 4 أيام، بل تمديدها أيضا إلى 7، ويرى الهندي أن “العدو كان مرغما على قبول تمديد الهدنة المؤقتة بعد تبدد الإجماع الداخلي الصهيوني وظهور احتجاجات كبيرة تطالب بإعادة المحتجزين من تل أبيب وصولا إلى القدس. وبعد تقلص الدعم الأميركي-الغربي، وقد شهدنا تحولا واضحا في الرأي العام في الغرب، ونظمت مسيرات ضخمة تندد بجرائم العدو ضد المدنيين في قطاع غزة”.
وتوقع نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي أنه رغم استئناف العدوان على غزة اليوم الجمعة، قد تنشأ أجواء جديدة ضاغطة لإعادة البحث عن هدن جديدة ولكن وفق قواعد مختلفة تتعلق بتقسيم بقية الأسرى إلى فئات مختلفة، مثلا الرجال، كبار السن، والذين هم خارج الخدمة، والمجندات في جيش الاحتياط، والضباط وغير ذلك من هذه التصنيفات.
اعتراض أميركي
ويقر الهندي بوجود تيار معارض للهدن ويُمثله بنيامين نتنياهو الذي يرفض حتى الآن الاعتراف بمسؤوليته عن الفشل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول مع وزير حربه يوآف غالانت، وهما اللذان قررا استئناف العدوان على غزة ولكنهما مقيدان بالاعتراض الأميركي على ارتكاب مجازر ضد المستشفيات والمدارس وأماكن اللجوء في جنوب قطاع غزة.
ويعتبر أن “الخلافات بين الإدارة الأميركية ومجلس حرب نتنياهو لا يمكن إخفاؤها. وهناك تخوف أميركي من عدم القدرة على احتواء التوترات الإقليمية في حال استمرار ارتكاب المجازر”.
وحول إيجابيات الهدنة الإنسانية رغم محدوديتها، يقول الهندي “رغم خروقات العدو المتكررة لشروط تبادل النساء والأطفال من المدنيين، إلا أن عملية الهدنة الإنسانية كانت مفيدة للشعب الفلسطيني، خاصة أن العدو ارتكب جرائم كثيرة. فالناس تفقدت بيوتها، والمستشفيات حاولت ترميم أوضاعها، والشهداء تم دفنهم. وكانت المساعدات، رغم شحتها وقلتها، تساعد في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، الذي هو أساس أي إنجاز لنا”.
التنسيق بين القسام والسرايا
وتوقع نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي أن “تكون المرحلة التالية من عملية تبادل العسكريين مسألة معقدة وستستغرق وقتا طويلا. وستكون في كل الحالات بعد وقف إطلاق النار”، معبرا عن اعتقاده بأنها “ستأخذ فترة طويلة لأنها ستكون على قاعدة تبيض السجون الصهيونية من جميع المعتقلين الفلسطينيين”.
واستنكر الهندي استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة مجددا بعد الهدن الإنسانية المتوالية، مؤكدا أن “المشهد اليوم يبدو مختلفا مع هذا الاستئناف، ولا يظهر في الأفق -خاصة بعدما كشف العدو عن خسائره- أنه قادر على تحقيق أهدافه بالقوة، في حين أن المقاومة جاهزة وقوية ومستعدة لردعه وتحقيق المزيد من الخسائر في صفوفه وإفشال أهدافه”.
وختم الهندي بالقول “إن الرسالة التي حملها التنسيق بين “كتائب القسام” و”سرايا القدس” في إحدى عمليات التبادل هي أن القسام والسرايا هم في الميدان ينسقون ويعملون معا، وهذا العمل المشترك في التبادل يعكس هذا التنسيق والتعاون العميق في الميدان”.