من نزوح إلى نزوح.. عائلة عُرابي تبحث عبثا عن مكان آمن في قطاع غزة
عند وصولها إلى أقصى جنوب قطاع غزة، في نهاية رحلة طولها 40 كيلومترا واتباعها لأوامر الجيش الإسرائيلي خطوة بخطوة، لم تلق عائلة عرابي إلا القصف في رفح أيضا، وأصبح ينتابهم شعور بأنه لم يعد لديها أي مهرب من المجازر والمجاعة والعطش، “فإلى أين سنذهب الآن؟”، يتساءل والد الأسرة.
بهذا الملخص تختم صحيفة لاكروا قصة نزوح عائلة محمد عرابي التي تتكون من أب وأم و7 أطفال، وقد خرج بهم والدهم من جباليا بشمال قطاع غزة، بحثا عن الأمان في منطقة لم يعد فيها مكان آمن، يقول محمد عرابي (45 عاما) “لا نعرف هل سنعيش غدا”.
بدأت قصة نزوح العائلة عندما خرج محمد عرابي بها من جباليا التي لا يعرف متى سيراها مرة أخرى، يقول “كان القصف متواصلا وكانت قوة الانفجارات لا تصدق، فاضطررنا إلى الرحيل”.
في مدينة غزة
سافرت العائلة حوالي 7 كيلومترات لتستقر في مدينة غزة مع أخت محمد عرابي، وهناك “بين الأطفال وأبناء العمومة والأهل، كان 25 شخصا يعيشون في غرفة واحدة. لم يكن هناك ما نأكله، ولا كهرباء لتوفير بعض الضوء أو التدفئة. وواصل الجيش الإسرائيلي قصف المدينة ليلا ونهارا”.
وبعد إسقاط الجيش الإسرائيلي منشورات تطلب من السكان “الذهاب جنوب وادي غزة”، وتحذيره من أن “أي شخص يختار البقاء يمكن اعتباره متواطئا مع منظمة إرهابية، “غادرنا جميعا باتجاه الجنوب على حمار بعربة هذه المرة بدل السيارة”، كما يقول الوالد.
بين الأطفال وأبناء العمومة والأهل، كان 25 شخصا يعيشون في غرفة واحدة. لم يكن هناك ما نأكله، ولا كهرباء لتوفير بعض الضوء أو التدفئة وواصل الجيش الإسرائيلي قصف المدينة ليلا ونهارا
خرج محمد وزوجته وأولادهما الثلاثة وبناتهم الأربع وكذلك أخته وأطفالها إلى الطريق، يقول محمد “في الطريق مررنا بحواجز جيش الاحتلال وتعرضنا للابتزاز من قبل الجنود. كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها الأطفال الدبابات. لقد كان الأمر مثيرا للدهشة ومخيفا للغاية”، ويضيف الرجل وهو لا يزال في حالة صدمة “أطلق بعضهم النار على الفلسطينيين أمامنا فقتلوهم”.
وعلى بعد 25 كيلومترا، وصلت العائلة إلى خان يونس لتستقر أولا في مدرسة كانت بمثابة مأوى للنازحين شرق المدينة، قبل أن يستقبلهم أحد الأقارب في غربها، حيث لم يكن هناك مكان لكل العائلة مما اضطرهم للانفصال، نصفهم في المنزل والنصف الآخر في منزل مجاور.
رفح والتشرد والمرض
ولكن بعد الهدنة القصيرة، غزا الجيش الإسرائيلي الجنوب الذي كان يُقدم في السابق على أنه مكان آمن، وجاء تحذير الجيش الإسرائيلي في الأول من ديسمبر/كانون الأول “عليك أن تغادر فورا إلى رفح. مدينة خان يونس منطقة قتال خطيرة. لقد تم تحذيركم”، لتضطر عائلة محمد إلى سلوك الطريق مرة أخرى باتجاه مدينة رفح، أقصى جنوب قطاع غزة.
رفح تنفجر، أصبحت تؤوي مليون شخص بعد أن كان سكانها نحو 200 ألف، ولا يوجد بها طعام ولا ماء ولا كهرباء، والأطفال لديهم حكة في بشرتهم، وشعرهم مليء بالقمل
و”لمدة 3 أيام -كما يقول محمد- تجولنا بحثا عن مكان نستقر فيه. نمنا في العراء. ثم أعارنا ابن أحد الأصدقاء غرفة. لم تكن لدينا مرتبة وكنا مكتظين للغاية. بحثت عن خيمة لمنح الأطفال الذين يرتدون الملابس نفسها منذ بداية الحرب، مساحة أكبر، لكن لم أجد واحدة”.
كانت “مدينة رفح تنفجر بالسكان -كما يقول محمد- أصبحت تؤوي مليون شخص بعد أن كان عدد سكانها نحو 200 ألف، ولا يوجد بها طعام ولا ماء ولا كهرباء، والأطفال لديهم حكة في بشرتهم، وشعرهم مليء بالقمل. الوضع كارثي، أينما ذهبت ترى الشوارع مليئة بالمشردين والنازحين. ولم يبق لنا إلا الدعاء من أجل أن تنتهي الحرب”.