تصاعد الدعوات الإسرائيلية للتطهير العرقي في غزة
لا تجد المأساة الإنسانية في أنحاء غزة قدرا من التعاطي في الخطاب العام الإسرائيلي، إذ تظل الأولوية هي هزيمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في القطاع.
وفي الواقع، فإن قرع طبول الحرب المتواصل من القادة الإسرائيليين وغيرهم من السياسيين قد حث على مصير أكثر تدميرا للقطاع. ومع عودة بعض السكان إلى منازلهم المدمرة، يضغط وزراء إسرائيليون لإعادة الاستيطان.
وأشار إيشان ثارور في عموده بصحيفة “واشنطن بوست” إلى دعوة أعضاء في الائتلاف اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إسقاط قنبلة نووية على قطاع غزة المكتظ بالسكان، والإبادة الكاملة للقطاع كعلامة على الانتقام، وإفقار شعبه إلى درجة أنهم لا يملكون أي خيار. ليبقى خيارهم الوحيد هو ترك وطنهم.
وفي هذا الأسبوع وحده، ظهر برلماني من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو على شاشة التلفزيون وقال إنه من الواضح لمعظم الإسرائيليين أن “جميع سكان غزة بحاجة إلى التدمير”. وبعد ذلك، قالت سفيرة إسرائيل في بريطانيا تسيفي هوتوفلي للإذاعة المحلية إنه لا يوجد حل آخر لبلادها سوى هدم “كل مدرسة، وكل مسجد، وكل منزل” في غزة لتدمير البنية التحتية العسكرية لحماس.
وأردف ثارور أن هذا الخطاب المتراكم يشكل جزءا من طلب الدعوى المؤلف من 84 صفحة الذي قدمته حكومة جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، متهمة إسرائيل بارتكاب أعمال ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية أو الفشل في منعها.
وأكدت دعوى جنوب أفريقيا أن السلطات الإسرائيلية فشلت في قمع “التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية” من قبل مجموعة من السياسيين والصحفيين والموظفين العموميين الإسرائيليين.
ويشمل ذلك شخصيات يمينية متطرفة مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين لا يخفيان رؤيتهما لغزة مُطهرة عرقيا.
التهجير القسري
وقال سموتريتش في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي الأحد الماضي إن ما يجب القيام به في غزة هو تشجيع الهجرة. في حين دعا بن غفير في مناسبة أخرى إلى التهجير القسري الفعلي لمئات الآلاف من القطاع.
وألمح الكاتب إلى أن الدعوات الإسرائيلية للتطهير العرقي الفعلي والاستيطان الإسرائيلي المحتمل في غزة قد لا تنعكس في الموقف المعلن للحكومة الإسرائيلية في زمن الحرب.
ونقل عن بعض زملائه قولهم “في السر، يقول المسؤولون الإسرائيليون إن المقترحات لنقل سكان غزة تنبع من الضرورات السياسية لائتلاف نتنياهو واعتماده على الأحزاب اليمينية المتطرفة للحفاظ على السلطة”.
وقال شخص مطلع على المحادثات داخل الحكومة الإسرائيلية لواشنطن بوست، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخول بمناقشة الأمر علنا إن “المتخصصين في الجيش والمؤسسة الأمنية يعرفون أن هذا ليس في نطاق الاحتمالات. هم يعرفون أنه لا يوجد مستقبل بدون الغزيين في غزة والسلطة الفلسطينية كجزء من الحكومة”.
وختم الكاتب تحليله برسالة مشتركة كتبتها مجموعة من الإسرائيليين البارزين يوم الأربعاء، ومنهم مشرعون سابقون ومثقفون، تدين السلطات القضائية الإسرائيلية لعدم كبح جماح خطاب “الإبادة الجماعية” المنتشر. وقالوا إنه للمرة الأولى التي يمكنهم أن يتذكروها، تحولت الدعوات الصريحة لارتكاب فظائع ضد ملايين المدنيين إلى جزء مشروع ومنتظم من الخطاب الإسرائيلي. وباتت تلك الدعوات أمرا يوميا في إسرائيل.