صحفيو غزة ينعون الزميل حمزة الدحدوح
غزة- أبدى الصحفيون الفلسطينيون تضامنا واسعا مع الزميل وائل الدحدوح، مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة بعد استشهاد نجله البكر حمزة، برفقة الصحفي مصطفى ثريا.
وأجمع الصحفيون الذين تحدثوا للجزيرة نت على أن الشهيد حمزة، كان مشهورا بطيبته وعطائه الكبير، ومهنيته، وحبه لعمله الصحفي، كما ذكروا أن إسرائيل لن تستطيع “كسر عزيمة الزميل وائل، عبر الاستمرار في استهدافه، وعائلته”.
واستشهد حمزة، الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف صحفيين غرب خان يونس جنوبي قطاع غزة. كما استشهد إلى جانبه الصحفي مصطفى ثريا جراء صاروخ من طائرة إسرائيلية مسيّرة استهدف السيارة التي كانا يستقلانها، جنوبي غربي قطاع غزة.
وسبق أن استشهد عدد من أفراد عائلة الزميل وائل الدحدوح -بمن فيهم زوجته وابنه وابنته وحفيده- في قصف إسرائيلي استهدف منزلا نزحوا إليه بمخيم النصيرات وسط القطاع.
“حمزة كان روح الروح”.. مراسل الجزيرة وائل الدحدوح ينعى ابنه حمزة بعد استشهاده بخان يونس pic.twitter.com/HmkV8e4lje
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) January 7, 2024
اغتيال مباشر
يقول الصحفي عامر أبو عمرة، وهو شاهد عيان على الحادث إن مجموعة من المصورين تضم بالإضافة إليه، حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا وأحمد البرش، كانوا يصورون تقريرا إخباريا حول استهداف منزل يعود لعائلة “أبو النجا” شمال رفح والذي أسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين.
ويضيف في حديث للصحفيين، ومن ضمنهم مراسل الجزيرة نت “بعد أن أنهينا التصوير، تجمعنا أنا وحمزة، ومصطفى، وأحمد البرش في مكان معين، وبعدها تم إطلاق أول صاروخ من طائرة مسيّرة وسقط بالقرب منا”.
وذكر أن جميع الصحفيين الأربعة أصيبوا بجراح بسبب الصاروخ، مضيفا “نظرا لوجود سيارة إسعاف كانت تنقل جثامين الشهداء، صعدتُ أنا وأحمد (البرش) فيها، بينما صعد حمزة ومصطفى في سيارة أخرى، وتوجهنا نحو مستشفى أبو يوسف النجار”.
وفي الطريق إلى المستشفى أطلقت الطائرة الإسرائيلية صاروخا آخر على السيارة التي كانت تقل الدحدوح الابن وثريا، ما أدى إلى استشهادهما، بحسب أبو عمرة.
أخلاق ومهنية
يقول محمد أبو دقة المصور في مكتب قناة الجزيرة في قطاع غزة، إنه عمل مع الشهيد حمزة على مدار فترات طويلة، كان خلالها مثالا يحتذى به في المهنية والأخلاق الرفيعة، والهمة العالية.
وأضاف أبو دقة للجزيرة نت “حمزة إنسان حنون، معطاء، ويحب المهنة ويعشقها مثل أبيه، كان لديه إحساس كبير بمعاناة سكان غزة وحرص على كشف جرائم الاحتلال”.
وكشف أبو دقة أن حمزة رفض السفر من قطاع غزة، قبل أسبوع من استشهاده، وقرر البقاء كي يستمر في أداء رسالته الإعلامية من جهة، ومن جهة أخرى كي يبقى إلى جانب والده الزميل وائل.
واستبعد أن تنجح إسرائيل في كسر عزيمة الزميل وائل الدحدوح عبر الاستمرار في استهدافه وعائلته، مضيفا “عزيمة وائل قوية وصعب كسره، لأنه جبل، وطاقة التحمل عنده كبيرة لأنه مؤمن بالقضية ومؤمن بالله”.
من جانبه، عبّر الصحفي الفلسطيني فتحي صبّاح رئيس تحرير شبكة “مصدر” الإخبارية عن اعتزازه بمعرفته الشخصية بالشهيد حمزة، مشيرا إلى أنه التقاه آخر مرة، قبل يومين من استشهاده.
وأضاف صباح للجزيرة نت بعد أن غلبه البكاء “حمزة شاب خلوق، وأوجع قلبي رحيله، ورحيل شقيقه وشقيقته وأمه (في بداية الحرب)”.
وتابع “هذا الشبل من ذاك الأسد، خلوق ومؤدب ومحترم، نموذج للشاب الفتى الواعد الذي لديه حس وطني، وآمال وطموحات هي جزء من طموحات الشعب الفلسطيني”.
وذكر صبّاح أن سياسة اغتيال الصحفيين من قبل إسرائيل “قديمة جديدة”، وبدأت باغتيال الأديب والإعلامي غسان كنفاني عام 1972، وهي “جزء من حرب الرواية بين الشعب والاحتلال”.
صحفي واعد
بدوره، أشاد الصحفي صالح المصري، رئيس تحرير وكالة “فلسطين اليوم”، بالزميل الشهيد حمزة، وقال إنه كان “صحفيا واعدا ويقوم بمهام متعددة مع طاقم قناة الجزيرة”.
وذكر المصري، في حديثه للجزيرة نت، أن حمزة حقق نجاحا كبيرا كناشط في شبكات التواصل الاجتماعي، وكان يفرح كثيرا حينما يزيد متابعوه، الذين وصلوا إلى نحو المليون على تطبيق إنستغرام.
ويضيف “صباح استشهاده، تناولتُ طعام الإفطار معه وشربتُ الشاي، ثم كعادته انطلق ليصور القصص الصحفية قبل أن نفجع بخبر استشهاده”.
وأشاد المصري كذلك بالزميل وائل الدحدوح، الذي قال إنه أصبح “قدوة للكثير من الصحفيين في فلسطين، حول العالم، نظرا لمهنيته العالية”.
ويجزم المصري أن إسرائيل لن تستطيع كسر عزيمة الزميل الدحدوح باستمرارها في استهداف عائلته، وأضاف “أعتقد أن لديه من العناد ما يكفي ليدفعه للاستمرار في مسيرته الإعلامية”.
خسارة كبيرة
وعلى مدار سنوات، أقام الصحفي معتصم مرتجى، صداقة متينة مع الشهيدين حمزة ومصطفى. ويقول معتصم الذي يدير شركة إنتاج إعلامي في غزة، إن حمزة “صديقي الحميم، منذ سنوات طويلة، وعملنا معا في شركة خاصة في العمل الصحفي وإنتاج الأفلام”.
وأضاف للجزيرة نت “كنتُ مع حمزة صباح اليوم قبل استشهاده، وشربنا القهوة معا، حتى أنه شرب من فنجاني، وقلت له أنت أفضل من يصنع القهوة”.
وذكر أنه كان “حنونا ومعطاءً ويحب فعل الخير ومساعدة الناس، ولديه طموح كبير”، ويضيف “خسارتنا في حمزة على المستوى الإنساني، كبيرة جدا، ولا يمكن تعويضها”.
أما بخصوص صديقه الثاني الشهيد مصطفى ثريا، يقول مرتجى إنه يبلغ من العمر 28 عاما، وهو موظف في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وإلى جانب عمله الحكومي يعمل في مجال الصحافة.
وذكر أن مصطفى من أفضل من يصورون بواسطة الطائرات المسيّرة “الدرون” في قطاع غزة، وكان مشهورا بكفاءته العالية في هذا المجال.
ويتابع “مصطفى كان معطاءً بصورة كبيرة، وتقريبا أغلب الصحفيين الموجودين في رفح استفادوا من مساعداته لهم، وفي توفير متطلبات العمل الصحفي”.
بدوره، تقدم الصحفي سعيد السبع مصور قناة الكويت في قطاع غزة، بالتعزية في الزميل الدحدوح، وقال للجزيرة نت “نعزي أبا حمزة في حمزة، ونقول له ربط الله على قلبك ورحم الله الشهيد وألهمك الصبر والسلوان”. وأضاف أن “حمزة كان معروفا بأخلاقه ومهنيته العالية”.
كما نعى المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة إسماعيل الثوابتة، الزميلين حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا، واصفا استهدافهما بالجريمة النكراء.
وقال الثوابتة للجزيرة نت “رحم الله الزميلين الصحفيين الدحدوح وثريا، وأسكنهما فسيح جناته، وخالص العزاء للأسرة الصحفية الفلسطينية وللزميل الصحفي وائل الدحدوح ولذوي الشهيد ثريا”.