الغارديان: النخب الغربية متواطئة في كابوس غزة والعواقب خطيرة
قال الكاتب أوين جونز بصحيفة الغارديان إن النخب السياسية والإعلامية الغربية متواطئة في كابوس غزة، وإنها فقدت آخر بقايا السلطة الأخلاقية إلى الأبد.
وأوضح الكاتب أن الرئيس الأميركي جو بايدن قدّم إجابة محددة الأسبوع الماضي في البيان الذي أصدره بمناسبة مرور 100 يوم على بدء “الرعب الحالي”، حيث أظهر حقيقة تعاطفه مع محنة الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومع أسرهم المصابة بالصدمة، لكن لم يصدر عنه أي ذكر للفلسطينيين.
ومع ذلك فإن عدم اهتمام السياسيين ووسائل الإعلام بإخفاء ازدرائهم للحياة الفلسطينية ستكون له نتائجه الكبيرة، مع أنه ليس بالأمر الجديد، كما يرى الكاتب؛ إذ لو لم تتجاهل الدول القوية في العالم بهذه الوقاحة 3 أرباع مليون فلسطيني طُردوا من ديارهم قبل 76 عاما، مع قتل نحو 15 ألفا منهم بعنف، لما زرعت بذور هذا الحصاد المر اليوم.
مذابح
وتساءل أوين جونز كم من الناس يعرفون أن 234 فلسطينيا قُتلوا في العام الماضي، قبيل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، على يد القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية وحدها.
وتابع أنه لو كانت هناك بعض القيمة لحياة الفلسطينيين، لربما لم تكن لتحدث عقود من الاحتلال والحصار والاستيطان غير القانوني والفصل العنصري والقمع العنيف والمذابح الجماعية.
وربما توقع البعض أنه بعد هذه المذبحة القاتلة، سوف ينهار السد في نهاية المطاف، لأن قتل 10 آلاف طفل بعنف وبتر أرجل أو نزع كلى آخرين دون تخدير، أمور من شأنها أن يثير مشاعر قوية، كما أن إجراء عمليات قيصرية بدون تخدير وموت الخدّج بسبب انخفاض حرارة الجسم والإسهال، من شأنهما أن يثيرا اشمئزازا لا يمكن إيقافه.
ومع أن التوقعات بأن ربع سكان غزة قد يموتون في غضون عام واحد بسبب تدمير إسرائيل لنظام الرعاية الصحية وحده، ويفترض أن يؤدي ذلك إلى مطالبة عالية الصوت لإنهاء هذا الظلم، إلا أنه لم يتحرك أحد.
تأثير عميق
وبحسب الكاتب، فليس التقليل من قيمة الحياة الفلسطينية أمرا افتراضيا، بل هو حقيقة إحصائية، حيث تقول دراسة جديدة للتغطية في الصحف الأميركية الكبرى، إن وفيات الإسرائيليين تذكر بمعدل 16 مرة أكثر من وفيات الفلسطينيين، وإن المصطلحات الإنسانية مثل “الأم” أو “الزوج” كانت تستخدم في كثير من الأحيان أقل بكثير لوصف الفلسطينيين، في حين أن المصطلحات العاطفية مثل “مذبحة” تستخدم للضحايا الإسرائيليين.
وكل هذا سيكون له تأثير عميق، كما يرى الكاتب؛ إذ يجب أن ننسى أي ادعاءات غربية مستقبلية بشأن حقوق الإنسان والقانون الدولي، لأن قسما كبيرا من العالم ينظر إلى هذا التبرير الذاتي بازدراء، ويعتبره مجرد خدعة لتعزيز المصالح الإستراتيجية للبلدان التي أصبحت غنية على حساب بقية العالم، بعد قرون من الاستعمار الذي اتسم بالإبادة الجماعية وحمامات الدم الأخيرة مثل حرب العراق، وحتى تسليح إسرائيل ودعمها وهي تمارس القتل الجماعي في غزة.
وتابع بأنه لا ينبغي أن تشعر النخب السياسية والإعلامية الغربية بالذعر لحال الدول الأخرى، بل لما يحدث من الانهيار الأخلاقي في بلدانهم، وذلك لأن رفض معاملة الفلسطينيين كبشر جعل كابوس اليوم لا مفر منه، ومزق الادعاءات الأخلاقية المستخدمة لتبرير الهيمنة الغربية على العالم بشكل دائم، مع عواقب لن تفهم إلا بعد فوات الأوان.