هل تعرقل واشنطن محكمة العدل في غزة؟ لقد فعلتها من قبل
“هل ستعرقل الولايات المتحدة محكمة العدل الدولية في غزة؟ لقد فعلتها من قبل” بهذا السؤال استهل الكاتب جون شفارتس مقاله بموقع إنترسبت الأميركي تعقيبا على الحكم المؤقت لهذه المحكمة العالمية في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بشأن غزة مؤكدة أنها “ترتكب إبادة جماعية في انتهاك واضح لاتفاقية منع الإبادة الجماعية”.
ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة ستتدخل الآن لمنع أي تنفيذ لقرار محكمة العدل، لافتا إلى أن حكما مشابها نسيه الأميركيون تماما اليوم، ألا وهو استجابة نفس المحكمة لشكوى من نيكاراغوا خلال الثمانينيات بالحكم بأن الولايات المتحدة انتهكت القانون الدولي بطرق عديدة من خلال زرع الألغام في موانئ نيكاراغوا ودعم الكونترا (جماعات متمردة ممولة من التيار اليميني ومدعومة من واشنطن) في محاولتهم للإطاحة بحكومة ساندينستا في البلاد.
وعلق بأن هذه الخلفية الدرامية “تخبرنا الكثير” عن الطريقة التي تنظر بها الولايات المتحدة إلى القانون الدولي، بمعنى أنها تحتقره تماما، وتعتبره مجرد أداة يمكن استخدامها أحيانا “ضد أعدائنا” ولكن “لا يمكن السماح أبدا بتطبيقه علينا أو على حلفائنا” مثل إسرائيل.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة -على مدار القرن العشرين- تدخلت بشكل متكرر في سياسة نيكاراغوا، وذلك للتأكد من أن حكومة البلاد لم تلحق الضرر بأرباح المستثمرين الأميركيين.
وأضاف الكاتب أن كل هذا “كان رائعا” من وجهة نظر الولايات المتحدة. ولكن عام 1979، حدث “شيء فظيع” حيث تمت الإطاحة بآخر قادة حركة ساندينستا الاشتراكية.
تجاهل القانون الدولي
وعودة إلى التاريخ، تكرر تدخل واشنطن مرة أخرى عام 1981 عندما رأت إدارة الرئيس رونالد ريغان أن تدمير الساندينستيين أولوية قصوى. ولتحقيق هذه الغاية قامت بتمويل وتنظيم قوات الكونترا التي كان معظمها من الحرس الوطني للنظام السابق. وقاتلت هذه القوات جيش ساندينستا بينما ذبحت أيضا أعدادا كبيرة من المدنيين.
وجادل الطلب الذي قدمته نيكاراغوا إلى محكمة العدل بأن الولايات المتحدة كانت تنتهك ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق منظمة الدول الأميركية، واتفاقية مونتيفيديو لحقوق وواجبات الدول منذ عام 1933. وفي غضون شهر، أصدرت المحكمة إجراءات مؤقتة تأمر الولايات المتحدة بوقف تلغيم موانئ نيكاراغوا واحترام سيادة البلاد.
وردت الولايات المتحدة بتجاهل ذلك تماما. وسرعان ما أعلنت أنها لن تمثل حتى أمام المحكمة، قائلة إنها لا تنوي المشاركة في “أي إجراءات أخرى تتعلق بالقضية”.
وعودة لقرار العدل الدولية بشأن ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، يرى الكاتب أنه من المرجح أن يستغرق صدور حكم المحكمة سنوات. ولكن وفقا لميثاق الأمم المتحدة، يتعين على إسرائيل الامتثال لمطالب المحكمة المؤقتة فورا، تماما كما كان مطلوبا من الولايات المتحدة الانصياع لمطالب المحكمة المؤقتة عام 1984.
ومع ذلك، يرى الكاتب أنه من الممكن أن نحكم على ما إذا كان هذا الأمر سيحدث من خلال كلمات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر عندما قال “لن يوقفنا أحد، لا لاهاي ولا محور الشر، ولا أحد آخر”.
وانتهى المقال إلى أن جنوب أفريقيا، كما حدث مع نيكاراغوا منذ عقود، لن يكون أمامها أي ملاذ سوى مطالبة مجلس الأمن الأممي باتخاذ إجراء، وسيتعين على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت ستؤكد مرة أخرى أن بإمكانها وحلفائها تجاهل ورفض القانون الدولي بأمان.