مع دعمه لحرب غزة.. حديث بايدن عن دولة فلسطينية بين الجد والهزل
واشنطن– زاد الحديث في أروقة واشنطن عن “الاعتراف الأميركي بدولة فلسطينية” عقب إشارات خرجت من الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، تصب في هذه الاتجاه خلال الأيام الأخيرة.
ولم يغير بايدن موقفه الداعم بشكل كامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حتى الآن، ولم يطالب بوقف إطلاق النار.
كما أن عقودا من محاولات واشنطن المخفقة في الدفع نحو التوصل إلى حل الدولتين جعلت بعض المحللين يشكك في جدية التزام إدارة بايدن بهذا الطرح، خاصة في عام انتخابات رئاسية صعبة.
وعلى النقيض يرى آخرون أن بايدن قد يُقدِم على هذه الخطوة في سعي منه لتأمين حصوله على أصوات الناخبين المسلمين والعرب، والشباب والأقليات، الذين صدمهم موقفه المؤيد والداعم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال بايدن “أعتقد أننا سنكون قادرين على العمل على شيء ما.. أعتقد أن هناك طرقا يمكن أن ينجح بها هذا”، في إشارة إلى اتفاق محتمل بعد الحرب يمكن أن يقيم دولة فلسطينية منزوعة السلاح.
وتشير تقارير إلى تكليف بايدن وزارة الخارجية بالفعل بالنظر في الشكل الذي ستبدو عليه فلسطين منزوعة السلاح، “بناء على نماذج أخرى من جميع أنحاء العالم”.
وفي الوقت ذاته، يرتبط حديث الاعتراف الأميركي بدولة فلسطينية، بإطار أشمل يتضمن سعي بايدن لرعاية تطبيع سعودي إسرائيلي يسبقه إبرام اتفاقية دفاعية أميركية سعودية، مع موافقة جميع الأطراف على صياغة خطوات لا رجعة فيها نحو إقامة دولة فلسطينية.
وأشارت صحيفة واشنطن بوست، الخميس، إلى أن مسؤولين أميركيين وعرب يعملون على وضع خطة شاملة لإحلال سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في وقت تجدد فيه الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو رفضها أي حديث عن قيام دولة فلسطينية.
اعتراف أحادي محتمل
وتوقع مايكل دوران، مدير “مركز السلام والأمن في الشرق الأوسط” في معهد هدسون، الذي سبق له العمل في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون في ظل إدارات جمهورية عدة، أن يقدم بايدن على الاعتراف بدولة فلسطينية هذا الصيف.
وكتب دوران في موقع المعهد أن “الاعتراف بدولة فلسطينية سيكون حيلة انتخابية، بقدر ما هو إستراتيجية للسياسة الخارجية، سيسعى فريق بايدن إلى الإعلان عنها بحلول أوائل الصيف، في الوقت المناسب تماما لبدء حملة الانتخابات الرئاسية اعتمادا على إنجازه التاريخي”.
وأشار دوران إلى تأكيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، الذي قال، في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، “ندعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ونقوم بكثير من العمل داخل الحكومة للتفكير في كيفية تحقيق ذلك”.
وطبقا لدوران، فقد دفع ذلك إلى فزع المسؤولين الإسرائيليين بسبب “وقوع إدارة بايدن في حب فكرة إقامة دولة فلسطينية، والاعتراف الأحادي الجانب وسيلة للضغط على إسرائيل”.
واتفق جوناثان شاشتر، الباحث بمعهد هادسون والمستشار السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والخبير في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، على جدية تفكير إدارة بايدن في الاعتراف بدولة فلسطينية.
وأشار شاشتر إلى أن “جولة الاعتذار التي قامت بها إدارة بايدن في ولاية ميشيغان، تؤكد أن الاعتبارات السياسية المحلية ستؤثر بشكل متزايد في سياسة واشنطن تجاه إسرائيل”.
وأبرز شاشتر ما عدّه “التزام بايدن الصمت بشكل ملحوظ تجاه المؤيدين الأميركيين لحماس، حتى عندما دعوا إلى القتل الجماعي لليهود، ومزقوا العلم الأميركي، وحاولوا تسلق سياج البيت الأبيض. والآن، مع تهديد قادة العرب والمسلمين الأميركيين بعدم دعم بايدن في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تحول البيت الأبيض من الصمت إلى محاولة استغلال الموقف”.
التطبيع هو الهدف
وفي حديث مع الجزيرة نت، قال السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا في المعهد الأطلسي بواشنطن، إن الحديث حول دراسة إدارة بايدن لبعض الخيارات لإجراء تغييرات في سياسة الولايات المتحدة، حول ما يتعلق بالاعتراف بدولة فلسطينية “معقول تماما”.
وأشار السفير ماك إلى أنه “من الجدير بالذكر أن هذا الحديث يأتي في أعقاب بيان صادر عن وزير خارجية المملكة المتحدة يدعم الفكرة نفسها. والأهم من ذلك، أن حكومة نتنياهو لم تكن مفيدة للغاية برفضها التفاوض على إقامة دولة فلسطينية مع السلطة الفلسطينية”.
وأضاف “أعتقد -أيضا- أن الإدارة الأميركية متشجعة بالتقارير التي تفيد بأن محمود عباس يجري مناقشات جادة مع مصر والأردن والسعودية، حول إصلاح إدارته من خلال القيام بدور أكثر رمزية، وجلب رئيس تنفيذي أصغر سنا للدولة الفلسطينية”.
ويرى أن الرئيس عباس يمكن أن يلعب دورا مشابها للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، تاركا الحكم الحقيقي لشخص يحظى بثقة الدول العربية الرئيسة والأمم المتحدة والولايات المتحدة. وأضاف “يمكن لرئيس وزراء السلطة الفلسطينية أن يجتذب المزيد من الدعم السياسي والمالي، لتلبية احتياجات الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي غزة على حد سواء”.
في الوقت ذاته، يرى عدد من المعلّقين أن جهود البيت الأبيض تنصب بالأساس على السعي لتحقيق تطبيع بين إسرائيل والسعودية.
ويعدّ هؤلاء أن ما يفعله بريت ماكغورك، مستشار الرئيس بايدن بمجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط، من جهود بهدف تمرير اقتراح إعادة بناء السلطة الفلسطينية، من خلال التركيز على صفقة بين إسرائيل والسعودية، سيبوء بالإخفاق.
في الوقت ذاته، قال أكبر أحمد، الكاتب بموقع هاف بوست، في تدوينة على موقع “إكس”، “سمعت من مسؤول أميركي طلب منه في وقت سابق من هذا الأسبوع استكشاف جعل فلسطين عضوا في المؤسسات الدولية كدولة”. وقال إنهم يدركون أن هذا الجهد هو “خطوات مزيفة هزلية”، وأكد أنه “من المستحيل، بالنظر لتاريخ بايدن، أن يأخذ بجدية هذه الخطوات”.
“Just talking about statehood is a distraction. … It’s all smoke and mirrors. Unless they talk about ending Israel’s occupation it doesn’t matter.”
— Khaled Elgindy (@elgindy_) February 15, 2024
ويتفق خالد الجندي، مدير برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، مع الطرح السابق، وقال في تدوينة على موقع “إكس”، إن “مجرد الحديث عن الدولة هو إلهاء.. هذا حديث بلا معنى، ما لم يتحدثوا عن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، كل ذلك لا يهم”.