شيخ الساسة.. رحيل عبد الطيب محمود الأطول حكما في ماليزيا
كوالالمبور- نعت الحكومة الماليزية والحكومة المحلية في ولاية سرواك السياسي المخضرم عبد الطيب محمود الذي رحل عن عمر ناهز 87 عاما، والذي يعد أحد أبرز قادة ماليزيا السياسيين منذ استقلالها عام 1957، وتوحيد شقيها الشرقي والغربي عام 1963.
وشغل عبد الطيب رئاسة حكومة ولاية سرواك لمدة 33 عاما، قبل أن يتولى منصب حاكم الولاية، وهو من مواليد مدينتها “ميري” التي اكتُشف فيها النفط بداية القرن الماضي، فساهم في إثرائها إلى جانب المصادر الطبيعية الأخرى لا سيما أخشاب الغابات الاستوائية.
وتوالت إشادات المسؤولين الماليزيين بدوره في تعزيز الاستقرار السياسي والتعايش بين مختلف الأعراق والديانات في الولاية الأكثر تنوعا عرقيا ودينيا في البلاد.
وقال حاكم الولاية أبانغ جوهري إن عبد الطيب وضع حجر الأساس للتطور والنمو الذي شهدته الولاية، بينما وصفه وزير النقل الماليزي لي كيم شين بأنه مهندس سرواك الحديثة.
العم أبيض الشعر
يرى الكاتب الصحفي يوه غوان جين أن عبد الطيب خلّف إرثا كبيرا في سرواك يطغى على لقبه “العم أبيض الشعر”. وفي مقال له بصحيفة “فري ماليزيا تودي” يضيف يوه “لا تتوقع أن يحكم شخص 33 عاما بصفته رئيسا لسلطة تنفيذية، ثم يحتل منصب حاكم الولاية دون مكر ودهاء سياسي كبيرين”.
ويتابع “لقد تسلم رئاسة الحكومة المحلية عام 1981، وهو العام نفسه الذي تسلم فيه مهاتير محمد رئاسة الوزراء في الحكومة المركزية، وصاغ حكومة من أعضاء يمنحونه ولاء كاملا، وأقصى المخالفين والمعارضين داخل حزب (اتحاد أبناء الأرض) الحاكم في الولاية”.
وضرب الكاتب على ذلك مثالا بإقصاء الراحل منافسيه مثل عبد الرحمن يعقوب عام 1983، واحتفاظه بهذه السياسة إلى أن تولى منصب حاكم الولاية.
واستفاد عبد الطيب من المساحة الواسعة والثروات الطبيعية الضخمة التي تحظى بها سرواك لمساومة الحكومات المركزية المتعاقبة، بما فيها حكومة مهاتير محمد الرجل المعروف بإطاحته بكل من يساوره شك بولائه من الساسة والمسؤولين، ومن بعده نجيب عبد الرزاق الذي حاول جاهدا استبدال عبد الطيب، ولكن دون جدوى.
شبهات الفساد
يلف الغموض ثروة أكثر السياسيين حكما في ماليزيا، وهناك من يقدرها بعشرات مليارات الدولارات، لكن تحقيقات الفساد لم تشمل السياسي المخضرم أو أيا من ذويه، وما إن ألم به الموت، حتى بدأت الشائعات تدور حول صراع عائلي على الإرث، لا سيما مع زوجته السورية الأصل غادة الكرد التي تصغره بنحو 3 عقود ونصف عقد.
وقد اتهم أبناء عبد الطيب، من زوجته البولندية ليبكا تالار التي توفيت عام 2009، زوجة أبيهم غادة الكرد بنقل كثير من ممتلكاته إلى اسمها، في حين رفعت بدورها دعوى قضائية ضد اتهامها بخطف زوجها من المستشفى خلافا لموافقة الأطباء. وتدخلت الشرطة، بناء على طلب أبنائه، للتحقيق في ملابسات إخفاء معلومات أو الاستحواذ على شخص عبد الطيب في أيامه الأخيرة.
وعام 2012، قدرت مؤسسة “صندوق برونو مانسر السويسرية” ثروة عبد الطيب بأكثر من 15 مليار دولار، وهو صندوق للحفاظ على البيئة يحمل اسم ناشط سويسري يُعتقد أنه اختفى قسريا في سرواك بسبب نشاطه للحفاظ على الغابات الاستوائية.
وأشارت صحيفة “بزنس تايمز” الماليزية إلى انشغال أفراد عائلة عبد الطيب بالتجارة والأعمال في أثناء فترة حكمه، وكشفت عن أن قيمة 9 شركات مسجلة باسم أفراد عائلته في بورصة ماليزيا تقدر بنحو ملياري دولار، وهي كالآتي:
- شركة تشايا ماتا سرواك، التي تأسست عام 1974 لصناعة الإسمنت وتوسعت لتضم تحت مظلتها 35 شركة، يمتلك أفراد أسرة عبد الطيب 22% من أسهمها، ويترأسها عبد الرحمن وأبو بكر ابنا عبد الطيب.
- نعيم هولدينغ، تعمل في مجال العقارات والبترول والغاز وتقدر قيمتها بنحو 100 مليون دولار، يترأسها ابن عمه عبد الحميد سيباوي.
- تا آن هولدينغ، وهي شركة متخصصة في تجارة الأخشاب وتقدر قيمتها بحوالي 200 مليون دولار، تمتلك عائلة طيب 28% من أسهمها.
- سرواك بلانتيشين، تعمل في مجال زراعة نخيل الزيت وتقدر قيمتها بقرابة 130 مليون دولار، ويمتلك عبد الحميد نحو 30% من أسهمها.
- دايانع إنتربرايز، شركة خدمات تقدر قيمتها بنصف مليار دولار، تمتلك شركة نعيم السابقة أكثر من 24% من حصصها.
- سرواك كيبل، تقدر قيمتها بـ20 مليون دولار، وتعمل في مجال صناعة الأسلاك الكهربائية (الكيبلات)، ويترأسها محمود أبو بكر وهو ابن عبد الطيب.
- كينانغا انفيستمنت بنك، تقدر قيمة البنك بنحو 200 مليون دولار، ويعمل أحمد علوي السري مديرا في البنك.
- سرواك بلانتيشن، تعمل في مجال صناعة زيت النخيل وتقدر قيمتها بنحو 130 مليون دولار ويمتلك عبد الحميد نجل عبد الطيب حوالي 30% من أسهمها.
من قرية نائية للقصر
ولد عبد الطيب يوم 21 مايو/أيار 1936 في قرية سوغي ميرباو قرب مدينة ميري بولاية سرواك.
التحق بجامعة “أديليدي الأسترالية” عام 1958، وتخرج فيها بدرجة بكالوريوس في القانون عام 1962، وتعين في مكتب الادعاء العام في سرواك.
- سنة 1963 عُين وزيرا للاتصال والعمل في حكومة الولاية وكان عمره 27 عاما.
- سنة 1970 انتُخب عضوا في البرلمان عن دائرة كوتا سماراهان وبقي ممثلا لها 38 عاما.
- سنة 1981 انتُخب رئيسا لحكومة ولاية سرواك، ليكون بذلك رابع رئيس للحكومة.
- سنة 2014 عُين حاكما لولاية سرواك حتى عام 2024.