بايدن يبتعد عن نتنياهو لكنه يتمسك بدعم إسرائيل
واشنطن – وسط تصاعد المؤشرات على وجود خلاف حاد بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيدفع واشنطن لتغيير موقفها الداعم بشكل كامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبعد خطاب “حالة الاتحاد” الذي بدا فيه الرئيس الأميركي أكثر اهتماما بالوضع الإنساني في غزة، أجرى بايدن مقابلة مع شبكة “إم إس إن بي سي”؛ حيث حذر من أن اقتحام رفح هو “خط أحمر” بالنسبة له.
وقال بايدن إن “نتنياهو يؤذي إسرائيل أكثر من مساعدتها، من خلال جعل بقية العالم يعارض ما تمثله إسرائيل. وأعتقد أنه خطأ كبير. لذلك أريد أن أرى وقف لإطلاق النار لـ6 أسابيع، وتبادل كبير للسجناء والمحتجزين”.
وتعقيبا على تصريحات بايدن الأخيرة، توقع مارتن إنديك، المسؤول والسفير السابق والخبير بمجلس العلاقات الخارجية، في تغريدة على موقع إكس، أن يتبع بايدن أسلوبا قاسيا مع نتنياهو. وقال إنديك “هناك 5 نقاط من حوار بادين مع إم إس إن بي سي”:
- ينوي بايدن أن يكون قاسيا مع نتنياهو.
- الهجوم الإسرائيلي على رفح هو “خط أحمر”.
- لن يقطع بايدن إمداد إسرائيل بالأسلحة الدفاعية مثل القبة الحديدية (وهو ما يعني أنه قد يبطئ الأسلحة الهجومية إذا تجاوزت إسرائيل خطه الأحمر).
- يفكر بايدن في الذهاب إلى إسرائيل للتحدث مباشرة إلى الجمهور الإسرائيلي.
- يأمل أن تفتح إسرائيل معابر برية من إسرائيل إلى شمال غزة.
وخلص إلى القول: “ما لم يغير نتنياهو مساره، فإن المواجهة مع بايدن قادمة”.
Here’s Biden’s MSNBC interview last night about Israel and Gaza. Takeaways: 1. he is intending to get tough with Netanyahu. 2. An Israeli attack on Rafah is a “red line.” 3. He won’t cut Israel’s defensive weapons like Iron Dome (implying that he might slow offensive weapons if…
— Martin Indyk (@Martin_Indyk) March 10, 2024
عبء الخط الأحمر
لم يحدد بايدن ما سيتخذه من إجراءات إذا تجاهل نتنياهو خطوطه الحمراء واستمر في الاستعداد والقيام بغزو مدينة رفح. ويبدو أن بايدن لم يرغب في الإشارة إلى أي رد قد يتخذه، لأنه لا يريد أن يتم انتقاده إذا تراجع عن أي إجراء يفكر فيه الآن، وفقا لمعلقين.
ويدرك بايدن، من خلال خبرته الطويلة في مجلس الشيوخ كسيناتور وفي البيت الأبيض كنائب رئيس، أن تحديد خط أحمر كان سيئا بالنسبة للرئيس السابق باراك أوباما عندما تعلق الأمر بسوريا، وكذلك بالنسبة لجورج بوش عندما تعلق الأمر بكوريا الشمالية وإيران.
ورفض نتنياهو خط بايدن الأحمر، ورد بالقول: “كما تعلم، لدي خط أحمر. هل تعرف ما هو الخط الأحمر؟ ألا يتكرر السابع من أكتوبر/تشرين الأول مرة أخرى”.
وقالت أوليفيا دالتون، نائبة المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض، للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، أول أمس الاثنين، إن “بايدن كان واضحا في مقابلته بأنه لا ينبغي إجراء أي عملية عسكرية في رفح إذا لم تكن هناك خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ لرعاية احتياجات السلامة والأمن لأكثر من مليون مدني يحتمون هناك. ولم نر مثل هذه الخطة بعد”.
حسابات خاطئة
ومنذ بدء حركة المقاومة الإسلامية “حماس” هجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتبع بايدن إستراتيجية الدعم الكامل لإسرائيل، على أمل أن يسمح ذلك للولايات المتحدة ببعض النفوذ على نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة. وأيد بايدن وتبنى موقف نتنياهو المنادي بالقضاء الكامل على حركة حماس، ورفض فكرة الوقف الكامل لإطلاق النار.
في الوقت ذاته رفضت إسرائيل باستمرار نصائح البيت الأبيض المتعلقة بكيفية شن إسرائيل عدوانها، خاصة فيما يتعلق بإستراتيجيات تخفيض أعداد الضحايا المدنيين، مع رفض للضغط الأميركي المطالب بضرورة زيادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
ومع غياب أي رغبة لدى بايدن للضغط الجاد على الجانب الإسرائيلي، لجأت واشنطن إلى إسقاط حزم المساعدات جوا، والآن يقوم الجيش الأميركي ببناء ميناء ورصيف مؤقت لغزة لاستقبال سفن المساعدات.
من هنا إذا غزت إسرائيل رفح، وهو ما يتوقع المعلقون في واشنطن أن يحدث بعد شهر رمضان، فإن السؤال الأكبر بالنسبة لبايدن ربما يتعلق بشروط إدخال كميات كبيرة من المساعدات، وليس بوقف مد إسرائيل بالأسلحة، ومن هنا تزداد أهمية مبادرة بايدن لبناء رصيف وميناء بحري مؤقت لإدخال المساعدات، وهو ما لا يمكن له أن يتم دون التعاون والتنسيق الواسع مع حكومة نتنياهو.
عبء تيارات الحزب
إسرائيل هي أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأميركية في العالم، حيث تزودها واشنطن بحوالي 3.8 مليارات دولار من الأسلحة وأنظمة الدفاع كل عام. ويضغط الرئيس بايدن في الوقت الراهن على الكونغرس لتمرير حزمة مساعدات إضافية لإسرائيل تقدر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار لتعويضها عن أي خسائر بسبب تكلفة العدوان الإسرائيلي الضخمة على قطاع غزة.
ويعتبر بعض المراقبين أن خطاب بايدن القوي ضد نتنياهو هو نتيجة الانقسام المتزايد بين تيارات الحزب الديمقراطي، وهو ما يجعل نتنياهو هدفا لإحباطاتهم.
ويرى معلقون أن ما يقوم به بايدن يهدف بالأساس للظهور كمن يبتعد عن دعم إسرائيل، وذلك إرضاء للجناح التقدمي بالحزب الديمقراطي في منتصف عام الانتخابات، وفي إطار السعي لاستعادة الدعم من الناخبين العرب والمسلمين والناخبين الأصغر سنا الذين انقلبوا ضد موقف بايدن تجاه إسرائيل، مع عدم التضحية بدعم الناخبين المؤيدين لإسرائيل، وذلك بعدم فرض أي عقوبات أو منع وصول الأسلحة لإسرائيل.
سوء تقدير
يقول نتنياهو إن بايدن كان “مخطئا في كلتا الحالتين”، مدعيا أن خطواته السياسية والعسكرية كانت مدعومة من قبل “أغلبية ساحقة” من الإسرائيليين الذين “يدعمون الإجراء الذي يتخذه لتدمير الكتائب المتبقية من حماس”.
وإذا كان هدف إدارة بايدن هو تفكيك ائتلاف نتنياهو الهش، فمن المرجح أن يكون قد جاء بأثر معاكس، فالرأي العام الإسرائيلي -الذي يسعى بأغلبية ساحقة إلى هزيمة حماس عسكريا- يدعم فكرة اقتحام رفح.
وفي حين أن نتنياهو لا يحظى بشعبية ضخمة في إسرائيل حاليا، فإن اقتحام رفح يحظى بدعم واسع من الإسرائيليين من مختلف ألوان الطيف السياسي.
وأظهر استطلاع جديد للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية أن حوالي ثلثي الإسرائيليين يؤيدون توسيع عمليات الجيش الإسرائيلي إلى رفح، بما في ذلك 74% من اليهود المحافظين، و45% من الإسرائيليين اليساريين.
ولا يدعم منافس نتنياهو الأهم، بيني غانتس، موقف بايدن في السجال الدائر مع نتنياهو، إذ تعرض غانتس خلال زيارته لواشنطن، قبل أسبوع، لانتقادات مماثلة من قبل البيت الأبيض بسبب رؤيته للإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.