المساعدات الأميركية تكشف مخاوف الإسرائيليين من الارتهان لواشنطن
القدس المحتلة- رحب المستوى السياسي الإسرائيلي بمصادقة مجلس النواب الأميركي على خطة مساعدات عسكرية واسعة لإسرائيل بقيمة 26.4 مليار دولار، التي حظيت بدعم النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، واعتُبر ذلك مؤشرا لعمق العلاقات ومتانة التحالف بين واشنطن وتل أبيب، ورسالة إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط.
ووسط الترحيب الرسمي، أجمع محللون وباحثون إسرائيليون أن الدعم العسكري الأميركي سيمكّن تل أبيب من استمرار الحرب على جبهتي قطاع غزة ولبنان، لكنه بالمقابل يعكس مدى ارتهان إسرائيل وتعلقها بالولايات المتحدة، واستحالة استغنائها عن الدعم والمساعدات المالية والعسكرية القادمة من واشنطن.
تفاصيل المشروع
جاء تصويت مجلس النواب على مشروع قانون تقديم المساعدات العسكرية الجديدة لتل أبيب، بموافقة 366 عضوا ومعارضة 58، ومن المتوقع أن يوافق عليه مجلس الشيوخ خلال الأيام المقبلة، لنقله لاحقا إلى التوقيع النهائي من قِبل الرئيس جو بايدن.
وتهدف المساعدات إلى تعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية، في ظل استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ سيخصص جزء منها للمنظومة الدفاعية وتعزيز الآليات الهجومية، وجزء آخر سيخصص للمساعدات الإنسانية.
وتشمل الحزمة المخصصة لإسرائيل والبالغة حوالي 26.4 مليار دولار على 4 مليارات دولار لمنظومتي “القبة الحديدية” و”مقلاع داود” الدفاعيتين، و1.2 مليار دولار لنظام الدفاع “مغين أور” الذي يعمل بتقنية الليزر، ويستمر العمل على تطويره خلال الحرب.
وإلى جانب ذلك، تشمل حزمة المساعدات ميزانيات لتعزيز القدرات الهجومية، و4.4 مليارات دولار لتجديد وتحديث المنتجات الهجومية والدفاعية والخدمات الأمنية المقدمة لإسرائيل، و3.5 مليارات دولار لشراء أنظمة أسلحة متقدمة ومعدات هجومية أخرى، و9.2 مليارات دولار مساعدات إنسانية.
ترحيب إسرائيلي
احتفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمساعدات بتغريدة على حسابه في منصة “إكس” قال فيها “لقد وافق الكونغرس الأميركي بأغلبية كبيرة على قانون المساعدات الذي يحظى بتقدير كبير، والذي يعكس المساعدات القوية من الحزبين لإسرائيل ويحمي الحضارة الغربية، شكرا أميركا”.
ومن الجانب الأمني، كتب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على حسابه في “إكس” قائلا “عندما تواجه إسرائيل تهديدات من 7 جبهات، من بينها إيران، فإن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل”.
كما رحب وزير الخارجية يسرائيل كاتس بالموافقة على حزمة المساعدات لإسرائيل، وكتب على حسابه في “إكس” “شكرا لك رئيس مجلس النواب مايك جونسون، على قيادتك التي قادت الجهود لتمرير حزمة المساعدات لإسرائيل في مجلس النواب، وشكرا لزعيم الأقلية عن الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز، الذي دعمها”.
وأضاف كاتس في تغريدته أن “التصويت على حزمة من أجل إسرائيل بدعم ساحق من الحزبين يثبت العلاقات القوية والشراكة الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة، ويبعث برسالة قوية لأعدائنا، آمل أن يتم تمرير الاقتراح في مجلس الشيوخ قريبا بدعم قوي من الحزبين”.
الموقف ذاته عبر عنه رئيس الكنيست الإسرائيلي أمير أوحانا، الذي قال في بيان مقتضب لوسائل الإعلام إن “التصويت بالكونغرس يبعث رسالة قوية وواضحة إلى أعدائنا، مفادها أن التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى”.
وتابع في بيانه “إنني أثني على قيادة رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وسيتذكر التاريخ أنك فعلت الشيء الصحيح في أحد أكثر الأوقات أهمية ومفصلية، وأشكر زعيم الأقلية والأغلبية الساحقة من مجلس النواب الأميركي على إظهارهم من خلال أفعالهم أن العالم الحر لا يزال يقف معا”.
وكتب رئيس “المعسكر الوطني” الوزير بيني غانتس في حسابه على “إكس” أيضا “أود أن أعرب عن تقديري العميق لشركائنا الأميركيين لدعمهم الثابت لإسرائيل منذ 7 أكتوبر، إن حزمة المساعدات التي أقرها الكونغرس تؤكد مرة أخرى للعالم أجمع الالتزام الأميركي الصارم من الحزبين بأمن إسرائيل”.
وأضاف “في هذه الأوقات الحرجة، تعتبر القيادة الأميركية مهمة للغاية في المنطقة، وفي العالم بأسره، القيادة التي تسمح لإسرائيل بحماية قيمنا ومصالحنا المشتركة، أن إسرائيل عازمة على مواصلة النضال من أجل إعادة المختطفين في أقرب وقت ممكن، واستكمال مهمة تفكيك حركة حماس، وبالتعاون مع شركائنا، لتمهيد الطريق لمستقبل أكثر أمانا واستقرارا في المنطقة” على حد تعبيره.
تجديد مخزون الأسلحة
وفي قراءة لدلالات الدعم الأميركي، قال الباحث في معهد الأمن القومي بجامعة تل أبيب عوفر شيلح إن “مشروع قانون المساعدات الخاصة سيسمح لإسرائيل بتغطية جزء كبير من تكاليف الحرب، وسيمكن وزارة الدفاع الأميركية من تحويل مساعدات إلى تل أبيب لتمويل تجديد الموارد من الذخيرة للقوات البرية والاحتياجات الحالية الأخرى، وتجديد المخزونات في المستودعات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي”.
وأوضح أن أقساما أخرى من المساعدات ستخصص لتطوير المنظومات الدفاعية، التي تولي الولايات المتحدة اهتماما بها، وخاصة نظام “مغين أور” الذي يعمل بأشعة الليزر، حيث لن تستخدم هذه المساعدات مباشرة لتغطية تكاليف الحرب.
وأشار شيلح إلى أن المساعدات الأميركية ستسمح -أولا وقبل كل شيء- للجيش الإسرائيلي بتجديد كامل المعدات والأسلحة الأساسية، وكذلك الصواريخ الاعتراضية للدفاع الجوي، قائلا إن “على النظام الإسرائيلي أن يبلور مفاهيم مناسبة لاستخدام المساعدات بالشكل الصحيح”.
تحالف دفاعي
ترى الصحفية الإسرائيلية المختصة بالشأن الأميركي طال شنادير، أن المساعدات المالية والعسكرية الأميركية الضخمة لإسرائيل تعد “تحالفا دفاعيا في الشرق الأوسط بحكم الأمر الواقع”، مع استمرار الحرب في غزة والتصعيد على الجبهة الشمالية مع حزب الله والتوتر الأمني بين إسرائيل وإيران.
وأشارت شنادير إلى أن أولئك الذين تساءلوا عن شكل التحالف الدفاعي مع واشنطن يمكنهم مراجعة آخر أسابيع القتال والتصعيد في المنطقة. وقالت إن “إسرائيل تدين للدعم الأميركي، وفي المقابل يجب عليها الاستماع إلى إملاءات البيت الأبيض، التي تشمل المساعدات الإنسانية لجنوب قطاع غزة والمشاركة بالعمليات العسكرية والتخطيط الإستراتيجي المشترك”.
وكجزء من التحالف الدفاعي الفعلي، تقول شنادير في مقال لها بموقع “زمان يسرائيل” إن “ما تحتاجه إسرائيل حاليا من الولايات المتحدة هو الصبر والدعم المعنوي والمادي لعدة أشهر، وتوريد المعدات العسكرية الدفاعية والهجومية، وربما حتى المساعدات المالية”.
وخلصت للقول إن “التحالف الدفاعي مع الأميركيين يعني أيضا استخدام التهديدات، سواء بالتصريحات أو على أرض الواقع، وعليه يتم في إسرائيل مناقشة المعنى المزدوج للتحالف الدفاعي”.
ولكن، رغم وصفها بالمساعدات الضخمة، تعتقد شنادير أن هذه المساعدات تلحق الضرر بالصورة المستقلة للجيش الإسرائيلي، على حد تعبيرها.