الاخبار العاجلةسياسة

استهداف السفارة الأميركية ببيروت.. خبراء يفسرون الدلالات والأبعاد

بيروت- استفاق لبنان، اليوم الأربعاء، على حادثة إطلاق نار تجاه السفارة الأميركية في منطقة عوكر بجبل لبنان، شمال العاصمة بيروت. ووفق المعلومات الأولية، فقد أطلق أحد الأشخاص النار لنحو ربع ساعة في محيط مبنى السفارة، في حين جرى تمشيط المنطقة للبحث عن مهاجمين آخرين محتملين.

وأثار وصول مطلق النار إلى مدخل السفارة تساؤلات في الأوساط اللبنانية، حيث يقع مبناها في منطقة سكنية تتخذ فيها القوى العسكرية والأمنية إجراءات مشددة، وتقيم الحواجز قبل الوصول إليها بنحو 300 متر، ناهيك عن الحراس المنتشرين بمحيطها.

وليست هذه حادثة إطلاق النار الأولى التي تتعرض لها السفارة الأميركية في بيروت، إذ سبق وتعرضت في سبتمبر/أيلول الماضي لإطلاق نار دون وقوع إصابات. وأعلنت السلطات اللبنانية -حينها- توقيف المهاجم، مؤكدة أنه كان عاملا في خدمة التوصيل يسعى لـ”الانتقام” بسبب تعرضه للإهانة من قبل أحد عناصر الأمن.

مواقف رسمية

وتعليقا على الحادثة، قال الجيش اللبناني -في بيان له- إن مسلحا أطلق النار على السفارة، وأصيب المهاجم الذي يحمل الجنسية السورية خلال تبادل لإطلاق النار مع الجيش. في حين أدان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب الحادثة.

بدورها، أعلنت السفارة الأميركية -في بيان- أنه تم الإبلاغ عن “إطلاق نار من أسلحة خفيفة” بالقرب من مدخلها. وأضافت “بفضل رد الفعل السريع للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، فإن فريق السفارة الأمني والعاملين فيها بخير، والتحقيقات جارية”.

وفق الخبير العسكري العميد ناجي ملاعب، فإن السفارة الأميركية تقع في منطقة سكنية ولديها سور كافٍ لحمايتها. وهناك طريق عام يمر قربها، ويوجد حاجز للجيش اللبناني قبلها بحوالي 300 متر وبعدها. ويرى أنه إذا تم تفتيش كل المارين في هذا الطريق، ستحدث أزمة سير كبيرة.

ويرجح ملاعب -للجزيرة نت- عدة فرضيات بشأن وصول مطلق النار إلى مدخل السفارة الأميركية ومنها:

  • الفرضية الأولى، من الممكن أن يكون شخصا يستقل إحدى السيارات ونزل أمام السفارة، وقد يكون لديه مسدس أو وسيلة إطلاق نار مخفية في السيارة وأقدم على إطلاق النار.
  • الفرضية الثانية، يمكن أن يكون قد تسلل من المناطق الخارجية القريبة إلى أمام السفارة، وهو يعرف أنه لن ينجو بفعلته إذا أطلق النار، لأن المنطقة تحت المراقبة الدائمة.
  • الفرضية الثالثة وهي الأساسية، أن إطلاق النار على السفارة يهدف إلى توظيفه سياسيا في ما يجري بالمنطقة، أي إشغال الرأي العام والقوى الأمنية والسفارة بهذا العمل الفردي حتى اللحظة. والتمشيط الذي قام به الجيش اللبناني وحده يُظهر أنه يمكن أن يكون عملا فرديا أو للفت الانتباه إلى سياسة الولايات المتحدة ودعمها الكامل لإسرائيل.

ويختم العميد ملاعب أن سرعة تحرك الجيش اللبناني وإلقاء القبض على مطلق النار وفّرت الكثير من التكهنات، وموقفا معينا من قبل واشنطن تجاه لبنان.

A Lebanese Red Cross vehicle drives by Lebanese army soldiers, near the U.S. embassy in Awkar, Lebanon June 5, 2024. REUTERS/Mohamed Azakir
تمركز جنود الجيش اللبناني قرب السفارة الأميركية في عوكر (رويترز)

رسالة دون تصعيد

وفي تقدير المحلل السياسي إبراهيم حيدر، فإنه لا يمكن فصل حادثة إطلاق النار على السفارة الأميركية عن التوترات والمواجهات في المنطقة بشكل عام.

ومع ذلك، يوضح للجزيرة نت أنه لا يمكن تصنيف الحادث بالضرورة كنوع من التصعيد من قبل جهات معينة خارج إطار الاصطفاف القائم، بل قد تكون عملية فردية أو رسالة من طرف معين.

ويضيف حيدر أن الحادثة قد تكون جزءا من محاولات لإعادة إحياء وجود جهات معينة، وربما تكون لها علاقة بتنظيمات متطرفة مثل تنظيم الدولة أو رسالة من محور معين لإشعال التوترات في الساحة اللبنانية، وأن بيان الجيش اللبناني الذي تحدث عن الجنسية السورية للمسلح المصاب يشير إلى احتمال عدم ارتباط المجموعة التي نفذت العملية بمحور المقاومة.

وباعتقاد المحلل السياسي، فمن الواضح أنه لا وجود لجهة سياسية مباشرة تندرج تحت محور المقاومة وتهدف إلى تصعيد مباشر ضد الأميركيين. وعبّر عن قلقه إزاء “قدرة الأمن في لبنان”، وسط تساؤلات بشأن قدرة وصول المسلح إلى مدخل السفارة الأميركية، محذرا من إمكانية تكرار حوادث مماثلة في المرحلة المقبلة، مما قد يؤدي إلى زيادة التوترات في البلاد.

Lebanese army soldiers patrol the area near the U.S. embassy in Awkar, Lebanon June 5, 2024. REUTERS/Mohamed Azakir
دورية للجيش اللبناني في المنطقة القريبة من السفارة الأميركية في عوكر (رويترز)

دلالات

من جانبه، يقول الضابط اللبناني السابق والخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية خالد حمادة، للجزيرة نت، إنه لا شك في أن الهجوم على السفارة الأميركية يحمل دلالات كثيرة ويطرح العديد من التساؤلات والأبعاد، منها:

  • البعد الأمني، فالهجوم يشير إلى مؤشرات خطيرة، فإذا كانت هناك مجموعة مسلحة ولم تتمكن القوى الأمنية من توقيفها، فهذا يعني وجود اختراق أمني كبير في محيط السفارة. ويطرح ذلك تحديات أمام القوى الأمنية، وهذا قد يستدعي ضرورة إجراء تعديلات في الإجراءات الأمنية المعمول بها.
  • البعد السياسي، يتجلى في أهمية السفارة الأميركية كمقر أساسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي، فإن هذا الهجوم قد يحمل رسالة موجهة مرتبطة بما يجري في قطاع غزة والجنوب اللبناني، وقد يكون جزءا من سياق المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار.



المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى