قُتل نائبها إبان النكبة.. تعرّف على القنصلية الإسبانية في القدس
القدس المحتلة- حين تمشي في شوارع حي الشيخ جراح تلاحظ بوضوح فخامة المباني وقِدمها، مقارنة ببقية أحياء مدينة القدس، كما تلاحظ انتشار الممثليات العربية والأجنبية فيها، ومن بينها القنصلية الإسبانية، التي تتميز بعمارتها القديمة وبرجها الذي يرفرف فوقه علم إسبانيا، والذي لفت إليه الأنظار بعد الاعتراف الأخير بدولة فلسطين، وهجوم الاحتلال المضاد.
وكانت إسبانيا إلى جانب أيرلندا والنرويج أعلنت، في 28 مايو/أيار الماضي، اعترافها بدولة فلسطينية مستقلة، الأمر الذي أغضب الاحتلال ليطلب من القنصلية الإسبانية في القدس وقف تقديم خدماتها للفلسطينيين اعتبارا من بداية يونيو/حزيران الجاري، بينما هدد وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس باتخاذ إجراءات قد تصل إلى إغلاق القنصلية تماما حال تواصلها مع السلطة الفلسطينية في رام الله.
وردا على تقييد القنصلية وتهديدها، قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل إن “القنصلية الإسبانية في القدس حالة تاريخية، هي موجودة منذ القرن التاسع عشر، وتعمل منذ ذلك الوقت، حتى قبل وجود دولة إسرائيل”.
أقدم بعثة أجنبية
تُعد القنصلية الإسبانية أقدم بعثة دبلوماسية أجنبية في القدس، وقد افتُتحت منذ قرابة قرن ونصف، وظلت تقدم خدماتها رغم أن إسبانيا لم تعترف بإسرائيل إلا عام 1986، أي بعد 19 عاما من احتلال شرقي المدينة، حيث مقر القنصلية الحالية.
وإلى جانب شرقي القدس، توجد لإسبانيا سفارة في تل أبيب، وقنصلية فخرية في حيفا، كما أن القنصلية في القدس قدمت آلاف الخدمات العام الماضي 2023، ومنها إصدار تأشيرات سفر “فيزا” لـ7 آلاف فلسطيني من الضفة الغربية، و1200 فلسطيني من قطاع غزة، و2000 فلسطيني من القدس.
كما تُقدم خدمات أخرى مثل تأمين السفر، ونسخ الوثائق، وتعبئة النماذج، والمساعدات الطارئة لرعايا الدولة الإسبانية.
يقول الباحث المقدسي إيهاب الجلاد للجزيرة نت، إن القنصلية الإسبانية تأسست في القدس أواخر الفترة العثمانية، حيث ظهرت القنصليات بعد عهد محمد علي باشا عام 1840، وكان أول مقر لها داخل البلدة القديمة في طريق الكنائس، التي توازي سوق خان الزيت، وكانت تُسمى طريق الموحدين.
مبنى مستأجَر
وتشغل المبنى في البلدة القديمة حاليا مدرسة “إسبانيول” بعد انتقال القنصلية الإسبانية إلى حي الشيخ جراح في القرن العشرين، عندما بدأت القنصليات تفتتح مقارها خارج سور القدس والبلدة القديمة.
وافتُتحت القنصلية الإسبانية في القدس تزامنا مع الاهتمام الأوروبي بالقدس وفلسطين، وكانت وظيفتها الرئيسة الإشراف على ممتلكات إسبانيا، ثم توسعت خدماتها الثقافية والسياسية مع مرور السنوات.
ووفق مصادر خاصة للجزيرة نت، فإن مبنى القنصلية الإسبانية الحالي في الشيخ جراح، بُني عام 1955 من 3 طوابق بمساحة 280 مترا مربعا لكل طابق، حيث تعود ملكيته لعائلة “سيفزتيان” الأرمنية المقدسية، وتستأجره القنصلية منها.
كما أن المبنى كان يقع قرب خط الهدنة سابقا (الفاصل بين شرقي القدس وغربيها)، وقرب مكتب منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، الذي تشغله القنصلية التركية حاليا.
#إسبانيا لإسرائيل: قنصليتنا في #القدس أقدم من دولتكم #شبكات #حرب_غزةpic.twitter.com/o2r5a73InF
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 4, 2024
استهداف الاحتلال
لم يكن تهجم الاحتلال الأخير على القنصلية الإسبانية في القدس الأول في تاريخها، حيث قُتل نائب القنصل الإسباني والقائم بأعماله مانويل ألزاس سالازار، في يناير/كانون الثاني عام 1948، بعد تفجير العصابات الصهيونية فندق سميراميس بحي القطمون غربي القدس، كما خرّب مستوطنون عام 1985 سيارة القنصل آنذاك، انتقاما من اعتراف إسبانيا بمنظمة التحرير الفلسطينية.
يُذكر أن غالبية القنصليات الأجنبية بالقدس، التي وُجدت بعد النكبة عام 1948، تقع في حي الشيخ جراح شرقي القدس، الذي أُطلق عليه “حي القنصليات” لجماله وقربه من سور القدس، وطريق المواصلات العامة باتجاه الشمال.
وتقع فيه إلى جانب القنصلية الإسبانية، القنصليات التركية والفرنسية والبريطانية والبلجيكية والإيطالية والسويدية واليونانية، كما كان الحي بديلا مثاليا للقنصليات التي احتلت العصابات الصهيونية مبانيها غربي القدس عام 1948.