لماذا نشرت الحكومة العراقية قوات النخبة في بغداد؟
بغداد- أفاد جهاز مكافحة الإرهاب في العراق -في بيان له- بأن سبب انتشار دوريات تابعة له في بعض شوارع العاصمة بغداد هو مساعدة القوات الأمنية في حفظ الأمن والاستقرار.
ويأتي ذلك ردا على ما نشرته صحيفة “واشنطن بوست” من أن هذا الانتشار جاء لحماية المطاعم ذات العلامات التجارية الأميركية، التي سبق أن تعرضت لهجمات من مسلحين، “لأنها تساعد في تمويل عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة”.
وانتقد الجهاز الصحيفة ووسائل إعلام أخرى ومواقع التواصل التي تحدثت عن أن وجود دوريات من الجهاز يهدف إلى حماية المطاعم الأميركية.
مهام جديدة
ولفتت صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن الاحتجاجات في العراق بسبب الحرب المتواصلة منذ 8 أشهر على غزة، تحولت خلال الأسابيع الأخيرة إلى “هجمات على المطاعم الأميركية”، مما دفع السلطات العراقية إلى التدخل ونشر وحدات مكافحة الإرهاب “المدربة أميركيا” في أرجاء العاصمة بغداد، وفق المصدر ذاته.
وحسب تقرير نشرته الصحيفة الأحد الماضي، فإن هذه الوحدات الخاصة كانت ساعدت سابقا في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وكُلفت اليوم “بحماية المطاعم صاحبة التراخيص الأميركية من هجمات الحشود الغاضبة”.
وأواخر مايو/أيار الماضي، استهدفت جماعات مسلحة مطاعم عديدة تحمل أسماء وكالات أميركية في بغداد، قالت إنها تساعد في تمويل عمليات جيش الاحتلال في غزة، وإنها ترفض استخدام الأراضي العراقية في مشاريع استثمارية من هذا النوع.
ولم يتسن للجزيرة نت معرفة إذا ما كانت تلك المطاعم لديها تصاريح عمل أميركية أم لا، أم أن الأمر لا يعدو كونه تشابه أسماء وأن مالكيها ليسوا أميركيين.
بيد أن السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوسكي دعت، يوم 28 مايو/أيار الماضي، الحكومة العراقية إلى إجراء تحقيق شامل ومنع أي هجمات مستقبلية، مؤكدة أن مثل هذه الهجمات “يمكن أن تُضعف قدرة العراق على جذب الاستثمارات الأجنبية”.
رسائل طمأنة
وعن سبب انتشار دوريات من قوات النخبة في بعض مناطق بغداد، خاصة في حي الكرادة الذي وقعت فيه غالبية الهجمات، قال المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب صباح النعمان إن هذا الإجراء يهدف لبعث رسائل طمأنة للشعب العراقي كون الجهاز يحظى بثقة كل أطيافه. ونفى أن يكون هذا الانتشار لأغراض خاصة، ومنها حماية المطاعم أو أي أماكن بعينها.
وأضاف النعمان -للجزيرة نت- أن الجهاز يرتبط مباشرة بالقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وهو يتبع وينفذ الأوامر التي تصدر عنه، مشيرا إلى أن تلك القوات تنتشر بين الحين والآخر لمساندة القوات الأمنية الأخرى.
ويرى الخبير العسكري حاتم الفلاحي أن نشر دوريات من قوى جهاز مكافحة الإرهاب في شوارع بغداد يبعث رسائل للمستثمرين الموجودين في البلاد بأن الدولة قادرة على حماية مشاريعهم التي تحتاج إلى بيئة آمنة، قائلا إن مهاجمة المطاعم الأجنبية في البلاد تعطي رسائل سيئة بأن العراق غير مستقر.
ويضيف الفلاحي -للجزيرة نت- أن مهام حماية المطاعم والمنشآت المدنية هي من اختصاص أمن وزارة الداخلية، معتبرا أن وجود جهاز مكافحة الإرهاب لهذا الغرض يثير علامات استفهام، ويقول إنه إذا ظهرت أي تهديدات مستقبلا، فستعيد الحكومة الإجراءات ذاتها.
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية في الرابع من يونيو/حزيران الحالي إلقاء القبض على أشخاص اعتدوا على مطاعم ومراكز تجارية في العاصمة بغداد. وذكر بيان لها أن “حوادث تخريب ورمي عبوات محلية الصنع حصلت في بغداد طالت عددا من المطاعم ذات العلامات الأجنبية، من قبل أشخاص يستقلون دراجة نارية وسيارات”.
ووفق المصدر ذاته، توصلت الوزارة لأسماء المنفذين وألقت القبض عليهم، وفق أحكام المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب، لافتا إلى أن بعض المتهمين “ينتمون إلى أحد الأجهزة الأمنية، حيث تم توقيفهم لإحالتهم على المحاكم المختصة”.
انفلات أمني
من جانبه، يقول مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن الخبير السياسي نزار حيدر إن عمليات الاستهداف تقف وراءها فصائل مسلحة “تعمل لصالح قوى سياسية لا ترغب في نجاح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي بدأ ينافسها في الشارع”.
ويؤكد أن الحكومة من جانبها حريصة جدا على منع مثل هذه الهجمات التي تضر بسمعة العراق الذي يسعى لجذب رؤوس الأموال العالمية للمشاركة في الاستثمار والبناء والتنمية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى حيدر أن نشر القوات الأمنية في بغداد دليل على الانفلات الأمني، ولذلك سعت الحكومة إلى نشر كل أنواع القوى الأمنية، ومن بينها الجيش ومكافحة الإهاب، للحيلولة دون تكرار الهجمات التي ستعطي صورة سيئة لوعود السوداني بحماية رأس المال الأجنبي الذي سيأتي للعراق للمشاركة في الاستثمار.
وجاء في المادة الثانية من قانون جهاز مكافحة الإرهاب المقر عام 2016 “أن الجهاز يهدف إلى مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله والقضاء عليه”.
وبخصوص تأثير مهاجمة المصالح الأميركية في العراق من الناحية الاقتصادية، يبين الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش أن العراق قطع أشواطا طويلة في تحقيق الأمن، مما أدى إلى تنشيط الاستثمار المحلي والأجنبي.
ويوضح للجزيرة نت أن توجه المجتمع العراقي الآن اقتصادي، وهناك حاجة إلى العمل مع تزايد أعداد العاطلين عن العمل، لذلك فإن الدولة تسعى لدعم القطاع الخاص، معتبرا أن ما حدث من استهداف للمطاعم “هو خرق وليس ظاهرة”.
ويقول إن الأمر مؤقت وتمت معالجته وربما لا يتكرر، ولا بد من طمأنة المستثمرين، خاصة أن البنية الأساسية للاقتصاد هي “وجود الأمن، وهو متوفر في البلاد”.