تاريخ كرة القدم يخبرنا عن بدايات سيئة لمنتخبات تحولت إلى نهايات أسطورية
يكشف تاريخ كرة القدم عن بدايات سيئة لبعض المنتخبات تحولت إلى قصص نجاح كبيرة في البطولات الكبرى، ومنها كأس أمم أوروبا، وآخر البدايات السيئة كانت لمنتخب الأرجنتين الذي خسر في أولى مبارياته أمام السعودية في كأس العالم 2022 لكنه توج بلقب المونديال الذي أقيم في قطر.
وإذا كان الأمر يتعلق بالأداء وليس بالنقاط، فإن بداية إنجلترا في بطولة أوروبا لكرة القدم 2024 كانت سيئة، لكنها أظهرت سابقا أنه لا ينبغي على الجماهير أن تتعجل في التخلي عن أحلامها بسبب أداء باهت في دور المجموعات.
وجاء أعظم انتصار لإنجلترا، وهو الفوز بكأس العالم 1966، بعد تعرضها لانتقادات بسبب التعادل السلبي في المباراة الافتتاحية أمام أوروغواي، وهو ما منح الفريق نموذجا صنعه المدرب ألف رامسي منذ 58 عاما في كيفية مواجهة انتقادات وسائل الإعلام.
وفي كأس العالم 1986، خسرت إنجلترا أمام البرتغال وتعادلت سلبيا مع المغرب. وبعد سلسلة من الإصابات وتعرض اللاعبين للإيقاف منح المدرب بوبي روبسون حرية الحركة للاعب المفضل لدى الجماهير جلين هودل، ليتحسن أداء الفريق الذي غادر لسوء الحظ من دور الثمانية بعدما سجل دييجو مارادونا هدفا بيده والذي وصفه بأنه جاء بواسطة “يد الرب” وأضاف آخر بطريقة رائعة في انتصار الأرجنتين.
وعاشت إنجلترا قصة مماثلة بعد 4 سنوات وعقب تعادلين بأداء باهت، تفوقت على مصر ليصعد فريق المدرب روبسون لصدارة المجموعة بعد أن سجل هدفين، وهو نفس رصيد الفريق التهديفي في بطولة أوروبا الحالية بعد 3 مباريات أيضا.
وبعد شيء يشبه ثورة للاعبين أدت إلى تغييرات خططية في إنجلترا، تقدم الفريق في البطولة لكن بعد أسبوعين تعرض للخسارة بركلات الترجيح أمام ألمانيا الغربية في الدور قبل النهائي. ولا تزال هذه التشكيلة هي “ثاني أفضل” تشكيلة للبلاد بعد النجاح الذي تحقق عام 1966.
ولا يزال يتم تذكر صيف عام 1996 الرائع، حين استضافت إنجلترا بطولة أوروبا، بهدف بول جاسكوين الرائع أمام أسكتلندا والفوز الرائع على هولندا قبل خسارة مؤلمة أمام ألمانيا بركلات الترجيح في الدور قبل النهائي وهي نتيجة منعت “كرة القدم من العودة إلى مهدها”.
وبدأت إنجلترا بطولة 2020 بتعادل باهت أمام سويسرا على ملعب ويمبلي؛ الأمر الذي دفع وسائل الإعلام إلى مهاجمة اللاعبين لذهابهم إلى ملهى ليلي قبل انطلاق البطولة.
ولم تتمكن إنجلترا من تحقيق النجاح المأمول على ملعبها مجددا في بطولة 2020، وسجلت هدفين مرة أخرى خلال أداء متواضع في دور المجموعات قبل أن تثبت نفسها وتبلغ النهائي للمرة الأولى لكنها خسرت اللقب لصالح إيطاليا.
وخلال الدور قبل النهائي، تفوقت إنجلترا على الدانمارك التي حققت تحولا مذهلا بعد خسارتها في أول مباراتين في دور المجموعات.
وكانت نتائج الدانمارك عام 1992 أكثر سوءا من رحلة إنجلترا لنهائي عام 2020، بعدما توجت باللقب رغم أنها استهلت مشوارها بالتعادل والهزيمة في بطولة لم يكن من المفترض أن تشارك فيها لولا حرمان يوغوسلافيا من اللعب.
وشهدت بطولة أوروبا 2016 انطلاقة متواضعة للبرتغال بعدما تعادلت 3 مرات في دور المجموعات لتتأهل مستفيدة من تقدم أفضل 4 فرق حلت في المركز الثالث، وشقت طريقها لتفوز ببطولة كبرى لأول مرة.
انتصارات لا تُنسى
جاءت بعض الانتصارات التي لا تنسى في كأس العالم بعد بدايات متواضعة، إذ تعافت الأرجنتين في مناسبتين من الانتقادات لتفوز باللقب أو تبلغ النهائي.
وكانت خسارتها في مستهل مشوارها كحاملة للقب في كأس العالم 1990 أمام الكاميرون من أكبر المفاجآت في تاريخ الرياضة. لكنها تقدمت لمرحلة خروج المغلوب في المركز الثالث بالمجموعة وخسرت في النهائي أمام ألمانيا.
وفي عام 2022، صُنفت خسارتها أمام السعودية من ناحية الإحصاءات على أنها أكبر مفاجأة في تاريخ كأس العالم لكن لم يكن أحد يتحدث عن ذلك بعد شهر عندما رفع ليونيل ميسي اللقب.
وبدأت إيطاليا انتصارها المثير عام 1982 بـ3 تعادلات باهتة أمام بولندا وبيرو والكاميرون، ما جعل وسائل الإعلام المحلية تطالب باستبعاد باولو روسي المهاجم العائد لتشكيلة المنتخب وقتها.
لكن روسي أحرز ثلاثية في مرمى البرازيل وأضاف هدفين في الدور قبل النهائي وافتتح التسجيل في النهائي أمام ألمانيا الغربية ليصبح معشوق الجماهير في البلاد.
وجاءت أعظم انتصارات إسبانيا والفوز بكأس العالم 2010 بعد بداية غير مبشرة عندما خسرت بطلة أوروبا مباراتها الافتتاحية أمام سويسرا ثم تخطت هندوراس وتشيلي بصعوبة قبل أن تسير بثقة لحصد اللقب للمرة الأولى.
وكانت آخر التقلبات، وربما أكثرها إثارة للدهشة، في كأس الأمم الأفريقية هذا العام عندما خسرت ساحل العاج صاحبة الضيافة وصاحبة التاريخ الكبير 4-0 أمام غينيا الاستوائية الصاعدة في آخر مباريات دور المجموعات.
لكنها انتفضت بعد إقالة مدربها وتأهلت لدور الـ16 ضمن أفضل 4 منتخبات حلت في المركز الثالث، وفازت بركلات الترجيح على السنغال حاملة اللقب قبل استعادة مستواها والتفوق على نيجيريا، التي فازت على ساحل العاج في دور المجموعات، في النهائي.
وعلى المستوى الأفريقي أيضا، خسرت مصر المباراة الافتتاحية لكأس أمم أفريقيا عام 1986 أمام السنغال بهدف بوكاندي، ثم توجت بلقب البطولة على نفس الملعب (ملعب القاهرة الدولي).
وبطبيعة الحال، لم تخسر إنجلترا في ألمانيا وتأهلت متصدرة لمجموعتها برصيد 5 نقاط، وهو ما ترك المدرب غاريث ساوثغيت في حيرة من ردود الفعل المخيبة للجماهير ووسائل الإعلام.
ويدرك ساوثغيت أنه سيتم نسيان كل ذلك إذا تحول أداء إنجلترا بطريقة أو بأخرى للعب بطريقة هجومية وقدمت عروضا أفضل من البطولة السابقة وفازت باللقب؛ إذ سارت الأمور هكذا من قبل وتم نسيان الأداء الضعيف في البداية مع التتويج باللقب في نهاية المطاف.