تونس.. تجدد توقيف المعارضين يشكك بنزاهة الانتخابات الرئاسية
تونس- أثار توقيف الأمين العام لحركة النهضة التونسية العجمي الوريمي، موجة جديدة من الانتقادات لنظام الرئيس قيس سعيد، الذي تتهمه الأحزاب المعارضة باستغلال أدوات الدولة للقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها مقابل الزج بمنافسيه السياسيين في السجون.
وكان سعيد -الذي ستنتهي ولايته من 5 سنوات في أكتوبر/تشرين الأول المقبل- قد دعا مؤخرا الناخبين إلى الاقتراع في الانتخابات الرئاسية القادمة في السادس من الشهر ذاته. ورغم أنه لم يعلن بعد ترشحه فإن مؤشرات عدة تُنبئ بذلك.
ورغم أن المعارضة -ومنها حركة النهضة، المكون الرئيس لما يُعرف بجبهة الخلاص الوطني أو غيرها من الأحزاب السياسية- لم تقرر بعد رسميا مقاطعة الانتخابات القادمة أو المشاركة فيها، فإنها توجّه وابلا من الانتقادات والشكوك في نزاهة الانتخابات.
مضايقات
يقول عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة بلقاسم حسن -للجزيرة نت- إن توقيف الوريمي فيه مسّ صارخ بحريته، لأنه لم يكن موضع تفتيش أمني أو تتبّع قضائي، معتبرا أن هذا التوقيف يعكس صورة المناخ العام والتضييقات التي ستُجرى فيها الانتخابات.
ولم تقدّم السلطات التونسية أي توضيحات حول سبب توقيف الوريمي. وتشير تسريبات إلى أنه تقرر إحالته على التحقيق أمام “القطب القضائي لمكافحة الإرهاب”. وتتهم أطراف مؤيدة للرئيس سعيد حركة النهضة “بمحاولة تأجيج الأوضاع”.
وفي بيان لها، طالبت الحركة بإطلاق سراح أمينها العام وبقية المساجين السياسيين المتهمين “بالتآمر على أمن الدولة”، معتبرة أن هذا التوقيف الجديد “يعزز المخاوف من أن الانتخابات القادمة لن تكون ديمقراطية أو نزيهة في ظل تجريم حق العمل السياسي”.
ومنذ فبراير/شباط 2023، يقبع في السجن العديد من قياديي النهضة أبرزهم زعيمها راشد الغنوشي بتهم متعددة أخطرها “شبهة التآمر على أمن الدولة”. كما أغلقت السلطات التونسية مقرات الحركة ومنعت أي نشاط سياسي فيها منذ ما يزيد على سنة كاملة.
وبرأي بلقاسم حسن، كان يجدر بنظام الرئيس سعيد أن يقود البلاد نحو التهدئة وتنقية المناخ السياسي تزامنا مع الانتخابات الرئاسية، وتوفير الشروط والضمانات لتنافس انتخابي حقيقي يكون فيه الشعب هو الفيصل.
وأوضح أن الحركة ستصدر موقفها الرسمي بخصوص المشاركة أو عدمها بعد التمعن في مناخ العملية الانتخابية، “رغم أنها متيقنة أن المناخ العام لا يمهد لانتخابات تضمن تكافؤ الفرص بين الرئيس وخصومه الذين يواجهون السجون والتضييق”، وفق قوله.
توقيفات
وقبل أيام قليلة، تم التحقيق مع الأمين العام لحزب العمل والإنجاز والقيادي المستقيل من النهضة عبد اللطيف المكي، والمرشح للانتخابات الرئاسية القادمة. وقد اتخذ القضاء في شأنه تدابير احترازية منها منع السفر إلى الخارج وحظره من الظهور الإعلامي.
وقبل ذلك، تم توقيف المرشح للانتخابات والأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي، قبل الاحتفاظ به في السجن بشبهة “تبييض الأموال”. وبعد توقيفه، نشر فيديو على صفحته في فيسبوك قال فيه إن “توقيفه جاء ردا على ترشحه”.
ويقول القيادي في حزب التيار الديمقراطي المعارض هشام العجبوني -للجزيرة نت- إن المناخ العام لا يهيئ إلى إنجاز انتخابات رئاسية تعددية ونزيهة لاعتبارات عدة منها عدم استقلالية هيئة الانتخابات والقضاء والإعلام العمومي عن السلطة التنفيذية.
وبرأيه، فإن الانتخابات القادمة “هي بمثابة سباق الرجل الواحد” في إشارة إلى الرئيس سعيد الذي “فرض موعدا وشروطا انتخابية على هيئة الانتخابات، ومناخا من الخوف على القضاء بسبب عزل القضاة ونقلهم تعسفيا وسجن عدد من الإعلاميين”.
وفضلا عن زج خصوم الرئيس في السجن لا سيما المرشحين منهم، يقول العجبوني إن شروط الترشح -وخاصة مطالبة المترشحين بتقديم وثائق تُستخرج من إدارات خاضعة للسلطة التنفيذية- “تتضمن سوء نية للتقليص من حظوظهم”.
شيطنة
وتنطلق عملية قبول الترشحات في 29 يوليو/تموز الجاري على أن تغلق بعد أسبوع. وتنطلق الحملة الانتخابية يوم 14 سبتمبر/أيلول القادم لتنتهي في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، أي قبل يومين من موعد الانتخابات في داخل البلاد.
لكن المعارضة تتهم الرئيس سعيد بالقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها عبر استغلال أدوات الدولة من خلال زيارات ميدانية لعدد من المناطق المهمشة، والاحتكاك بالمواطنين، والإعلان عن إجراءات لفائدتهم بهدف استمالتهم.
في المقابل، يقول أحمد الكحلاوي، الناشط السياسي المؤيد للرئيس التونسي، إن سعيد يحظى بثقة جزء واسع من الناخبين بفضل نزاهته ونظافة يده، واعتبر اتهام المعارضة له بفبركة المناخ الانتخابي لإقصاء منافسيه، “مجرد اتهامات واهية وذرف دموع لا غير”.
ويضيف الكحلاوي للجزيرة نت أن المعارضة التي تهاجم سعيد هي أحزاب حكمت البلاد طيلة العشرية الماضية بعد الثورة لتحقيق مصالحها الضيقة دون مراعاة المصلحة العامة، معتبرا أنها تسعى اليوم لشيطنة الرئيس لاستعادة موقعها في السلطة.
وردا على انتقادات المعارضة بخصوص الزج بمنافسي سعيد في السجن، يقول الكحلاوي إن القضاء هو الوحيد الذي يتحمل مسؤوليته في تبرئتهم أو إدانتهم، مشيرا إلى أن البلاد تحتاج إلى الذهاب إلى انتخابات نزيهة يكون الشعب التونسي هو الفيصل فيها.
وكان الرئيس سعيد قد اتخذ جملة من التدابير الاستثنائية يوم 25 يوليو/تموز 2021، حل بموجبها البرلمان السابق الذي كانت حركة النهضة تتمتع فيه بأغلبية، وألغى الدستور وعوضه بآخر جديد غيّر به النظام من برلماني إلى رئاسي يتمتع فيه بصلاحيات واسعة.