وسط اتهامات وتكهنات.. هل يعود وزير الداخلية التركي السابق صويلو للحكومة؟
أنقرة- نفى وزير الداخلية السابق والنائب البرلماني سليمان صويلو عزمه الاستقالة من حزب العدالة والتنمية الحاكم أو تأسيس حزب جديد، وسط حملة من الاتهامات بحقه من قبل المعارضة التركية والتكهنات بشأن خطواته المستقبلية.
جاء نفي الوزير السابق ردا على ادعاءات الصحفية التركية نوراي باباجان التي زعمت أن صويلو يخطط للاستقالة من الحزب وخوض الانتخابات بحزب جديد ليكون مركزا جديدا للسلطة في المرحلة المقبلة.
وفي رده على هذه الادعاءات، قال صويلو إن التفكير في الاعتراض على قيادة رجب طيب أردوغان وتأسيس حزب جديد يُعد “جنونا سياسيا”. وأكد قائلا “أقول للذين يروّجون لهذا الكلام؛ حياتي السياسية تمتد 40 عاما، والسياسة بنظري تتحدد بالولاء لله والوطن والحق، وليس بالشائعات. مكان نضال عائلتنا هو حزب العدالة والتنمية وتحالف الشعب”.
عصابة كابلان
وفي خطوة مفاجئة، أعلن سليمان صويلو -عبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي- عن نيته طلب رفع الحصانة البرلمانية عنه.
جاء هذا الإعلان بعد تصريح أدلى به المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، دنيز يوجيل، قبل شهر، حول تحقيقات متعلقة بزعيم عصابة يدعى آيهان بورا كابلان، إذ قال يوجيل “أحد أهم الشخصيات الرئيسية في هذه الأحداث هو سليمان صويلو الذي نصفه بـ”وزير الجرائم”. يجب رفع الحصانة فورا عنه وضمّه إلى عملية المحاكمة”.
بناء على هذه التصريحات، طلب صويلو رفع الحصانة البرلمانية عنه حتى يتمكن من مواجهة الاتهامات الموجهة إليه في المحكمة ودحض الشائعات.
كذلك أعاد صويلو السيارات التي خصصتها له وزارة الداخلية، ومنها سيارة مصفحة. وفي حين حاولت وزارة الداخلية رفض تسلّم السيارة المصفحة التي أعادها صويلو، ترك مرافقوه السيارة على بعد كيلومتر من الوزارة.
وفي منتصف مايو/أيار الماضي، أعلنت مديرية أمن أنقرة إيقاف 4 موظفين في فرع مكافحة الجرائم المنظمة بالمديرية، بينهم نائب رئيس شرطة أنقرة، ومدير فرع مكافحة الجريمة المنظمة، ونائبه وأحد المعاونين، بتهمة التعاون مع عصابة “كابلان”.
وأفادت تقارير أكدتها أطراف في الحكومة بأن هؤلاء الضباط مارسوا ضغوطا لإدراج أسماء مقربة من الرئيس أردوغان، مثل رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخر الدين ألطون، ومدير مكتب الرئيس حسن دوغان، ووزير الداخلية السابق سليمان صويلو، في إفادات قيادي بعصابة “كابلان” كان قد قُبض عليه سابقا، لتشويه سمعتهم وتلفيق تهم ضدهم، في محاولة وُصفت بأنها “انقلاب على حكم الرئيس أردوغان”.
وتعرض وزير الداخلية السابق سليمان صويلو لسلسلة من الاتهامات في هذه القضية، إذ اتهمه البعض بالتنسيق مع منظمة “كابلان” لتحقيق مصالح شخصية، بينما وجهت له بعض الأحزاب انتقادات بالتقصير في كشف ألاعيب المنظمة بالسرعة الكافية، بالإضافة إلى الإفادات التي أدلى بها زعيم العصابة بدعم من الضباط المعتقلين.
ويحاول صويلو الآن الدفاع عن نفسه ودحض هذه الاتهامات، في مسعى للحفاظ على سمعته السياسية وسط هذه التحديات.
لقاء مع أردوغان
والتقى صويلو بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القصر الرئاسي الأربعاء الماضي، على خلفية طلبه رفع الحصانة عنه. وعند سؤاله عن تفاصيل القضايا التي تناولها اللقاء، اعتذر صويلو عن الإجابة بحجة أنها أمور خاصة.
وفي سياق متصل، لفت صويلو الأنظار بحضوره مهرجان الذكرى الخمسين لـ”عملية السلام” العسكرية في قبرص، أمس السبت، حيث ظهر بجوار الرئيس أردوغان والصف الأول من قيادة الدولة. أعقب ذلك تسريب وسائل إعلام تركية ادعاءات حول إمكانية تعيين صويلو نائبا لرئيس الجمهورية.
فبعد الخسارة التي تكبدها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية الماضية، بدأ الحزب في إعادة تنظيم صفوفه ومعالجة نقاط الضعف التي أثارت غضب الشارع التركي وفتحت باب الانتقادات. وتعهد أردوغان بإجراء تغييرات في هيكلية الحزب والحكومة، مؤكدا ضرورة تحقيق تحسينات تواكب تطلعات المواطنين.
وفي هذا السياق، كانت وزارتا الصحة والبيئة من أوائل الوزارات التي شهدت تغيير وزرائها، بالإضافة إلى تغيير عدد كبير من المحافظين.
وأفادت وسائل إعلام تركية، نقلا عن مصادر في الحزب الحاكم، بأن الرئيس يعتزم تغيير 4 وزراء على الأقل، لا سيما وزارتي التجارة والعمل والضمان الاجتماعي.
ومن المقرر أن تحدث التغييرات في الطاقم الإداري للحزب وفق جدول زمني محدد. ووفقا لنتائج الاجتماعات التي عُقدت مع منظمات الحزب ورؤساء البلديات، من المتوقع إجراء تغييرات في نواب رئيس الحزب. كذلك سيُعاد النظر في التوصيف الوظيفي لبعض نواب الرئيس، ومن المتوقع اتخاذ خطوات جديدة في مجالات مثل التنظيمات والإدارات المحلية وشؤون الانتخابات.
بين الصعود والاستقالة
في حديثها للجزيرة نت، أوضحت الصحفية نرجس ديميركايا أن تحركات سليمان صويلو في الساحة السياسية تُراقب بدقة من قبل مؤيديه ومعارضيه. ومن المتوقع أنه في حال تعيينه نائبا للرئيس أن تطرأ تغييرات جذرية على سياسات تركيا الداخلية والخارجية، مما يجعل هذا الدور الجديد لصويلو نقطة تحول حاسمة لمستقبل حزب العدالة والتنمية والتوازنات السياسية في البلاد.
وأشارت ديميركايا إلى أن استقالة صويلو من حزب العدالة والتنمية، إن حدثت، لن تكون بسبب عزلته داخل الحزب فقط، بل أيضا نتيجة للتحركات المستمرة ضده.
فقد شهدت وزارة الداخلية بعدما تركها؛ تصفية لموظفيه. فعلى سبيل المثال، قام وزير الداخلية الحالي علي يرلي كايا قبل يومين بإقالة وتغيير مناصب العديد من الأشخاص الذين تم تعيينهم خلال فترة صويلو في رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية. وقد لوحظ نقل المديرين المفصولين المقربين منه إلى وظائف “باحثين”، وهو أمر تكرر مرات عدة وأثار شكاوى مستمرة من صويلو.
ولفتت إلى أن صويلو يحظى بشعبية كبيرة في الشارع التركي حيث يصف البعض فترته في الوزارة “بالذهبية”، كما أن علاقاته الوطيدة مع حزب الحركة القومية، حليف حزب العدالة والتنمية، قد تؤثر إيجابيا على احتمال عودته إلى التشكيل الحكومي قريبا.